المسيني - شوقي بزيع | القصيدة.كوم

شاعرٌ وكاتبٌ لبنانيٌّ تمكَّن من كتابة ما لم يكتب قبله ولا ينبغي لأحدٍ من بعده. حمل بردة عكاظ. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2016-2017 في مجال الشعر (1951-)


3851 | 5 | 2 | 3




النجوم وأطيافها،
البرقُ،
زقزقة الروح في الريح،
والاشتباهُ بأني أسابق شهراً من الكستناءِ
إلى راحةِ امرأةٍ،
والجلوسُ على مقعد شاغرٍ
بانتظار الحفيف البعيدِ
لصيف حزينْ
هكذا ... تطلعينْ!
سلاماً على جسدٍ مظلمٍ
كي يفتَّح أنهاره خفيةً في ظهيرةِ أنثى،
أو سهاماً تمزَّق بالاشتهاء المجرَّد صدر السنينْ
ورملاً يباعدُ ما بين يومين، لا نلتقي فيهما،
كي يناما على أملٍ باللَّقاء
ويسترَ عُرْيهُما عنكبوتُ الحنينْ
هكذا تطلعينْ
برفقةِ حقلٍ من البيلسان
لكي تفضح بالدم المتسارع
شيخوخة الآخرينْ
كلُّ ما تلمسينْ
تحوَّله راحتاك إلى ذهب أو عصافير،
والأرضُ تصبح أبسطَ من زهرةٍ حينما تضحكينْ
وإذ تخلدين إلى النوم
يبيض سربا حمام بطول ذراعيك
ثم يصيران للتوَّ
نهراً من الياسمينْ
وإذ تصعدين السلالم
ترقى كراتٌ من الهندباء إلى قدميك
اللتين تجران خلفهما جدولين صغيرين
من فضّة وطحينْ
وإذ تغسلين الصحون
أتابع مجرى يديك
الذي يتدرج في سحره
من فطور الصباح إلى الغيمة العابرهْ
البيوت التي لا تكونين فيها تضيق بجدرانه الموحشهْ
الثياب التي ترتدين سواها تئن من البرد
والكلمات التي لا تقولينها
تتجمع مثل الأرامل حول ضريح اللغهْ
بأي يدٍ سوف أدفع هذا الحنين إلى الخلف حين تغيبين؟
بأي ذراعٍ ألوّح هذا المساء لضحكتك الهاربهْ
وأي الجبال أنا
كي أجاري الهديل
الذي يتسلق قمصان نومك؟
أي السيوف أنا
كي أقلّمَ وردَ الغياب الذي تسكنينْ؟
المسيني ليسترجع العمر ما فات من جسدي المرّ،
أو ما تحجّر من قبلاتي على شفة الازمنهْ
ينبغي أن تغيبي لكي تفضحي وحشتي،
أن تذوبي
لكي يسكت الماء عنّي
إذا سلتُ شوقاً إلى صوتك السكري
الذي توأمته البلابل مع نفسها في الصباحات
واتّخذته الطبيعةُ صنوا لأقمارها الناصعهْ
ينبغي أن يضمّك شخصٌ سواي
لكي تدركي كم أحبُّك!
أن يتشرّد نهداكِ في وترٍ غير كفّيَّ
كي يخلع الناس أسمالهم فوق جسمي الفقير
وكي يرفعوني كذئبٍ مريضٍ
عن الأرصفهْ
كأني أجرُّ السنين إليك لكي تسكتي جوعها
أو كأنّ النساء اللواتي تعاقبن فوق سطوح دمي
لم يكنّ سوى حشرجاتٍ
تحصِّنُ هذا المهبَّ الذي يدّعيك
لئلا تصبَّ رياحي
بمجرىً سواه.
إذن، كل ما تفعلين لأنسى سدى
كلّ هذي الشروخ التي ترتقين بها هوّةَ الصمت
هرطقةٌ فارغهْ
وكلّ دمٍ لا يله اشتعالي على جمر كفّيكِ أضغاثُ دمْ
وكلُّ يدٍ لا تردّين عنها هواء الذبولِ مرشّحةٌ للهرمْ
المسيني لأرجع عشرين عاما إلى الخلف،
مسّي بأهداب عينيكِ أطراف روحي
لأطردَ عني فلولَ الشياطين،
أو ما تجمّعَ تحت الشرايين من فضلات الحروب
وما خلّفته الدروبُ
التي أسلمتني إلى هوّة الأربعينْ
المسيني لكي لا أضلَّ طريقي إلى البيت،
كي أهتدي بيديك السرابيتين
إلى سنوات الصبا الضائعهْ
وإن جاء وقت حنيني
فلا تدعي الشوق يدفعني عاليا
خلف سور انتظارك،
لا تدعي فوق ليل الوسادة ثلما
يوّسدني جرحه،
أو مضيقا يعيد إلى ثغري املتعطش تفاحة المعصيهْ
كيف لي أن أسوق الربيع إلى نحلةٍ
لا تسمّي يديك رحيقا لها؟
أو أشبّهَ شيئا بشيءٍ
إذا لم تكوني اتحاد الشبيهين
في صورة أو جسدْ
وبماذا أزيّن شوقي إليكِ
لتجعلني الأرض عيدا لها
كلّما خضّبتني بحنّائها راحتاك،
وكم ينبغي أن أحبَّكِ،
كي أمحو الفرق بين النساء وبين الفناء
برفّة هدبٍ ولمسة يدْ
لو الأرض تبعد عني قليلا
ليخضرّ هذا الحنينُ
إلى مدنٍ وطأت خطواتك إسفلتها
لو البحر يبعد عني قليلا
لأشهره كالمسدّس
في وجه هذا الفراغ
الذي لا تكونين زوجته المقبلهْ
ولو كان صدرك أدنى إليّ
لأسندَ يأسي عليه
كما يستريح الرضيعُ إلى صدر أمّهْ
وحشتان على ضفّة الليل نحن،
اشتباكُ ذراعين في غصّةٍ
وارتطام دمٍ عاشقٍ بالسراب المجاور،
لو تمكثين قليلا
لكي يتسنّى لنا أن نبادر أرضا بأخرى
وكي يتسنّى لنا أ، نقايض وهما بآخر
أو نتبنّى حريقا اشدّ ثباتا من القبلات السريعة،
هل تسمعين الرياح التي تتصبّبُ من جبهتي
كلّما ملتُ نحوكِ؟
هل ترفعين الغطاء
لكي تدفعي شبهة النار
عن جسدي الملتبس؟
وهلّا دعوتِ المزيد من الأنبياء
لئلا يصابَ دمي بالجنونْ؟
وهلّا تدثرتِ بي
كي أسمّي يديكِ بلادي
وأبرأَ مما يصيّرني كومةً من صدأ
ولو كان صدرك أدنى إلي
لأطعمته خبز قلبي
وأعلنتُ عشقي أمام الملأْ
ولكنّ ما تسكبين على عطشي
ليس يكفي لأُسكتَ هذا الظمأْ
وحشتانِ على ضفّة الليل نحن،
انتصار الحياة على ما عداها بمعجزة اللمس،
والاكتفاء بإغماضة كي نعيد الدموع إلى نحرها
أو نسيّلَ ساقيةً من شموعٍ
بتنهيدةٍ واحدهْ
ستلزم هذا الخريف نوافذ أعلى
وريحٌ أشدُّ
لكي يستطيع التسلُّلَ
نحو أصابعنا الشاهقهْ
وهذا الغراب الذي يتنصَّتُ خلف العناق
ستلزمه قمّةٌ غير نهديكِ
كي يستطيع الغناءْ
لذلك لا تغلقي النوم خلفك حين تنامين،
لا تغلقي خلفك البحر
كيما أضمّدَ ملح انتظاري بعشب اشتهائكْ
ونامي رويداً رويداً،
يداً إثر أخرى،
لأحصي الغيوم التي تتلبّدُ فوق ضفيرتك العاليهْ
واتركي ما يدلُّ على أنني عاشقٌ
كي أصفّفَ حزني
وأمحو تجاعيد روحي
وأحرسَ هذا النبيذَ
الذي يتكوّن في ليل ثغركِ
داليةً داليهْ
واتركي بين جسمي وبين الغياب
شفا قبلةٍ
كي أؤجّلَ موعد يأسي
إلى الليلة التاليهْ








الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.




قمصان يوسف
( 11.4k | 5 | 6 )
جبل الباروك
( 9.6k | 5 | 5 )
مرثية الغبار
( 7.2k | 0 | 9 )
الشاعر
( 6.7k | 0 | 1 )
العائد
( 5.2k | 0 | 1 )
الأربعون
( 4.6k | 0 | 4 )
لا تبتعد في الموت أكثر
( 4.2k | 0 | 6 )
حوار مع ديك الجن
( 3.7k | 0 | 1 )
الأعمال الكاملة
( 3.6k | 0 | 1 )
تجليات المرأة
( 3.6k | 5 | 2 )
صوتها ضُمّة برق فوق نيسان
( 3.6k | 0 | 5 )
فراشات لابتسامة بوذا
( 3.4k | 0 | 2 )
وما أنا إلّا فلذةٌ من خيالها
( 3.2k | 0 | 2 )
تفاحة الغياب
( 3.1k | 0 | 3 )
سحابة صيف
( 2.8k | 0 | 0 )
حنين
( 2.8k | 5 | 1 )
الخمسون
( 2.8k | 0 | 0 )
البيوت
( 2.8k | 0 | 1 )
دير قانون النهر
( 2.6k | 4 | 1 )
مسافة
( 2.6k | 0 | 0 )
السنديان
( 2.5k | 0 | 0 )
الأسلاف
( 2.4k | 0 | 0 )
الزنزلخت
( 2.4k | 0 | 0 )
الغائب
( 2.4k | 0 | 1 )
تعديل طفيف
( 2.4k | 0 | 0 )
يصغي لأسئلة الأعماق
( 2.4k | 0 | 1 )
خلف دموع الشتاءات
( 2.4k | 0 | 1 )
الصور
( 2.3k | 0 | 0 )
فراديس الوحشة
( 2.3k | 0 | 1 )
تكوين
( 2.3k | 0 | 1 )
عندما يصبح الحبر أعمى
( 2.3k | 0 | 0 )
ماء الغريب
( 2.3k | 0 | 0 )
عزلة الخادمات
( 2.3k | 0 | 0 )
التماثيل
( 2.2k | 0 | 1 )
ألزهايمر
( 2.1k | 0 | 0 )
خالد السكران
( 2.1k | 0 | 0 )
سأحمل صوتك المكسور
( 2.1k | 0 | 1 )
متحف الشمع
( 2k | 0 | 0 )
خلود تنجح في امتحان الموت
( 2k | 0 | 2 )
علي الصغير
( 1.9k | 0 | 0 )
ثلج العام 1958
( 1.9k | 0 | 0 )
الخرّوب
( 1.9k | 0 | 0 )
تأليف-1
( 1.9k | 0 | 0 )
صراخ الأشجار
( 787 | 0 | 0 )
الرحيل إلى شمس يثرب
( 770 | 5 | 2 )
كأنني بحرٌ وأمواجي ورائي
( 412 | 5 | 4 )