تَورَّطَ شِعرًا - حسن الربيح | القصيدة.كوم

شاعرٌ سعوديٌّ (1973-) له مع الضباب حكاية الشعر الطويلة. لغته الرشيقة تجعل من قصيدته راقصة باليه.


2772 | 0 | 0 | 0




إلقاء: حسن الربيح



صَغا، فاستَحالَ الحَبلُ في كَفِّهِ أَفْعَى
وفَرَّ، ففَرَّ الحَبلُ مِن خَلْفِهِ يَسْعَى

وشَبَّتْ بِهِ نارٌ، فكَيفَ خَلاصُهُ
وسُقياهُ زَيتٌ، والشَّـرارُ لَهُ مَرْعَى؟!

وطَيرٌ مِنَ الأَوْهامِ تَعلُو أَمامَهُ
تَقُولُ لَهُ: صَبْرًا! ستَحتَضِنُ النَّبْعا

يُصَدِّقُ حِينًا، ثُمَّ يَرتابُ بَعدَما
تَمادَى سَرابُ الحُلْمِ، واسْتَنزَفَ اللَّمْعا

رَأَى في طَرِيقِ التِّيهِ مَعنًى مُشَـرَّدًا
وأَخيِلَةً تَهوِي إِلى عُشِّها صَرْعَى

وأَشباحَ خَيلٍ نافِراتٍ عَلَى المَدَى
أَثارَتْ بِوَجهِ الشَّمْسِ مِن جَريِها نَقْعا

كَأَنَّ لَهُ حَربًا، ولا خَصْمَ غَيرُهُ
هُوَ الآسِرُ المَأْسُورُ، والمَوتُ، والرُّجْعَى

يُؤانِسُهُ في وَحشَةِ الصَّمْتِ لَحْظَةً
يَمامٌ يُمَنِّيهِ، فيَملَؤُهُ سَجْعا

ويُشقِيهِ في شَوطِ الهَواجِسِ هُدهُدٌ
تَقَصَّدَ هُجْرانًا، وأَدمَنَهُ طَبْعا

وغَيرُ قَنُوعٍ باكتِشافِ مَدِينَةٍ
إِذا نامَ طَيرٌ صاحَ: لا بُدَّ مِن صَنْعا

بِبابِ القَوافي لا يُصادِي وُحُوشَها
ولَكِنْ لَهُ كَفٌّ تَعَوَّدَتِ القَرْعا

وقالَ لَهُ البابُ: انسَكِبْ فِيَّ وَمضَةً
أَلم تَرَ فَيضَ الوَحيِ في داخِلي شَعَّا؟

فقالَ: انْهِمارُ النُّورِ غَطَّى، فما أَرَى
فجُدْ لي بِعَينٍ، والتَمِسْ لِلكَرَى سَمْعا

فأَوجَزَهُ في رَوعَةِ البَحرِ مَوجَةً
وكَثَّفَهُ في خَدِّ نَرْجِسَةٍ دَمْعا

هُوَ الآنَ خَلْقٌ آخَرٌ، لَيسَ لاسْمِهِ
حُرُوفٌ، ولا مَعنًى، ففي كُلِّها يُدْعَى

غَنِيٌّ، ولم يَمْلِكْ مِنَ الوَقتِ لَيلَةً
عَفِيفٌ، ولَكِنْ يَسـرِقُ اللَّيلَ، والشَّمْعا

يَشِذُّ عَنِ المَسـرَى، وإِنْ كانَ جَنَّةً
ويَأْلَفُ في دُنيا حَرائِقِهِ اللَّذْعا

مَضَـى يَهدِمُ الأَشْياءَ غَيرَ مُخَرِّبٍ
لأَنَّ كَثِيرَ النَّاسِ لم يَلمَحُوا الصَّدْعا

ولا أَحَدٌ يُصغِي إِلَيهِ، وإِنَّما
صَغى، فاستَحالَ الجَدْبُ في بِيدِنا زَرْعا

أَتَى لِيَرُدَّ القُبحَ عَنَّا، ولم يَزَلْ
لأَجلِ الهَوَى، والحُسنِ يَحتَمِلُ القَمْعا

وأَجَّجَ مِن تِلكَ المُسَجَّاةِ طِيْنَةً
وقالَ لَها: كُونِي، وعَلَّمَها اللَّسْعا

رآها تُجِيدُ الغَوصَ في قاعِ رُوحِهِ
وتَفهَمُ ما قَد جالَ فِيهِ، وما يَرْعَى

فأَمسَكَ بالسِّـرِّ الَّذِي لا يَقُولُهُ
وسارَ أَمامَ الوَقْتِ، يَبْتكِرُ المَسْعَى








الآراء (0)   



سيتم إغلاق الموقع خلال أسابيع نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.