"نورٌ منْ كوةٍ غيبيةٍ" (إلى رسول الله) - أحمد اللويم | القصيدة.كوم

شاعر سعودي (1961-)


275 | 0 | 0 | 0



(في رسول الله (محمد ) صلى الله عليه وآله وسلم)

لم تنطلقْ بالسهمِ فكرةُ رمْيِهِ
حتى تَيقَّنَ من رشادِ قِسِيِّهِ

ما كان صيادًا ولكنْ لامسَتْ
غرُّ الفرائسِ منه رأفةَ فَيِّهِ

من قابِ قوسِ العرشِ لاحَ بريقُهُ
وأضاءَ كهفَ الكونِ فيضُ سَنِيِّهِ

وأسالَ في عينِ الشموسِ شعاعَهُ
من قِرْبَةِ الألقِ المُذابِ بِضَيِّهِ

ومشى على عَفْرِ الصعيدِ مُؤَوِّلًا
أن السجودَ عليهِ نعمةُ مَشْيِهِ

من آخرِ الطوفانِ أقبلَ نورسٌ
وسؤالُهُ افْتَرَعَ المَدى بِدَوِيِّهِ

يا نوحُ دُونَكَ ما حَشَدْتَ لِمِثْلِهِ
عُمْرًا طَوَيْتَ لَهُ حبالَ سِنِيِّهِ

أرأيتَ مثلَ سفينةٍ بـ (محمدٍ)
قَرَّتْ على (الفردوسِ) لا (جُودِيِّهِ)؟
———
بَذَرَتْ يَدَاهُ الفجرَ في حَدَقِ الدُّجَى
فَنَمَتْ نهاراتٌ أضأْنَ بِهَدْيِهِ

وَاخْضَرَّ بالإنسانِ فصلُ حكايةٍ
للهِ أن يغدوْ صدًى منْ حَكْيِهِ

من غَيْمَةٍ في العرش رَوَّى غرسَهُ
بمعينِ آياتٍ جَريْنَ لِرِيِّهِ

حقلٌ رعَتْهُ يدُ الإلهِ كريمةً
أرأيتَ قَيُّومًا له كنبيِّهِ؟
———
قد كان طَيَّ الغيبِ صارَ ظُهورُهُ
حتمًا كأنَّ الغيبَ ضاقَ بِطَيِّهِ

ولقد أرادَ (اللهُ) كشفَ مشيئةٍ
خَفِيَتْ فكانَ به جلاءُ خَفِيِّهِ

كان الكمالُ يَشِفُّ في ملكوتِهِ
فأرادَ أنْ يجلوْهُ وجهُ رَضِيِّهِ

فأقامَ (أحمدَ) صورةً من (مثله)
تمتْ سوى ما (الله) عز بِنَفْيِّهِ

إِنَّ ابْنَ (آمِنَةٍ) إرادتُهُ التي
كَمُلَتْ وَباقِي الناسِ مكسبُ سَعْيِهِ

و(مُحَمَّدُ) البُشرَى و(آدمُ) طينةٌ
نوراءُ ما اخْتَلَجَتْ بصورةِ حَيِّهِ
———
قد نازعَتْ فيكَ البصيرةَ فطرةٌ
وكلاهما بهواكَ غيرُ دَعِيِّهِ

بالفطرةِ البِكْرِ استوى بكَ خاطرٌ
ونَمَتْ بصائرُ هن بذرة هديِهِ

بَرِئَتْ قلوبٌ أن تقيسَ بعشقِهِ
عشقًا وقد باءَ القياسُ بِغَيِّهِ

في ضفةِ الصلواتِ لاحَ لعاشقٍ
وِرْدٌ بأمرِ اللهِ سالَ وَنَهْيِهِ

نَرِدُ الصلاةَ مُبلَّلينَ بعشقِنا
من فرطِ ما اسْمُكَ دافَهُ بِنَدِيِّهِ

فصلاتُنا تمَّتْ عليهِ وآلِهِ
والعِقدُ يكملُ باكتمالِ حُلِيِّهِ

عينانِ في رأسٍ متى رَأَتا فقد
رَأَتا ورائي الحقِّ ليس كَعُمْيِهِ

بكَ قد صعَدنا الليلَ حتى فجرِهِ
لولاكَ ما زلنا بقعرِ دُجِيِّهِ

فلقد ظننا الليلَ آخرَ حاكمٍ
والفجرُ يرسفُ في قيودِ غَوِيِّهِ

حتى بلغنا مَشْرِقًا ما بعدَهُ
إلا الإلهُ يشيرُ نحوَ صَفِيِّهِ
———
وُلِدَ النبيُّ وكانَ محضَ مشيئةٍ
للهِ قَبْلَ الْقَبْلِ من أَزَلِيِّهِ

قبلَ اقتحامِ الوقتِ فجرَ مجرةٍ
والكونُ آيسَهُ صمودُ عَشِيِّهِ

أَسْرَتْ به الآمالُ منذُ طفولةِ
الدهرِ الذي أشجاهُ فَقْدُ وَلِيِّهِ

ألقى على الأيامِ برهانًا فما
لليلِ أن يكبوْ لفَرطِ جَلِيِّهِ

بِيَدَيْهِ قد فَتَلَ الكمال وحاكَهُ
ثوبًا يليقُ به فتًى كَـ (عَلِيِّ)ـه

و(صحابةٌ) كالزرعِ آزرَ شطأَهُ
وَوَفَى بما دَرَّتْ مَحالبُ سَقْيِهِ

والحالمونَ بأنْ يُغادِرَ صمتَهُ
أملٌ تَقَدَّسَ أَنْ يُقالَ بِعِيِّهِ

جَفَّتْ أمانيهِمْ وأَقْفَرَ صبرُهُم
والغيبُ لم يُمْطِرْهُمُ بِرَوِيِّهِ

في حيرةٍ وقفوا كأنَّ رؤوسَهُمْ
كانت بلا عقلٍ يُصَارُ لِرَأْيِهِ

لكنَّ سهمًا من كنانةِ أحمدٍ
ما زالَ يلمعُ في يَدَيْ مَهْدِيِّهِ

أحمد اللويم - ربيع ١٤٣٩هـ






الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.