عميد الرعاة - راشد عيسى | القصيدة.كوم

شاعرٌ أردنيٌّ. وروائيّ. حصل على جائزة الشيخ زايد للكتاب.


477 | 0 | 0 | 0





" في الممرّ المؤدي للذةِ وهمي ، تذكرتُ قوْلةَ
جَدّي الذي مات من رفسةِ البغلِ وهْوَ يحاولُ
تطبيعَهُ ، قال لي :
يا حفيدي تذكَّرْ : بأنّ الحياةَ ممرٌّ ولا بُدَّ منْ
أن تموت كثيراً قبيل وصول الممرّْ "

كيف لي أن أصدّقَ
أنَّ السماء على وُسْعِها
ليس فيها لنا
نجمةٌ
أوْ قمرْ ؟
كيف أُقْنع هذا الفضاءَ
المريبَ بأنّا طيورٌ
لها حقُّها في الغِناءِ
لها أن تُؤثِّثَ أعشاشَها
في صدور الغيومِ
لها أن تعاتبَ صيادها
دون أن تكتفي بالحذرْ ؟
كيف أشرح جرحي
وأدخلُ في بالِ جنيّةٍ
كي تحنَّ عليَّ
وتعرف أني أنا نجلُها
دون شكٍّ
وقلبي غديرٌ
يُصَلّي لأسماكهِ
في خشوعٍ
وروحي لها صلةٌ
بالشجرْ ؟
كيف يعرفُ زهرُ الجبالِ
بأني عميدُ الرعاةِ
ومزمار آهاتهمْ
لي على الزهرِ حقُّ الشذا
وَلَهُ أن أُعلّمهُ كيف
يطلع من شوكةٍ
أو حَجَرْ
ولماذا لكل البحارِ
فناراتُها الساهرةْ
ولكل السجون نوافذها
ولكل النجوم مجراتُها
ولكل الجراح أطباؤها
ولكل الليالي ، لكل الليالي
صباحاتها الزاهرةْ
غيرَ أيامنا
غيرَ أحزاننا
غيرَ أحلامنا الطاهرةْ
ما لها غير مجد الأسى
واحتراف الضجرْ !!
ولماذا لكل المحبين أسبابهم
في اللقاءِ وليس لنا
غير حقّ الوداعِ
وطول البكاء على خَيطِ
ماءٍ يُدَلّيهِ ربُّ المطر ؟!
أيُّ لحنٍ إذنْ
لائقٌ بالوتر ؟
أيّ شعرٍ يؤدي إلى لغةٍ
لم يقلها نبيُّ الألم ؟
أيّ معنى سأجرؤُ أن
أرتقيهِ وليس معي نصفُ
قلبٍ ولا نصفُ عينْ
والطريق إلى الشِّعْر لا نخلَ فيها
ولا عشبَ ، لا نجمَ ،
لا بسمةً بـ " متى " أو بـِ " أينْ "
أيهذا الشعاعُ النحيلُ البخيلُ
القليلُ الغريبُ الكذوبُ المسمّى
العُمُرْ
آهِ ما أحزن الخمرَ إنْ أُجبرتْ
أن تعودَ إلى كرمِها
آهِ ما أحزن الياسمينةَ حين
يكفُّ المحبونَ عن شَمِّها
آه ما أحزن السمك المنتحِرْ !!
أيها الجمر في كذبة المدفأةْ
أيها النور في الشمعة المطفأةْ
آه ما أحزن النحلَ حين يجيءُ
الخريفُ
وما أرحب الحزنَ حين تخون
محارتَها اللؤلؤةْ
أيها الموتُ مُتْ
لا تقفْ في الطريقْ
لا تنم في الممرْ
آهِ ما أحزن الشاعرَ الصعبَ لما
يعيش طويلاً طويلاً وما مَرّ لو ساعةً
في المكان ولا مات لو مرةً في امرأةْ
آهِ ما أحزن الحبرَ في القلم المنكسرْ !!





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.