تَبْغُ الجَنوبيِّينَ - داوود مهنا | القصيدة.كوم

شاعرٌ لبنانيٌّ (1979-) قصيدتُه بجمال بيروت.


1983 | 0 | 0 | 0




إلقاء: داوود مهنا



نَسائِمُ غابَ في ترْحالِها نايُ المَرارَةِ
وَارْتَوَتْ بِالدَّمْعِ راحِلَةً على طُرُقِ الجَنوبِ،
وَمَوجَةٌ تَذْوي على ثَغْرِ التُّرابِ
إِذَنْ، فَكَيفَ سَتَعْبُرُ الآفاقَ
والأَغْصانُ مائِلَةٌ كَظِلٍّ؟
كَيفَ تَرْسمُ شَوقَها
والطَّيرُ مالِئَةٌ نواحَ الحَقْلِ
تَبْحَثُ في خَبايا الرُّوحِ عنْ بَيدرْ؟!
نَسائِمُ يَرْتَديها حُزْنُ مَنْ غابوا، وَمَنْ عَبَروا
وَمَنْ حَفَروا على دَرْبِ الجَنوبِ خُطىً
وَمَنْ مَلَأوا سِلالَ الشَّمْسِ بِالذَّهَبِيِّ
حينَ الشَّمْسُ باغَتَتِ الحُقولَ
وَلَمْ تَجِدْ مَنْ يَحْملُ التّاجَ العَصِيَّ
على صَهيلٍ فاهَ مِنْ خِنْجَرْ...
أُحَدِّقُ في أَقاصي الأَرْضِ، مَحْمولاً على عَبَقٍ
وَأَرْنو، لا قَصائِدَ في عُيونِ الوَرْدِ
غَيرُ تَفَتُّحِ امْرَأَةٍ بَكَتْ فَوقَ التُّرابِ
فَأَنْبَتَتْ شَيْئًا مَريرًا إسْمُهُ 'تَبْغٌ'
نَما فَوقَ السَّواعِدِ
شَذَّبَتْ أَوْراقَهُ تَغْريدَةٌ صَعَدَتْ
كَهَمْسَةِ نَبْعَةٍ خَطَرَتْ بِبالِ العِطْرِ
أَو كَصَلاةِ أُمٍّ
وَهْيَ تَنْتَظِرُ المَساءَ لِكَي يَعُودَ وَحيْدُها
مُغْرَوْرِقًا بِالغارِ فَوقَ النَّعْشِ...
يا تَبْغَ الجَنُوبِيِّينَ
كَمْ أَوْدَعْتَ صَدْرَ الأَرْضِ أَفْئِدَةً
وَأَنْتَ تَغُوصُ في أَعْماقِها عَطْشانَ
يا تَبْغَ الجَنُوبِيِّينَ
هَلْ في الأَرْضِ مُتَّسَعٌ
لِعَيْنَيَّ المُسافِرَتَينِ في صَحْوِ المَرارَةِ
هل لِقَلْبي مَوْطِئٌ في الأَرْضِ
كي يَغْفُو قَليلاً في ظِلالٍ
لَوَّحَتْ لِلمارِدِ المُنْسابِ مَع عَتْمِ الظَّهيرةِ
يا حَنانَ الأَرْضِ،
يا شَتْلاً سَقاهُ الدَّمْعُ قَبْلَ الماءِ
إِذْ هامَتْ فَتاةٌ في طَراوَةِ حُلْمِها المَسْروقِ
حينَ القَصْفُ باغَتَها...
وَتَعْبُرُ فَوقَ وَجْهِ الأَرْضِ زنْبَقَةٌ
تُغَنِّي في صَباحاتِ الجَنوبِيِّينْ.
تُراقِصُ فَجْرَ مَنْ ذَهَبوا، وَمَنْ كَتَبوا بِوَهْجِ الشَّمْسِ
حُلْمَ الأَرْضِ في بَلَدي!








الآراء (0)   



الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.