شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)
893 |
0 |
1 |
1
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "الإله الميت" لـ "أدونيس"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "الإله الميت" لـ "أدونيس"
الإله الميت 1
مشاركة القصيدة
إلقاء: أدونيس
"مزمور"
أولُ النهار أنا وآخرُ من يأتي – أضعُ وجهي على فوهةِ البرقِ وأقولُ للحلم أن يكونَ خبزي.
أنقشُ وجهي على الريح والحجر، أنقشُ وجهي على الماء، أسكنُ الأفق، وعلى جبيني قناعٌ من الموج.
أتّجهُ نحو البعيدِ والبعيدُ يبقى. هكذا لا أصل، ولكنني أضيء. إنني بعيدٌ والبعيدُ وطني.
أخلقُ وطناً صديقاً كالدمع.
الذين يَلغُمونَ قشرةَ العالم، المليئونَ كالجمر، الذين يُتاخمونَ الأفق، الذين يغتصبونه ويضربونه حتى يدمى، الذين يتفيّأونَ ظلَّ الفراشات،
هؤلاء سمّيتُهم بأسمائي. أنا الراكضُ والآلهةُ سياجٌ حولي أخطفُها وأغزوها وحين أجسُّها ألبسُ المآتمَ قُفّازاً. أنا الساكنُ في أصداف الحلم، المعلنُ إنسانَ الداخل – انظرْ وراءَكَ يا أورفيوس، تعلَّمْ كيف تسيرُ في العالم،-
أُعلنُ طوفانَ الرّفض،
أُعلنُ سِفرَ تكوينه.
أحاورُ الكهوف، أصيّرُ الجبالَ كلماتٍ وأموسق الحُفَر، أراقصُ الأثيرَ وأحمِّل الحجر أشواقي إلى الأرض. أكتب رقيةً لأيّامي وأكسرُ عدّادَ الوقت. أغرسُ مسافاتي بالأشلاء وأتركُ للأبعاد أن تقودَني.
** **
"مرآة الحجر"
عارياً تحت نخيل الآلهَةْ،
لابساً رَمْلَ السنينْ
كنتُ ألهو باحتضاري
كنت أبْني ملكوتَ الآخرين
بغباري.
يا نبيّ الكلمات التائهَةْ
يا نبيّ السّفر الآتي إلينا
في رياح المطَرِ
أنا واليأسُ عرفنا أنك الآتي إلينا
وعرفناك نبيّاً يُحْتَضَرْ
فانحنينا
وهتَفنا: "أيّها الآتي إلينا
ضائعاً يقطر نفياً وحريقا
نحن نرضاكَ إلهاً وصديقا
في مرايا الحجرِ".
يا نبيّ السفَرِ.
أنا أرضاك إلهاً ورفيقا
في مرايا الحجرِ.
باسْمكَ اليوم أغنّي للغيومْ
وسأبني بين قلبي والفضاءْ
عند أطراف النجومْ
حاجزاً يلبس وجه البَشَرِ
والسماءْ.
وأغنّي للغيومْ -
حجَرٌ وجهي ولن أعشقَ غير الحَجَرِ.
** **
"الأغنية"
خرساءَ أو مخنوقةَ الحروفِ
أو لا صوتْ
أو لغةً تحت أنينِ الأرضْ،
أغنيتي للموتْ
للفرحِ المريضِ في الأشياءِ للأشياءْ
أغنيتي للرفضِ
يا كلماتِ الرعبِ والدواءْ
يا كلماتِ الداءْ.
** **
"لمرة واحدة"
لِمَرّةٍ واحدةٍ لمرّةٍ أخيرَةْ
أحلمُ أن أسقطَ في المكانْ -
أعيشُ في جزيرةِ الألوانْ
أعيشُ كالإنسانْ
أصالحُ الآلهةُ العمياء والآلهةَ البصيرَةْ
لِمرّةٍ أخيرَةْ.
** **
"الأرض الثانية"
ها أنا في طريقي إلى أرضيَ الثانيَةْ
ومعي رايتي ورياحي،
والنهار يموتْ
ساحباً خلفه عَرَباتِ الأضاحي
ساحباً خلفَهُ البيوتْ.
** **
"اعتراف"
ليسَ إلا جثّةُ الليل وأشلاءُ يديّ
في تقاطيع النهارْ
ليس إلا حَجَرٌ تحت الجفونْ
آهِ كم صلّيتُ للربّ الحرونْ
لِلثمارْ
آهِ كم أطعمتُ عينيّ لجوع الشجرَةْ
ولَكم سرتُ على أهدابيَ المنكسرَةْ
للقاءٍ - لعناقٍ وثنيّ
أنا واللهُ وأنقاضُ النهارْ.
** **
"صلاة"
صلّيتُ أن تظلَّ في الرّمادْ
صلّيتُ ألا تلمحَ النهارَ أو تُفيقْ -
لم نختبرْ ليلَكَ، لم نُبحرْ مع السّوادْ؛
صلّيتُ يا فينيقْ
أن يهدأَ السِّحْر وأن يكونْ
موعدُنا في النار في الرّمادْ،
صلّيتُ أن يقودَنا الجنونْ.
** **
"المسافر"
مسافرٌ تركتُ وجهي على
زجاج قنديلي
خريطتي أرضٌ بلا خالقٍ
والرفضُ إنجيلي.
** **
"الصاعقة"
أيتها الصاعقةُ الخضراءْ
يا زوجتي في الشّمس والجنونْ،
الصّخرةُ انهارتْ على الجفونْ
فغيّري خريطةَ الأشياءْ.
جئتكِ من أرضٍ بلا سماءْ
ممتلئاً بالله والهاويَةْ
مجنّحاً بالرّيح والنسوْر،
أقتحمُ الرملَ على البذورْ
وأنحني لِلغيمَةِ الآتيَةْ،
فغيّري خريطةَ الأشياءْ
يا صورتي في الشمس والجنونْ
أيتها الصّاعقةُ الخضراءْ.
** **
"بعد السكوت"
أصرخُ بعد السكوت الذي لا يُغامرُ فيه الكلامُ
أصرخ مَن منكُمُ يراني
يا بقايا بلا قامَةٍ يا بقايا تموتْ
تحت هذا السكوتْ.
أصرخُ كي تتوالدَ في صوتيَ الرياحُ
كي يصيرَ الصباحُ
لغةً في دمي وأغاني.
أصرخ: مَنْ منكمُ يراني
تحتَ هذا السكوتِ الذي لا يُغامر فيه الكلامُ،
أصرخ ُكي أتيقّنَ أنّيَ وحدي - أنا والظلامُ.
** **
آه يا نعمةَ الخيانةْ -
أيّها العالم الذي يتطاولُ في خُطواتي
هُوّةً وحريقةْ
أيّها الجثّةُ العريقةْ،
أيّها العالمُ الذي خنتُه وأخونُهْ.
أنا ذاكَ الغريقُ الذي تصلّي جفونُهْ
لهديرِ المياهْ،
وأنا ذلك الإلهْ -
الإلهُ الذي سيُبارك أرضَ الجريمةْ.
خِفْتَ؟ غيّرْ وجهَكَ المنهزما
أيّها الشيطانُ يا مركبتي فوق النّجومْ.
أنا لا أخشى الطّريقَ الأبكما
إنني ريحٌ سَمومْ
إنني كالصّدَفَةْ:
تحت وجهي حُفرت مقبرتي.
أُهجرِ الأحلامَ في أهدابكَ المرتجفَةْ
وابْقَ في حُنْجرتي،
أيّها الشيطانُ يا مركبتي تحت النجومْ.
** **
في كهوفِ العذاب العتيقْ
حيث كنتُ أحبُّ الإلهَ
أحبُّ نساءَ القصورْ
حيث عشنا - أنا والجنونُ الصديقْ،
ضِعتُ بين الشهورْ
فعبرت المفازةْ
وتركت ورائي الطريق.
باسْم ربٍّ يخطّ كتابَهْ
في كهوف العذاب العتيقْ،
أرفعُ هذا الحريق
وأضحّي ذُبابَةْ؛
باسْم تلك الشموس التي تَتقدّمُ
أبدأ هذي الجَنازَةْ.
** **
"إلى سيزيف"
أقسَمْتُ أن أكتبَ فوق الماءْ
أقسمتُ أن أحملَ مع سيزيفْ
صخرتَه الصمّاءْ.
أقسمتُ أن أظلَّ مع سيزيفْ
أخضعُ لِلحُمّى وللشرارْ
أبحثُ في المحاجر الضريرَةْ
عن ريشةٍ أخيرَةْ
تكتبُ للعشبِ وللخريفْ
قصيدةَ الغبارْ.
أقسمتُ أن أعيشَ مع سيزيف.
** **
"إله يحب شقاءه"
للإلهِ الذي يتمزّقُ
في خُطواتي -
أنا مهيارُ هذا الرّجيمْ،
أرفعُ الميّتينَ ذبيحَةْ
وأصلّي صلاةَ الذئاب الجريحَةْ.
غيرَ أنّ القبورَ التي تتثاءبُ
في كلماتي
حَضَنتْ أغنياتي
بإلهٍ يُزيحُ الحجارةَ عنّا،
يُحبُّ شقاءهْ
ويُباركُ حتى الجحيمْ
فيصلّي معي صلواتي
ويردُّ لوجه الحياة البراءَةْ.
** **
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)