(تهليــل)

لقد تولاني ولعُ النميمة، فأصبحتُ لا أرى شيئاً إلا تحدثتُ عنه، ولا غاب عني شيءٌ، إلا أفرطتُ في التوق إلى رؤيته حتى أصبحتُ منشقاً إلى هلال وبدر: أهذي بصورة هذا، فيغيب ذاك، وأمتلك ذاك فيغيب هذا.
وقد استودعني الخالق بخلق العبد المأمور..
فلا أعصي ما يأمرني به قلبي قط، أنا الناخوذة والقلب بوصلتي، أمر هنا أو هناك.. أو هناك في أمواه بحري الواسعة، ولكنني لا أعبر من قوس موجة ولا أتظلل في رذاذ موجة ولا أدغل بينهما، إلا وقد شابكنا كفَيَّنا في راحة واحدة.
* * *

يرسمون ظلالهم بالجمر، وأرسم قامتي باللهب،
هم فرادى ولي لؤلؤ الغيم أجلو بهاءه و أصعد في أبراج رؤاه، أقيم أعتاب مآذني..
وأدعو إلى كلمة قلبي بلا حكمة ولا عظة متقنة.
هذا أنا أزهو، وأنقش على بياض الرؤيا، طِيب ازدهائي وعطري. مترفاً كطاوؤس اللهب، يرى وقداً فيدنو منه. ويدنو منه فيسعى للغوص في حبال وهجه، من أوتادها كلها ليجتبيها دفعةً. فإذا قضًى منها وطراً، وأزمع الإياب إلى خيمة نفسه، قبس من وساوسها نوراً،
وأدلج إلى عتمته.. يتأمل في ضوئها ضعفه، في عراء مملكة
الخالق.


(دعــاء)

سيدي الضعف الذي أدَّبني فأحسن التأديب. وجمَّلني بروعة مناقبه؛ فجعلني أوهى المخلوقات طراً.. هذا أنا أنوء بفيض أحمالك، وهذي خاتمة اشتباهي بك.
أعرني بعض بنادقي، وردحاً من فضاء أحلامي الباسقة التي سويتني برمادها، وقل لي: الآن عُدتَ إلى منتصف فضاء قامتك الأولى، فأجرؤ وأرفع أصبعي لأستأذنك وأقول:
سيدي الضعف الذي أدَّبني فأحسن التأديب. وجمَّلني بروعة مناقبه، فجعلني أزهى المخلوقات طراً، هذا أنا أنوء بفيض أحمالك فأزحْ عني بعض أحمالك، فأدخل إلى أحضان حلمي الأول، في سدرة الابتداء أقل اشتباهاً بك.



(أذان)
قلبي الذي اشتبكنا هو وأنا، في افتتاح معمعة زهرتنا الواحدة، وأسلنا على أهدابها ضعف ماقدره الله لنا من عتو الشذى، لكي ننطق به في الغناء بفوحها.
هذا الشارد بقمصاني: في التوابل واللمع والصدى
والكتاب الذي لا يطبق جدولاً، ولا يؤجل نخلةً، ولا يندرج في باب حلم واحد.
قلبي الذي أستلُّهُ ويستلُّني عند التلويح بأية قافية لرفع عقيرة الصوت بالغناء..
ها أنا آخذ من بين سنابله قضباني واختتم به آخر أغنياتي،
وأصعد إلى مطلع أهلتي، بالقدر اللازم من البياض المطلوب.