فصل مطلع البحر: بسملة - عبد الودود سيف | القصيدة.كوم

شاعر وناقد وباحث يمني من رواد الأدب الحديث، ترأس العديد من الصحف والمجلات الأدبية (1946-)


277 | 0 | 0 | 0



رأيتُ أن أنقر الحجرَ، وأصعد في دويه استطلع مافي خبائه من نقوش الأسماء.
أيها الداخل في فضاء أعنَّتي..
أعنِّي على نفسي، كي أعيد ما في ذمتي من دَيْن للمرايا.
وأسمعْ ما ألقيه عليك إلى أن أنفضَّ، فإما توليتني،
وأعود إلى أدراج رمادي، كأن لم أكن، وإما توليتك،
وقسَمتُ رزقي معك بالكفاف، لا تقل هذي خمرٌ،
وتلك آنيةٌ: قبل أن تستوثق من وصول الصوت إلى
قاع الصدى، وتخالط جسمه بجسم الحجر! وإياك
أن تتوب بدون ذنب، أو تناهضك نفسك بالخلاف:
وأنت تسمعُ ما يُتلى! فلكل مذنب سبب، ولكل سبب
مسبب، وعليك أن تتطير من المماحكة، فإنها ضوضاءٌ
بلا صوت، وأوصيك بالوضوء، إن كان لذلك موجب.
* * *

هذا أنا أفضي.. فكن أيها الداخل إلى وليمتي، أول من أقيم له السرج
وأبوؤه على لوح أختامي، فلم يخلق الله المسامرةَ إلا لاجتلاب الرفاه وإلا لاقتناص رقبة الحكمة بأشراك الصيد.
فإن أطلتُ المسامرةَ، وأشعبتُ بك في ضفاف لا تنالها
بيسر، فأنا أخلط - لك ـ خمري بأمري، وأكسر رغوتهما
بالماء، فأنا أخشى على العبد أن يثمل ويغيب عن موعد اكتناه الحكمة، قبل إقامة صلواتها.
إن خمري كبقع الضوء، وضوئي لا يدخل من باب واحد،
وإنما يُجتلى من كرمة لمعانه، قطرةً قطرة،
وإنْ سمعتَ في سيركَ إليَ، ما يشبه الحثيث، فلا تقل: إن تلك جلبة طنين النحاس، وقل: ذلك هو أنا، أعانق أبراجي، آن أتلع في نجاد الغيم.
وإنْ تنصَّتَ وسمعتَ مايشبه الحدو، فقل: إنني
أدرج في ريحي، وأتنسمُ فوح العبير المتصبب من
لحاء نصلي وغمدي.
وإن تراءى لك في الحالين ما تظنه بوحاً، فقد أدركتني
بأسمائي قاطبةً، وهيئْ نفسك لموعد زفاف الحجارة للبحر، وادخلْ معي إلى ضفة أمواجي،
نتلو فيها سويةً فاتحة الابِتداء.



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: