مَنْ سِواهُ يَرى - وسام العاني | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب ومهندس عراقي (1975-)


339 | 0 | 0 | 0




طفلُ القصائدِ يا مولايَ قد كبَرَ
وظلَّ سهواً بكفِّ الغيمِ فانْهمرَ

بعيدةٌ في رُؤى الصحراءِ وجهتُهُ
فصارَ قافلةً واسْتتْبَعَ الأثرَ

توسّلَ الريحَ درباً نحو قريتهِ
فَوزّعتْهُ بريفِ المتعبينَ قُرى

وصادقَ النهرَ حتى صار يشبهُهُ
يمشي وينبتُ من أحزانهِ الشُعَرا

وحين ضاقَ بهم، شظّى شواطئَهُ
وراح يسكبُها في أعيُنِ الفُقَرا

وضاقَ معنىً فشقَّ الطينَ مُنتفضاً
فقُلْ لحراسِكَ الغافينَ: صار يَرى

وصارَ يسمعُ صوتَ الماءِ حين يَشي
بحزنِهِ المُرِّ للناعورِ مُنكسِرا

وصارَ يعرفُ ما بالليلِ من وجعٍ
إنْ غيّبتْ مرةً أوزارُهُ القمرَ

ويفهمُ الغيمَ إنْ ضجَّ الحنينُ بهِ
يَهمي طويلاً إذا ما اسْتذكرَ النهَرَ

وصارَ يفهمُ خوفَ الأرضِ، شهقتَها
إذا طَغى فوقها الإنسانُ واسْتعرَ

لذا تعَرّى من الأسماءِ، لا قلَمٌ
يَحوي دروايشَهُ إنْ حبرُهُ سكَرَ

مُعتّقٌ نايُهُ الفضيُ في يدِهِ
نشيجُهُ غيمةٌ والأغنياتُ ثَرى

ندوبُهُ فوق جلدِ الماءِ نابتةٌ
وحلمُهُ أخضرٌ لما يزلْ نَضِرا

كأيِّ طفلٍ مَشى في الضوءِ مُنتَشياً
كان الظلامُ بظهرِ البابِ مُنتظرا

فمَدَّ قلباً غزيرَ النورِ نحو غَدٍ
ما كان يعرفُهُ إنْ غابَ أو حضَرَ

حتى اسْتوى آدمٌ في طينِهِ سُحَباً
ما مَرَّ في فتنةٍ إلا بها انْهمَرَ

تعوّدتْ مُدنُ النسيانِ خطوتَهُ
وكان يربحُ فيها كلما خسَرَ

أضاعَ في حسبةِ الأوقاتِ ألفَ يدٍ
وبعدما أُمّةٍ منْ وهمِهِ ادَّكَرَ

أنّ الحياةَ إلى لا شيءَ مُفضيةٌ
إلا إليهِ ولكنْ مَن سواهُ يَرى؟

في غربةِ الطينِ لا شُباكَ يُؤنسُهُ
وليس إلاهُ دربٌ نحوهُ عَبرَ


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: