عودةُ مالك بن الرَّيْب - وسام العاني | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب ومهندس عراقي (1975-)


325 | 0 | 0 | 0



نَعَتْكَ بلادٌ وارْتَدتْكَ قَوافلُ
قَميصاً، وطفلُ العمرِ بالعُريِ ذاهلُ

أراكَ بأحلامِ الخيامِ ربابةً
وصوتُكَ أقصى اللحنِ كالدمعِ هاطلُ

كبَرتَ كثيراً منذُ آخِرِ طعنةٍ
وما شابَ طفلٌ كُنتَهُ ومُقاتلُ

وَشَمْتَ المنايا فوق عمرِكَ فالْتَظى
وفي حطَبِ الطعْناتِ كُنتَ تُجادلُ

تَمنّيتَ موتاً لا يليقُ بِراحلٍ
سِواكَ، ورمحُ الشعرِ فيكَ يحاولُ

مَراثيكَ تدري وهْيَ تَخبِزُ وهمَها
بأنّكَ يوماً من رغيفِكَ آكِلُ

وها أنتَ حيٌّ والبلادُ طعينةٌ
وعيناكَ في جرحِ البلادِ تغازلُ

وحيدٌ وللصحراءِ ألفُ بدايةٍ
إلى أين تمضي والرمالُ تماطلُ

وما زلت في عينِ الغِيابِ مُسمَّراً
فقُلْ للصليبِ الآنَ: أنّيَ نازلُ

وخُذْ ما تبَقّى من حروفِكَ رُبما
رَأتْكَ بدربِ العائدينَ قبائلُ

وَإِنْ يسألوا عينيكَ عن سِرِّ كُحلِها
فقُلْ: وطَنٌ حُلْوٌ على الجفنِ ذابلُ

وقُلْ إنها الصحراءُ عادتْ تلُمُّني
وكم كان فيها يذرفُ الطيشَ عاقلُ

وثَمّ طريقٌ ما مشيتَ بجلدِهِ
عليك سيمشي جلدُهُ المتآكلُ

تَرى فيه بنتاً يشنُقُ الخوفُ رمشَها
وألفُ أبٍ مَيْتٍ على الحبلِ ماثلُ

ووجهاً على ماءِ الحنينِ مُبعثراً
وريحُ انْتظارٍ فوقَهُ تَتَطاولُ

كبيرينِ، بابُ الدارِ يخجلُ منهما
وقد أورثاهُ السُّهدَ علّكَ داخلُ

قُرىً شيَّبتْها الحربُ والنهرُ ساكتٌ
وقد صاحَ حتى أسكتَتْهُ المعاولُ

خِياماً أقاصيِ الحزنِ، تحرُثُ وقتَها
بإبرةِ صبرٍ، فوقها الذُلُّ وابلُ

رياحينَ، لم تشبعْ طفولةُ خدِّها
مِن اللّثمِ، قد داستْ عليها المناجلُ

ومنفىً وسيماً يسقطُ البحرُ دونَهُ
وللميّتينَ السُّمرِ لا يتَنازلُ

بَنو الرَّيبِ ظلوا واقفينَ بهِ سُدى
وبالموتِ عن مُرِّ الخلاصِ تَشاغلوا

وسوف تَراني في يَدِ الحربِ واقفاً
لوحدي، وكم كُنّا سَوياً نقاتلُ

فلم يبقَ من أصحابِ عمرِكَ واحدٌ
يَجُرُّكَ نحوَ الرّمسِ فالكُلُّ ذاهلُ

تدورُ على بئرِ التساؤلِ مُثقلاً
بأسئلةٍ فيها الجوابُ يُماطلُ

أَهذي بلادٌ أم بقايا قبيلةٍ
أباحَ حِماها للنهاياتِ جاهلُ؟

ومَنْ أيقظَ الأفعى، لينبُتَ حيثما
تمرُّ، دماءٌ في قُراكَ وقاتلُ؟

تُرى الموتُ أقسى أم بلادٌ مريرةٌ
مساميرُها في لحمِنا تتَناسلُ؟

بها الوقتُ قوسٌ والرحيلُ سهامُهُ
فقُلْ لي بأيِّ الغربتينِ نواصلُ؟

أرى الآن تُعييكَ القصائدُ، إذ بدتْ
لك اللوحةُ الأُخرى، فما أنت قائلُ؟

سَيُبدِلُ (مفقوداً) بَكيتَ بـ(فاقدٍ)
لسانُ قوافيكَ الذي لا يُجاملُ



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: