غَمرةُ التِّيه - وسام العاني | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب ومهندس عراقي (1975-)


358 | 0 | 0 | 0




في غَمرةِ التّيهِ لا سورٌ ولا بابُ
عُريٌ وليس سِوى الأجسادِ أثوابُ

في غمرةِ التيهِ لم تحفلْ بنا رئةٌ
وفي الصدورِ دخانُ البعدِ ينسابُ

لم تشتهينا قُرى الأفراحِ سنبلةً
ولم تغازلْ خُطانا ثَمَّ أعتابُ

مُعتّقٌ صوتُ هذا النّايِ في دَمِنا
ونُوهمُ النفسَ أَن النّايَ كذابُ

مسافرونَ على أوهامِ أجنحةٍ
توسمتْ أنها والريحَ أصحابُ

نُمحى ونُرسمُ فوق الرملِ خارطةً
قد ألْجأَتها إلى الأمواجِ أسبابُ

بِنا انْتظارُ المَواني، جمرُ لهفتِها
فَللمَواني، كما الأرواحِ، غُيّابُ

أسماؤنا غابةٌ شاختْ مواسمُها
يمشي بها الليلُ والنسيانُ حطّابُ

فمَن سيفتح بابَ العمرِ ثانيةً
ومن بأيديهُمُ المفتاحُ قد غابوا


ومن سيزرع في الأجسادِ حنطتَها
إذا نواعيرُها بالماءِ ترتابُ

ومن يُعيد الصبا في غيمةٍ يبستْ
وصِبْيةُ النهرِ في أحزانهم شابوا

ومن سيمحو المنافي من رؤى وطنٍ
يُعبّئُ الخوفَ في عينيهِ أغرابُ

ترَمّلتْ بعد موتِ النهرِ نخلتُهُ
واسّاقطتْ في سلالِ اليتمِ أرطابُ

كُنّا نُغَطي بجلدِ العمرِ شمعتَهُ
وفي الأضالعِ سهمُ الريحِ نشّابُ

كُنّا على شرفةِ الأحزانِ في دمِهِ
نَنثالُ أدعيةً والحربُ ميزابُ

وحين أوْدعَنا في حلمِهِ نهَراً
تناهبتْ نبعَهُ الفضيَ أنيابُ

وخنجرٌ زوّرَ الجيرانُ شفرتَهُ
غيماً ولكنّهُ بالموتِ سكّابُ

وظلَّ يركضُ في الساحاتِ محترقاً
وفي الجيوبِ يُخبّي الماءَ أعرابُ

يا نجمةً خانَها صمتُ السُراةِ إذا
ما اجْتاحها من جيوشِ الليلِ حُجّابُ

لأنّنا شهقةٌ لا صدرَ يفهمها
ودمعةٌ مالها إلّاكَ محرابُ

ندور حولكَ والأوطانُ مقفلَةٌ
وأنت كُلُّكَ للأوطانِ أبوابُ

أرجِعْ خُطانا إلى شطّيكَ، أيْبسَها
بردُ المنافي، ألا تشتاقُ يا آبُ

ورُدَّ (يوسفَ) من أقصى غيابتِهِ
ذئبُ المواجعِ يا (يعقوبُ) جَوّابُ

ورُدَّنا حيث تبكي الأرض غربتَنا
كي لا يُقالَ: العِراقيونَ أغرابُ

كي لا تظلَّ أناشيدٌ بلا مطرٍ
ولا يموتَ على الخُلجانِ سَيّابُ




الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)