مواسم قرطاج - المولدي فروج | القصيدة.كوم

شاعر وروائي ومسرحي ومترجم تونسي (1955-)


191 | 0 | 0 | 0




يمر قطار الحياة بمحطات مختلفة. يتوقف في كل
واحدة منها لقضاء شأن مناسب، ثم ينتهي في آخر
محطاته. وتستمر السكة في اتّجاه اللانهائي.
محطة قرطاج ظلت تموت في كلّ مناسبة ثم تبعث من
جديد وكأنّ شيئا لم يكنْ

ما الذِي حمَل القوْمَ
في يوْم صَحْوٍ
لينْتَظرُوا أن تَجودَ السَّماءُ...
........ بقوْسِ فَرَحْ؟
أنْبَتَ القوسُ ريشاتِه في الظّلامِ
و لوّنهَا حسْبَ طبْعِ الفُصُولْ
واسْتباحَ الكِتابُ مَجَازاتِه
وتدبَّرَ في اللّيلِ أَمْرَ المَعاني
الأسَاطِيرُ صارتْ يقِينًا لها

والصّناديقُ، صارَتْ نُعوشٌا،
وطافتْ لتبْحَثَ في النّاس
عن ميِّتِين
أيُّ شَعبٍ تناسَل من بيْنِ جنْبيهِ
دُودٌ حقُود؟
أيّ شعْبٍ تلبّدَ في حفْنةٍ من غُبارٍ؟
لينفُخَ في جمْرَةِ العَاصِفهْ
فالعَواصفُ تعْرِفُ
كيف تُجنّدُ فرْسانَها
وتُربّي الثَّعابين للرّقْصِ في النّارِ
دون احْتِراقٍ
هي النّار موْعُودَةٌ بالرّمَادِ
لِتَمْسُدُ من فوْقِه الرّيحَ
حتّى تَلِينَ


فيحْتَفلَ النَّاسُ
بالصَّحْوِ لمّا يعُود
أمَا قيل؟
قدْ قيلَ،بلْ قيلَ:
إن الفصولَ
يُؤثثها الانفجارُ
و إنّ الشِّتاءَ إذا ما قسَا
سوْف تَخلعُه الرِّيحُ قبل الرَّبيع
للمَساكِين حِصَّتُهم ....
........من فُصولِ البِلادِ
و للشّهَداء .....
نصيبٌ منَ الموْتِ يَأتِي على غَفْلةٍ
من مضِيقِ الزُّجَاجةِ
ـ قَسْرًاـ بكسْرِ الأصَابعِ
ماذا نُسمّي الجراحَ
إذا نَزفتْ لوْنَها


ثم ماذا نُسمّي السّماءَ
إذا لم تكنْ تحْتها شفةُ الأرضِ
حتى تُقبِّلَها
يولَدُ الحلْمُ إذاك في رَحِمٍ من أُفُق
تلك مَطْحَنةُ العاشِقين
أملٌ يتقاطَرُ
فوق سبّابةٍ
تتغيّرُ أكْفانُها مثلما يشْتهي الانْتِخاب
بين قوْسين :
(لا يُتغيَّرُ جسمٌ إذا لم يُغيّرْهُ سلْطانُهُ)
ثم لا يتَغيّر طبْعُ القَطيعِ
إذا لم يُعَلِّمْه كلْبُ الحِراسةِ
كيف يُلاعبُ ذيْلَ الرّضا
الأناملُ توَّابةٌ
تتقَاذَفُ أحْجَارَ سِبْحَتها


لتُخَاتِلَ عفْو الإله
والله يعْرفُ كم يتبَقّى
إلى النّاسِ من وَطنٍ
وهو يعْرفُ أن أبْوابَ قرْطَاجَ
لمْ تنْفتِحْ للفِتَنْ
فلماذا إذنْ
و لمُدّةِ خَمْسِينَ جِيلًا
سنحْملُ أوْزارَ فِتْنتِهم
ونُعوشَ الخلافةِ من فوْقِ أعْناقِنا
والصّناديقُ ناءتْ بِحِمل الفضائحِ؟
يا ربُّ،
قد شبِع الموتُ منّا
فهل سوْف يُمْهِلُنا
لنصًارِحَ أيّامَنا البَاقية
و نحُطَّ على الأرْضِ أقْدامَنا ؟




يا ربُّ
هذه أرْضُك
كيفَ
........ رميْتَ إلى عرْشِها......
ملكَ الدّودِ
حتى تَعرّتْ هشَاشَتُها للغُزاة
أجبْنا... فنحْن نُحبُّك مثل البلادِ
ولم نحتملْ أن تشقَّ الأصَابعُ حنّاءَها
في الضَّبابِ
وقرْطاج لا ترْجُمُ الغَيْبَ
لكنّها تبْتَني قوْسَها
من وَراء السّحابِ





الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)