شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)
إحصائيات تقييم قصيدة "مرثية القرن الأول" لـ "أدونيس"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "مرثية القرن الأول" لـ "أدونيس"
مرثية القرن الأول 0
مشاركة القصيدة
إلقاء: أدونيس
(أغنية)
ماتَ عيدُ المطرِ
في وجوهِ الشعراءْ
فبدَلناهُ بِعيدِ الحجرِ
أنا والرفضُ ووجهُ الكلمَهْ
وتركنا
للنواقيسِ على أهدابنا
لسماءِ العُروة المنفصمَهْ
وتركنا
للرياحينِ لأجرانِ البكاءْ،
هذه المرثيّةَ المنهزمَهْ.
-1-
ذاهلٌ تحت شاشةِ النبوءةِ، مأخوذٌ بالرمل – يا رجل! قلْ لنا آيةً تأتي...
التاريخُ يهبطُ المنحدرَ في حوارٍ مع النمل، راحلاً على غُباره، مليئاً بالأصدافْ.
كان للقمر عينٌ في غرّته. كان للسماءِ جبينُ الأفعى: لا طريقَ لا كلمة، لكنِ البَرَصُ الباحثُ عن وجه، لكن التجاويفُ والشقوق.
افتحْ جوفكَ يا خليجَ الطحالب: جمجمةُ حمامةٍ على العتبة، والحمّى تثقبُ خوذةَ الفارس.
- ماذا، ما تريدُ أيها الروميّ؟
- تمراً يا سيّدي، ثريداً. الطريقُ رَسَنٌ تائهٌ والجوعُ فرسٌ تصهلُ بين أسناني.
تحت راية الغبار انهزمْنا. ملأنا وجوهَنا بالمقابر وكتبنا وصيّةَ الجوع. لم تكن أمامنا نجمةٌ تتلألأُ، لم تكن غير أشباحِ الرملِ وغير مناجمِ الريح والدمع.
- "نطلبُ يا إلهَنا بطنَ الأرض"، هكذا صلّينا.
- "خذني يا نهر ولا يغتصبني العدوّ" هكذا غنّتْ عذارانا.
البحرُ لوّحَ لنا، البحرُ بكى لأجلنا. من يسبحُ هناك؟ قل لنا فألكَ يا زبد؛ الموتُ يبقّعُ أطرافَنا وفي عيوننا رمادُ الكواكب الأخيرة.
-2-
جبلٌ يلفظُ اسمَهُ أمامي. ورقُ اعتمادٍ بين يديّ.
من يشتري هذه الجموعَ منّا – يأخذها بعيداً بعيداً؟
من يقبلُ هديةً هذهِ الحشود؟ وليأخذْ معها السيوفَ والخناجر، وليأخذْ معها الخلاخيلَ وليأخذْ الوشمَ والوَدَع.
في أسواق الماس والأكاجو دلَّلنا. لفيلٍ أعمى كتبنا رسالةَ البيع.
رجلٌ يتبرّكُ بخفِّ الوالي، رجلٌ يسقطُ شقّينِ مقطوعاً بالصراط، رجلٌ يمشي بساقينِ خيطين، رجلٌ مهروسٌ بالنذير، رجلٌ يتكلمُ ولا رأسَ له، رجلٌ لا اسمَ له، رجلٌ يرسمُ وجهَهُ بحليب ناقته، رجلٌ يعرفُ أمَّهُ في ولائم الملك، رجلٌ يرقدُ مع زوجته تحت عباءة الأمير في حريرِ التسرّي والرعب، رجلٌ يُحشى جلده بالقشِّ ويُعرَضُ في الشوارع، رجلٌ ميّتٌ يجلدُ ثمانينَ سوطاً، امرأة بنهدٍ واحدٍ تُجرُّ على الأرصفة، طفلٌ يلبسُ رداءَ المشنقة.
أحمد أبو الفوارس، كافور أبو المسك، تيمورلنك – هؤلاء أسيادُ أرضنا. هم أمراؤُنا وهم تيجانُنا الفاتحة، هؤلاء حياتُنا على الأرض. والنجومُ جيشٌ يبصقُ علينا باسم سيد الأعالي.
اعبري يا سنواتِنا مكسورةَ الجناح. التصقي بجباهِنا يا خشبة، السقوط بلادنا، و(لتنصرْ اللهم السلطانَ ابن السلطان مالكَ البرّين والبحرين).
وأنتم أيها الشيوخُ ابحثوا لنا عن رجالٍ وراء تخومنا، رجالٍ يسكن فيهم البرق. باسمهم نضربُ نقودَنا، باسمهم ترقدُ نساؤنا فوق وسائد الزئبق.
-3-
هو ذا شعبٌ يفرشُ وجهَهُ للسنابك، هي ذي بلادٌ أجبنُ من ريشةٍ وأذلُّ من عتبة.
من يُرينا عصفوراً ما، شجرةً ما؟ من يعلّمُنا أبجديّةَ الهواء؟ وحدَنا في المفارق ننتظر؛ الرملُ يمحو مناراتِنا، والشمسُ تهترئُ في تجاعيد أيدينا.
آهِ يا بلادي يا جلدَ الحرباء، عطرُكِ مطّاطٌ يحترق، فجرُكِ وطواطٌ يبكي. غير الفاجعةِ لا تلدينَ، غير الحلزونِ لا ترضعين.
هو ذا سيّدُكِ يا خادمة. هاتي له قهوةَ عدن، هيئي سريرَهُ. وأنا سيّدُ الرفضِ – بعيداً عن النافذة أرتجف، وبالفُتات أكتبُ هذه القصيدة.
في أهدابي دمعُ الرتيلاء، في حنجرتي مزمارُ الموت. أتوّجُ بريشةٍ قلبي وأتزوّجُ الريح، وليس في طريقي غير الخرائطِ الممزّقة وغير الرعد.
لا النهارُ يعرفني ولا الليلُ وفوق ترابٍ بلون النسيان أتركُ خطواتي تنمو.
سلاماً أيتها الجثّةُ العائمةُ يا حياتي. واحترقْ يا جسدي
أيها الرؤيا الكئيبة، يا حمامةَ الوداع!
-4-
كلماتٌ بلا قمرٍ تعبرُ نحونا. غيمةٌ عابسةٌ تحملُ ثلجَ الميلاد – ابتعدْ أيها المجوسيِّ الضيف. قبل الأوان تدخلُ تخومَنا؛ وجهُنا أميرٌ على الفراغ وتاريخُنا زبد.
ابتعدْ ابتعدْ
الوحلُ يطرحُ شِباكَهُ علينا.
الوحلُ يلفُّنا بنسيجه.
الوحلُ بين الجفون حريرٌ وعند الرقبة
ولا غيم
وأين أنتَ يا رعدُ يا رسولَ الطوفان؟ اقتحمْ اقتحمْ حُرماتِنا. نساؤنا ينتظرنَكَ خلف سياج الحلم. في الغرف ينتظرنَكَ وفوق العشب. الجنس يلفحُ جلودهنَّ ولا حبيبَ غيرك.
أيها الوطنُ يا كُتَلَ الملح، أيها الهزيل كالهواء، الصابغُ جلدَهُ برماد الكتب، أيها الجنديُّ الشيخُ يا وطني،
أمنحكَ في أحشائي أن تمشي، أمنحكَ الأنينَ مع خطواتي. تنهّدْ يا وحيداً مثلي، تنهّدْ مكسورَ الخاصرة؛ يائساً يائساً تنهّدْ.
لن أُمَوِّهَ جذورَ الطاعون – تحت شجرة يأسي أتفيّأ؛ أجلسُ على أهدابي وأنتظرُ نسرَ الموت.
على كتفَيْ غمامةٍ هاجرَ الأمل. كسر مزاميرَهُ في صدري. أسمعُ طريقاً تنزفُ شقائقَ وأكفاناً، أسمعُ نحيباً في الشوك.
أسمّيكَ أيها اليأسُ لكنَّكَ لا تُسمّى. بعد الآن لن نفترقَ ولن نمشيَ معاً بعد الآن.
-5-
تحت بيارقِ الرفضِ أُسرجُ كلماتي – في غضونِ وجهي عرسٌ آخر والأرضُ بين يديّ امرأة.
-7-
ذاهلٌ تحت شاشةِ الرؤيا مأخوذٌ بالرفض – يا رجل! قُلْ لنا آيةً تاتي...
(أغنية)
النواقيسُ على أهدابِنا
واحتضارُ الكلماتْ
وأنا بينَ حقولُ الكلماتْ
فارسٌ فوق جوادٍ من ترابِ
رئتي شعري وعينايَ كتابي
وأنا تحت قشورُ الكلماتْ
في ضفافِ الزَّبَدِ المؤتلقَهْ
شاعرٌ غنّى فماتْ
تاركاً تحت وجوهِ الشعراءْ
للعصافيرِ لأطرافِ السماءْ
هذه المرثيّةَ المحترقَهْ
Elegy for the First Century
(Translated by: Khaled Mattawa)
(Song)
Bells on our eyelashes
and the death throes of words,
and I among fields of speech,
a knight on a horse made of dirt.
My lungs are my poetry, my eyes a book,
and I, under the skin of words,
on the beaming banks of foam,
a poet who sang and died
leaving this singed elegy
before the faces of poets,
for birds at the edge of sky.
الترجمة للمقطع الأخير من القصيدة
الآراء (0)
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)