شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)
إحصائيات تقييم قصيدة "مرثية الأيام الحاضرة" لـ "أدونيس"
عدد التقييمات: 1 |
معدل التقييم: 5
5 star
1 (100%)
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "مرثية الأيام الحاضرة" لـ "أدونيس"
مرثية الأيام الحاضرة 7
مشاركة القصيدة
إلقاء: أدونيس
-1-
عرباتُ النفيْ
تجتازُ الأسوارْ
بين غناءِ النفيْ
وزفيرِ النارْ.
الريحُ ثقيلةٌ علينا ورمادُ أيّامِنا يلبسُ الأرض. نلمحُ روحَنا في بريقِ شفرةٍ أو على طَرَفِ خوذةٍ، وفوق جراحنا يتناثرُ خريفُ الممالح.
عواصفُنا في خِرَقٍ، وسماؤنا الرمل، وها نحن في مفارقِ الفصول نتحصّنُ بأهدابِنا
ونمشي تحت سماءٍ فسيحةٍ من البغال والمدافع، وغبارُ المقابر يمسكُ بأهدابنا، والأرضُ كلُّها بلون أهدابنا، وأهدابُنا مَخِيطَةٌ بالإبر.
ألحياةُ هزيلةٌ في هذه الدقائق من العمر. النهارُ لا حواجبَ له، وليس للشمس أهدابٌ طويلة. ولا همسَ في بَرَدى والفرات، لا لقاحَ، لا تململ. السلالةُ عاقرٌ في بلادي وخرساء، والتاريخ يحملُ بقاياه إلى أرضٍ أخرى.
أيتها الأرضُ المفروشةُ بالوبر، أيتها الخريطةُ الجامحةُ من القمحِ والنفطِ والمرافئ، يا أرضاً بلونِ الهجرةِ وبلونِ الريح.
- هل ستنهضُ ريحٌ جديدةٌ ضد الرمل؟
وأنتَ أيها المطرُ، أيها المطرُ الذي يغسلُ الأنقاضَ والخرائب، أيها المطرُ الذي يغسلُ الجيفَ، ترفّقْ أيضاً واغسلْ تاريخَ شعبي.
يجهلُ أنَّ الصخرةَ الجارحَهْ
قصيدةٌ مخنوقةٌ في الشفاهْ
ويفهمُ الجاموسةَ النابحَهْ
حمامةً أو زهرةً أو إلهْ.
وذاتَ يومٍ تُبعثُ الحشرجاتْ
في وطنِ الضفادعِ الجائعَهْ
وتنقلُ الخبزَ لنا والصلاةْ
جرادةٌ أو نملةٌ ضائعَهْ.
هو ذا اعترافُ الرمحِ التائه،
هو ذا أنا
اقتلني أيها الصدق.
-3-
- ... تضفّري يا فتوّة بأوراقٍ أكثرَ اخضراراً. لا يزالُ الشعرُ معنا، لا يزالُ الحلمُ:
لسيحونَ هذه الأفراسُ المُحَمِحِمة؛ لخراسانَ هذا الرمّاح. بيتُنا ذهبٌ على سفوح هملايا، وسمرقندُ رايةٌ. بأهدابنا مسحنا جسدَ الأرض، بعروقنا ربطنا الأزهارَ الهاربة. كنّا نغسلُ النهارَ، والحجرُ حريرٌ تحت أقدامنا، والأفقُ صهوةُ جيادنا، ونعالُها الرياحُ الأربع.
تلك هي دروبنا – نتزوّجُ الصاعقة، ونملأُ الأرضَ بصراخ الأشياء الجديدة.
تلك هي تخومُنا – نحنُ أكثرُ اخضراراً من البحر، نحنُ أكثرُ فتوّةً من النهار، والشمسُ بين أصابعنا نردٌ أخضر.
فوق الهاوية سنبني، ولسوف نظلُّ في فوهة المستقبل.
تلك عي عتبة المستقبل:
وأمضي وليس لي غيرُ أحزاني ومسافاتي، وفي موكبي حبيبتي وشِعري، وفي عينيَّ يرقدُ شعبيَ الضائع.
وأمضي وأنا أحلم – بالقلوبِ المعلّقةِ في الدوالي والرؤوسِ المزروعة في الحقول، وأتذكرُ أن هذه ليست إلا بقايا أحبابي.
وحين تدخلُ في عروقي رائحةُ البحر، وتملأ شَعرَ حبيبتي قُبَلُ الريحِ وتموتُ الشواطئُ وتُبعث، لن أتذكّرَ غير أمي
وسأنسجُ لها في ذاكرتي حصيراً ليّنةً تجلسُ عليها وتبكي.
وداعاً يا عصرَ الذباب في بلادي.
... ورقٌ ولا حبر، ولا قلبَ ينفضه الحبر واليأس نجمةٌ في الجبين والشرُّ في طفولته والصمتُ رملٌ كاسحٌ ولا ورق.
- من أيّ بلادٍ أتيتَ، من أيِّ حظيرةٍ لا اسمَ لها؟
- لم يكتملْ وطني بعد، روحي بعيدةٌ ولا مُلْكَ لي.
(بيروت، 1958)
نُشرت في العدد السابع-الثامن لمجلة "شعر" بعنوان "وحده اليأس" – حزيران 1958
الآراء (0)
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)