حَنِينٌ..! - المكي الهمامي | القصيدة.كوم

شاعر تونسيّ، وباحث جامعيّ في مجال الشّعريّة الحديثة (1977-)


464 | 0 | 0 | 0




إلى "غار الملح" مَدْفَن سُرَّتي،
وإلى ابنتي الحبيبة "فردوس"

في عُزْلَتي الأَرْقَى،
أُفَكِّرُ في أََصَابِعِهَا،
وضِحْكَتِهَا المَجَرَّةِ في سَمَاءِ أُبُوَّتِي..
وَأَقُولُ: أَحْلُمُهَا،
حُضُورًا فَائِضَ الأَنْوَارِ، رَقْرَاقًا..
أَقُولُ: تُعيدُ لِي وَطَنَ الطُّفُولَةِ
فِي حُقولِ اللَّوْزِ،
حَيْثُ الأَبْيَضُ القُطْنِيُّ،
حَيْثُ بِدَايَةُ الأَشْيَاءِ..
[كانَ الكَوْنُ فِضِّيَّ المَشاعِرِ،
لازَوَرْدِيَّ المَباهِجِ، سُكَّرِيَّ الصَّمْتِ،
إِلاَّ مِنْ ثُغَاءِ المَاعِزِ الجَبَليِّ
يَأْتي خَافِتَا..!]

وَالآنَ، في هَذا المَكانِ،
صَباحَ يَوْمِ الأَرْبَعَاءِ،
أَرَى امْتِدَادَ شُروقِها في كُلِّ شَيْءٍ..
أَحْدِسُ المَعْنَى غَرِيبًا،
وَهْوَ يُجْهِدُ نَفْسَهُ في وَصْفِها..
وأَقُولُ: كَيْفَ أَقُولُها..؟!!
وأَقُولُ: قَدْ تَأْتِي بِهَا الكَلِمَاتُ، لاَمِعَةً،
كَقَافِيَةٍ تَخَبَّأُ في حَريرِ قَصيدَتي،
وَتَشِعُّ في بِلَّوْرِ أَحْلاَمي
[أُحِبُّ حُضُورَها أَمَلاً..!
وتَزْحَمُني انْتِظارَاتُ اللُّقَى..!]

هَذا الحَنِينُ حَفِيفُ أَوْراقٍ
تَسَاقَطُ في خَريفٍ غامِضِ الأَجْراسِ،
قَادِمَةٌ خُطَاهُ مِنَ البَعيدِ..
وهَذِهِ الأَشْواقُ رائِحَةُ البُحَيْرَةِ،
تَقْفِزُ الأَسْمَاكُ في مَلَكُوتِها..
هَذَا الحَنينُ طَرِيقَتي في الحَكْيِ،
مَفْتُونًا بِإِيقَاعِ العَناصِرِ،
[وَهْيَ تَكْبُرُ كالدَّوَائِرِ فِي خَيَالاَتِي..]
حَنينٌ سَاطِعُ الأَضْواءِ،
شَفَّافُ المَوَاجِدِ.. لاَ يَكُفُّ عَنِ الخَرِيرِ..
وَلاَ يَنِي يَهْذِي اشْتِيَاقًا،
كَالنَّواعِيرِ العَتيقَةِ، مِثْلَمَا
يَهْذِي، وَحِيدًا،
شَاعِرٌ
يَبْكِي
عَلَى فُقْدَانِ أَنْدَلُسٍ..!

تَعِبْتُ مِنَ الحَنينِ،
ولاَ عَذَابَ سِوَى غِيابِكِ؛
فَامْنَحِيني فُرْصَةً لِلْاِنْعِتَاقِ،
كَأَنَّنِي الصُّوفِيُّ أَنْهَضُ،
مِنْ رَمَادِ خَسَارَتِي الكُبْرَى..
وأَبْدَأُ، عائِدًا، كَالمَاءِ نَحْوَ طُفُولَتِي،
صَوْبَ اليَنابِيعِ القَديمَةِ،
[أَيْنَ أُبْصِرُ، في سَمَاءِ المَاءِ، وَجْهَكِ
سَاطِعًا.. وَأَرَى انْعِكَاسَ الرُّوحِ،
فَوْقَ زُجَاجِهِ المَاسِيِّ..]

فَاقْتَرِبِي،
وَحُطِّي، يا حَمامَةُ،
فَوْقَ كَفِّي.. وَانْبُتي
عُشْبًا، عَلَى قَلْبِي..
مَلَلْتُ مِنَ الصُّعودِ إِلَى الأَعَالي؛
يا حَمامَةُ،
فَانْقِذيني مِنْ رُؤَاي..!


(شعر// المكّي الهمّامي)

(بنزرت- تونس)


الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)




كَبُحَّةٍ فِي النَّايِ..!
( 1.8k | 5 | 2 )
غَرِيبُ الخُطَى..!
( 1.6k | 0 | 0 )
أَنْتَ أَصْدَقُ مَا فِي دَمِي(●)
( 1.2k | 0 | 0 )
المَلاَعِينُ..!
( 1.2k | 0 | 0 )
القَصِيدَةُ كُوبٌ مِنَ الشَّايِ..!
( 1.1k | 5 | 0 )
قَلْبُ العُرُوبَةِ..!
( 1.1k | 0 | 0 )
أَصَابِعُهَا..!
( 1.1k | 0 | 0 )
أَهْرَقْتُهَا..!
( 1k | 5 | 0 )
الأُبُوَّةُ رِيشَةُ فَاخِتَةٍ..
( 987 | 0 | 0 )
كُنِ الْفَرَاشَاتِ..!
( 950 | 0 | 0 )
أُحَدِّقُ فِي مَفَاتِنِهَا..!
( 946 | 0 | 0 )
المَجْدُ للطَّعَنَاتِ..!
( 944 | 0 | 0 )
قَصْرُ العَدَالَةِ..!
( 902 | 0 | 0 )
الحَيَاةُ مَكِيدَةٌ أُنْثَى..!
( 843 | 0 | 0 )
شَكْوَى الْوَلَدِ الْفَصِيحِ..
( 838 | 0 | 0 )
نَعْنَاعُ ضِحْكَتِهَا..!
( 815 | 0 | 0 )
صباح الغواية
( 787 | 0 | 0 )
جَسَدِي حَاكِمٌ دِكْتَاتُورٌ..!
( 772 | 0 | 0 )
الذَّهَابُ عَمِيقًا، فِي الْأَشْيَاءِ..
( 761 | 0 | 0 )
تِيجَانُ الْعِشْقِ..
( 694 | 0 | 0 )
الموْتُ..!
( 656 | 0 | 0 )
بِلاَدٌ مِنْ ذَهَبِ المَعْنَى..
( 623 | 0 | 0 )
كَأَنَّكَ زَرْقَاءُ قَرْطَاجَ..!
( 618 | 0 | 0 )
كَالماسِ، في مَلَكُوتِ الأُبُوَّةِ (*)
( 607 | 0 | 0 )
نَشِيدُ الحُرِّيَّةِ
( 606 | 0 | 0 )
تُعَانِقُهُ، شَبَقًا..!
( 606 | 0 | 0 )
اِنْتِصَاراتٌ صَغِيرَةٌ..
( 592 | 0 | 0 )
قَريبًا مِنْ أَسْوَارِ القَصْبَةِ..
( 576 | 0 | 0 )
فِي قَبْوٍ يُسَمَّى.. وَطَنًا (●)
( 551 | 0 | 0 )
قَدْ يُكَسِّرُ أَقْلاَمَهُ..!
( 545 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ لاَ يُصَدِّقُهَا أَحَدٌ..!
( 532 | 0 | 0 )
نَشِيدُ ابْنِ خَلْدُونَ..
( 528 | 0 | 0 )
القِلاَعُ..
( 524 | 5 | 0 )
تَسْتَضِيفُ شَمَالَكَ..
( 521 | 0 | 0 )
صَواريخُ غَزَّةَ..!
( 479 | 0 | 0 )
الكِتابَةُ بِالعَناصِرِ.. العِشْقُ حَتَّى اليَنابِيعِ..!
( 436 | 0 | 0 )
مَحْجُوبُ (*)
( 430 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ تَتَعَرَّى..!
( 429 | 0 | 0 )
أَنَا ابْنُ قَافِيَةٍ تَغِيبُ..!
( 416 | 0 | 0 )