حَنِينٌ..! - المكي الهمامي | القصيدة.كوم

شاعر تونسيّ، وباحث جامعيّ في مجال الشّعريّة الحديثة (1977-)


539 | 0 | 0 | 0




إلى "غار الملح" مَدْفَن سُرَّتي،
وإلى ابنتي الحبيبة "فردوس"

في عُزْلَتي الأَرْقَى،
أُفَكِّرُ في أََصَابِعِهَا،
وضِحْكَتِهَا المَجَرَّةِ في سَمَاءِ أُبُوَّتِي..
وَأَقُولُ: أَحْلُمُهَا،
حُضُورًا فَائِضَ الأَنْوَارِ، رَقْرَاقًا..
أَقُولُ: تُعيدُ لِي وَطَنَ الطُّفُولَةِ
فِي حُقولِ اللَّوْزِ،
حَيْثُ الأَبْيَضُ القُطْنِيُّ،
حَيْثُ بِدَايَةُ الأَشْيَاءِ..
[كانَ الكَوْنُ فِضِّيَّ المَشاعِرِ،
لازَوَرْدِيَّ المَباهِجِ، سُكَّرِيَّ الصَّمْتِ،
إِلاَّ مِنْ ثُغَاءِ المَاعِزِ الجَبَليِّ
يَأْتي خَافِتَا..!]

وَالآنَ، في هَذا المَكانِ،
صَباحَ يَوْمِ الأَرْبَعَاءِ،
أَرَى امْتِدَادَ شُروقِها في كُلِّ شَيْءٍ..
أَحْدِسُ المَعْنَى غَرِيبًا،
وَهْوَ يُجْهِدُ نَفْسَهُ في وَصْفِها..
وأَقُولُ: كَيْفَ أَقُولُها..؟!!
وأَقُولُ: قَدْ تَأْتِي بِهَا الكَلِمَاتُ، لاَمِعَةً،
كَقَافِيَةٍ تَخَبَّأُ في حَريرِ قَصيدَتي،
وَتَشِعُّ في بِلَّوْرِ أَحْلاَمي
[أُحِبُّ حُضُورَها أَمَلاً..!
وتَزْحَمُني انْتِظارَاتُ اللُّقَى..!]

هَذا الحَنِينُ حَفِيفُ أَوْراقٍ
تَسَاقَطُ في خَريفٍ غامِضِ الأَجْراسِ،
قَادِمَةٌ خُطَاهُ مِنَ البَعيدِ..
وهَذِهِ الأَشْواقُ رائِحَةُ البُحَيْرَةِ،
تَقْفِزُ الأَسْمَاكُ في مَلَكُوتِها..
هَذَا الحَنينُ طَرِيقَتي في الحَكْيِ،
مَفْتُونًا بِإِيقَاعِ العَناصِرِ،
[وَهْيَ تَكْبُرُ كالدَّوَائِرِ فِي خَيَالاَتِي..]
حَنينٌ سَاطِعُ الأَضْواءِ،
شَفَّافُ المَوَاجِدِ.. لاَ يَكُفُّ عَنِ الخَرِيرِ..
وَلاَ يَنِي يَهْذِي اشْتِيَاقًا،
كَالنَّواعِيرِ العَتيقَةِ، مِثْلَمَا
يَهْذِي، وَحِيدًا،
شَاعِرٌ
يَبْكِي
عَلَى فُقْدَانِ أَنْدَلُسٍ..!

تَعِبْتُ مِنَ الحَنينِ،
ولاَ عَذَابَ سِوَى غِيابِكِ؛
فَامْنَحِيني فُرْصَةً لِلْاِنْعِتَاقِ،
كَأَنَّنِي الصُّوفِيُّ أَنْهَضُ،
مِنْ رَمَادِ خَسَارَتِي الكُبْرَى..
وأَبْدَأُ، عائِدًا، كَالمَاءِ نَحْوَ طُفُولَتِي،
صَوْبَ اليَنابِيعِ القَديمَةِ،
[أَيْنَ أُبْصِرُ، في سَمَاءِ المَاءِ، وَجْهَكِ
سَاطِعًا.. وَأَرَى انْعِكَاسَ الرُّوحِ،
فَوْقَ زُجَاجِهِ المَاسِيِّ..]

فَاقْتَرِبِي،
وَحُطِّي، يا حَمامَةُ،
فَوْقَ كَفِّي.. وَانْبُتي
عُشْبًا، عَلَى قَلْبِي..
مَلَلْتُ مِنَ الصُّعودِ إِلَى الأَعَالي؛
يا حَمامَةُ،
فَانْقِذيني مِنْ رُؤَاي..!


(شعر// المكّي الهمّامي)


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا:




كَبُحَّةٍ فِي النَّايِ..!
( 1.9k | 5 | 2 )
غَرِيبُ الخُطَى..!
( 1.9k | 0 | 0 )
أَنْتَ أَصْدَقُ مَا فِي دَمِي(●)
( 1.3k | 0 | 0 )
القَصِيدَةُ كُوبٌ مِنَ الشَّايِ..!
( 1.3k | 5 | 0 )
المَلاَعِينُ..!
( 1.2k | 0 | 0 )
أَصَابِعُهَا..!
( 1.2k | 0 | 0 )
قَلْبُ العُرُوبَةِ..!
( 1.2k | 0 | 0 )
أَهْرَقْتُهَا..!
( 1.1k | 5 | 0 )
كُنِ الْفَرَاشَاتِ..!
( 1.1k | 0 | 0 )
الأُبُوَّةُ رِيشَةُ فَاخِتَةٍ..
( 1.1k | 0 | 0 )
المَجْدُ للطَّعَنَاتِ..!
( 1k | 0 | 0 )
أُحَدِّقُ فِي مَفَاتِنِهَا..!
( 997 | 0 | 0 )
قَصْرُ العَدَالَةِ..!
( 981 | 0 | 0 )
شَكْوَى الْوَلَدِ الْفَصِيحِ..
( 922 | 0 | 0 )
نَعْنَاعُ ضِحْكَتِهَا..!
( 918 | 0 | 0 )
صباح الغواية
( 907 | 0 | 0 )
الحَيَاةُ مَكِيدَةٌ أُنْثَى..!
( 902 | 0 | 0 )
الذَّهَابُ عَمِيقًا، فِي الْأَشْيَاءِ..
( 871 | 0 | 0 )
جَسَدِي حَاكِمٌ دِكْتَاتُورٌ..!
( 842 | 0 | 0 )
تِيجَانُ الْعِشْقِ..
( 766 | 0 | 0 )
الموْتُ..!
( 720 | 0 | 0 )
كَالماسِ، في مَلَكُوتِ الأُبُوَّةِ (*)
( 705 | 0 | 0 )
كَأَنَّكَ زَرْقَاءُ قَرْطَاجَ..!
( 692 | 0 | 0 )
بِلاَدٌ مِنْ ذَهَبِ المَعْنَى..
( 687 | 0 | 0 )
تُعَانِقُهُ، شَبَقًا..!
( 669 | 0 | 0 )
نَشِيدُ الحُرِّيَّةِ
( 662 | 0 | 0 )
اِنْتِصَاراتٌ صَغِيرَةٌ..
( 657 | 0 | 0 )
قَريبًا مِنْ أَسْوَارِ القَصْبَةِ..
( 648 | 0 | 0 )
قَدْ يُكَسِّرُ أَقْلاَمَهُ..!
( 641 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ لاَ يُصَدِّقُهَا أَحَدٌ..!
( 607 | 0 | 0 )
فِي قَبْوٍ يُسَمَّى.. وَطَنًا (●)
( 607 | 0 | 0 )
القِلاَعُ..
( 596 | 5 | 0 )
نَشِيدُ ابْنِ خَلْدُونَ..
( 593 | 0 | 0 )
تَسْتَضِيفُ شَمَالَكَ..
( 588 | 0 | 0 )
صَواريخُ غَزَّةَ..!
( 564 | 0 | 0 )
أَنَا ابْنُ قَافِيَةٍ تَغِيبُ..!
( 530 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ تَتَعَرَّى..!
( 508 | 0 | 0 )
الكِتابَةُ بِالعَناصِرِ.. العِشْقُ حَتَّى اليَنابِيعِ..!
( 500 | 0 | 0 )
مَحْجُوبُ (*)
( 500 | 0 | 0 )