الدّخول إلى مقام العُزلة - حسن المقداد | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب لبناني (1992-)


817 | 5 | 0 | 0



من حقّهِ الآن أن يستحسن الجزَعا
مجدّداً طال حبلُ الحلم وانقطَعا

هذا الذي كان يخشى الشوكُ خطوتَهُ
من ينزع الشوك من عينيه إن وَقَعا؟

غداً يحسُّ بما للفقد من قلقٍ
غداً سيدرك عفواً أنّه فُجِعا

غداً تعودُ البدايات التي انكسرَت
على الشبابيك حيث الأغنيات دُعا

ويكبُرُ الخوف في الأفكار يحرجُهُ
حزنُ التفاصيل يرمي قلبه فَزِعا

لقد تعوّدت يا موسى على امرأةٍ
عليك أن لا تلوم البحر إن صُدِعا

يؤذيك؛ لا تبتكر حلما تؤوّلهُ
كل التآويل لن تجدي ولن تَقَعا

يريدكَ الشّعرُ طفلاً لا طريق له
ولا منازل قد تؤويه إن رَجَعا

يريدك الشّعرُ مقتولاً على يدهِ
وكلّما ازددت حزناً طار وارتَفَعا

ضاقت عليك وزاد البحرُ غربتها
لا أنت أنت ولا أنت الذي سَطَعا

منذ افتقدت بلاداً ذات أندلسٍ
لم يترك الحزنُ في بيروت متَّسَعا

لوجهها حرقة قصوى إذا خطرَت
ولم تكونا على ذات الرّصيف معا

لوجهها قسوةُ الغيبيّ تذكرهُ
مفرّقاً ثمَّ لا تنساه مُجتمِعا

كأنّهُ يلبس الجدران والطرقات
لم يكن نرجسيّاً، لم يكن بَشِعا

لكنّهُ كان يرمي كلَّ أسهمه
وكلُّ سهمٍ يخلّي خلفهُ وَجَعا

فمن يجيركَ من هذي السّهام إذن
ومن يثبّتُ لطفَ الله إن رُفِعا؟

نم وافتقدها كثيراً لا سرير هنا
إلّا لشخصين لا عادا ولا اجتَمَعا

نم وافتقدها على الشبّاك أخيلةٌ
لصوتها وحنينٌ ساخنٌ لَمَعا

فوضى الوسائد صارت محضَ ذاكرةٍ
وليلك الآن مشدوهٌ كمن خُدِعا

فلا تقاوم أسىً مرّاً لتمنعه
يصير أقوى وأقوى كلما مُنِعا

غداً ستصحو بلا فنجان قهوتها
بلا "صباحكَ يغريني إذا طَلَعا"

فاكتب لها واعتزل من حاولوك ومن
تتبّعوا جرحكَ الشعري كيف سَعَى

قاسيتَ موتك قبل اليوم، هم سمعوا
ولا يُقارن من قاسى بمن سَمِعا



القصيدة الفائزة بجائزة ابن المقرّب الأدبيّة ٢٠٢١


الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)