شَكْوَى الْوَلَدِ الْفَصِيحِ.. - المكي الهمامي | القصيدة.كوم

شاعر تونسيّ، وباحث جامعيّ في مجال الشّعريّة الحديثة (1977-)


839 | 0 | 0 | 0




(إلى آدم، بعيدا عنّي..)

حَاوَلْتُ،
أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، أَنْ أُكَسِّرَ قَيْدًا..
وَحَاوَلْتُ أَنْ أَسْتَعِيدَ جَنَاحَيْنِ مِنْ أَمَلٍ..
كُنْتُ حَاوَلْتُ أَنْ أَسْتَضِيءَ بِصَوْتِكَ،
يَا أَبَتِي.. أَنْ أَطِيرَ طَلِيقًا،
كَبَالُونَةِ الْعِيدِ، حَمْرَاءَ،
خَضْرَاءَ، صَفْرَاءَ،
مِلْءَ الْفَضَاءِ السَّمَاوِيِّ..
[كُنْتُ أُحَاصِرُ حُزْنِي، وَحِيدًا،
عَسَى أَنْ أُحَرِّرَ نَفْسِي مِنَ الْأَسْرِ..!]

حَاوَلْتُ أَنْ أَسْتَرِدَّ عَلَى شَفَتِي،
طَعْمَ حَلْوَائِكَ الْفَذَّ،
[حِينَ الْتَقَيْنَا بِبِنْزَرْتَ،
فِي صَيْفِ أُوتَ
– أَ تَذْكُرُ..؟–
أَحْضَرْتَ لِي لُعَبًا،
وَأَنَابِيبَ لِلْغَطْسِ بَرَّاقَةً..
وَمَضَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ..!]

هَلْ كَانَ ذَاكَ الَّذِي اقْتَدْتَنِي،
مُفْرَدَيْنِ إِلَيْهِ، سَعِيدَيْنِ بِالْمَشْيِ
فَوْقَ الرِّمَالِ الشَّفِيفَةِ،
بَحْرًا مِنَ الْمَاءِ، يَا أَبَتِي..؟!
كَانَ يَبْدُو سَرِيرًا فَسِيحًا مِنَ الْمَوْجِ،
أَزْرَقَ، أَزْرَقَ، رَهْنَ التَّخَيُّلِ..
أَقْفِزُ فِي رِيشِهِ، فَرَحًا،
عَائِدًا بِقَوَاقِعَ غَامِضَةِ السِّرَّ..

حَاوَلْتُ..!
لَمْ أَتَوَقَّفْ عَنِ الْحُلْمِ يَوْمًا،
بِلُقْيَاكَ، يَا أَبَتِي،
بِاحْتِضَانِكَ حَدَّ التَّوحُّدِ فِيكَ..
بِلَمْسِ يَدَيْكَ، لِيُزْهِرَ فِي دَاخِلِي
بَيْدَرٌ، وَيَحُطَّ عَلَى كَتِفِي الطَّيْرُ،
مُنْتَشِيًا، دَافِئَ الْخَفَقَانِ..
وَيَأْتِي إِلَى ضِحْكَتِي الْعِيْدُ،
أَنَّى أرَى وَجْهَكَ الطَّلْقَ،
مُزْدَحِمًا بِمَبَاهِجِهِ الْكُثْرِ..

حَاوَلْتُ،
حَتَّى رَأَيْتُ اشْتِيَاقَكَ لِي،
فِي مَنَامِي، كَوَاكِبَ لاَمِعَةً
وَنُجُومًا تَلَأْلَأُ.. لَكِنَّنِي [!!!]
لَسْتُ يُوسُفَ فِي مِحْنَتِي..
لَا نُبُوَّةَ لِي، يَا أَبِي..!
– كَيْفَ أَقْرَأُ هَذِي الْإِشَارَاتِ؟
– كَيْفَ أُؤَوِّلُ أَبْعَادَهَا الْكُثْرَ؟
– هَلْ هِيَ فِي الْخَيْرِ..؟!
– هَلْ هِيَ فِي الشَّرِّ..!؟

حَاوَلْتُ أَنْ أَرْسُمَ الْعُشْبَ أَبْعَدَ،
فِي نَاظِرَيْكَ، لِأَدْخُلَ كَالنُّورِ
فِي مَا تَرَى مِنْ حَقَائِقَ..
[أَعْرِفُ حَدْسًا، بِأَنَّكَ تَفْقِدُ
إِبْصَارَكَ، الْآنَ، مِنْ مَرَضٍ مُزْمِنٍ..!]
فِي غِيَابِكَ عَنِّي،
خَطَطْتُ طَرِيقًا عَلَى اللَّوْحِ،
مِنْ أَثَرِ الشَّوْقِ، أَعْمَقَ،
أَعْمَقَ، يَمْضِي حَزِينًا،
وَيَخْتَرِقُ الْغَابَ كَالنَّهْرِ..

لَا أَمْلِكُ، الْآنَ،
أَكْثَرَ مِنْ أَنْ أَرَاكَ بِقَلْبِي الصَّغِيرِ،
أُحِسَّكَ بِالْكَلِمَاتِ
[الَّتِي قُلْتُهَا وَالَّتِي لَمْ أَقُلْهَا..!]
أَمِيلُ عَلَيْكَ كَجُرْحٍ،
كَقَوْسٍ مِنَ الْمَرَحِ الْقُزَحِيِّ،
وَأَقْطِفُ رُمَّانَةً
مِنْ غُصُونِ أُبُوَّتِكَ الْخُضْرِ..!

* شعر/ المكّي الهمّامي *

(بنزرت التّونسيّة)

إضاءة: القصيدة إدانة شعريّة لجريمة التَّغْيِيبِ الأبويّ



الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)




كَبُحَّةٍ فِي النَّايِ..!
( 1.8k | 5 | 2 )
غَرِيبُ الخُطَى..!
( 1.6k | 0 | 0 )
أَنْتَ أَصْدَقُ مَا فِي دَمِي(●)
( 1.2k | 0 | 0 )
المَلاَعِينُ..!
( 1.2k | 0 | 0 )
القَصِيدَةُ كُوبٌ مِنَ الشَّايِ..!
( 1.1k | 5 | 0 )
قَلْبُ العُرُوبَةِ..!
( 1.1k | 0 | 0 )
أَصَابِعُهَا..!
( 1.1k | 0 | 0 )
أَهْرَقْتُهَا..!
( 1k | 5 | 0 )
الأُبُوَّةُ رِيشَةُ فَاخِتَةٍ..
( 987 | 0 | 0 )
كُنِ الْفَرَاشَاتِ..!
( 950 | 0 | 0 )
أُحَدِّقُ فِي مَفَاتِنِهَا..!
( 946 | 0 | 0 )
المَجْدُ للطَّعَنَاتِ..!
( 944 | 0 | 0 )
قَصْرُ العَدَالَةِ..!
( 902 | 0 | 0 )
الحَيَاةُ مَكِيدَةٌ أُنْثَى..!
( 843 | 0 | 0 )
نَعْنَاعُ ضِحْكَتِهَا..!
( 815 | 0 | 0 )
صباح الغواية
( 787 | 0 | 0 )
جَسَدِي حَاكِمٌ دِكْتَاتُورٌ..!
( 772 | 0 | 0 )
الذَّهَابُ عَمِيقًا، فِي الْأَشْيَاءِ..
( 761 | 0 | 0 )
تِيجَانُ الْعِشْقِ..
( 694 | 0 | 0 )
الموْتُ..!
( 656 | 0 | 0 )
بِلاَدٌ مِنْ ذَهَبِ المَعْنَى..
( 623 | 0 | 0 )
كَأَنَّكَ زَرْقَاءُ قَرْطَاجَ..!
( 618 | 0 | 0 )
كَالماسِ، في مَلَكُوتِ الأُبُوَّةِ (*)
( 607 | 0 | 0 )
نَشِيدُ الحُرِّيَّةِ
( 606 | 0 | 0 )
تُعَانِقُهُ، شَبَقًا..!
( 606 | 0 | 0 )
اِنْتِصَاراتٌ صَغِيرَةٌ..
( 592 | 0 | 0 )
قَريبًا مِنْ أَسْوَارِ القَصْبَةِ..
( 576 | 0 | 0 )
فِي قَبْوٍ يُسَمَّى.. وَطَنًا (●)
( 551 | 0 | 0 )
قَدْ يُكَسِّرُ أَقْلاَمَهُ..!
( 545 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ لاَ يُصَدِّقُهَا أَحَدٌ..!
( 532 | 0 | 0 )
نَشِيدُ ابْنِ خَلْدُونَ..
( 528 | 0 | 0 )
القِلاَعُ..
( 524 | 5 | 0 )
تَسْتَضِيفُ شَمَالَكَ..
( 521 | 0 | 0 )
صَواريخُ غَزَّةَ..!
( 479 | 0 | 0 )
حَنِينٌ..!
( 464 | 0 | 0 )
الكِتابَةُ بِالعَناصِرِ.. العِشْقُ حَتَّى اليَنابِيعِ..!
( 436 | 0 | 0 )
مَحْجُوبُ (*)
( 430 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ تَتَعَرَّى..!
( 429 | 0 | 0 )
أَنَا ابْنُ قَافِيَةٍ تَغِيبُ..!
( 416 | 0 | 0 )