0 تقييم
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
لمَّا رأى -في الصُّبحِ- جارَتهُ
على الشُّبَّاكِ عاريةً، تقاذفتْهُ مَتاهةٌ،
وانْسابَ مِنْهُ النَّبضُ مُرْتَبِكًا
وقالَ: كأنَّها أُنثى
تُفسِّرُ جسمَها للشَّمسِ،
تقرأُ حُسْنَها للطَّيرِ،
يلمعُ جلدُها عند اشْتعالِ الضَّوءِ بالشَّهَواتْ.
*
مَيَّادةٌ غَنَّاءُ يَطرحُ جسمُها قمحًا،
ووَشْمَ فراشةٍ قبلَ انْتصافِ البطنِ
حيثُ تعلَّقتْ أُخرى بطرفِ قلادةٍ فضِّيَّةٍ
وهُناكَ فوقَ الكعبِ خَلخالٌ
على شكلِ الفراشةِ لا يُحرِّكُ ساكنا.
هل يا تُرى نقلَ الفَراشُ لبعضهِ
عدوى التَّشبُّثِ بالجمال؟!
وهلْ تجاذبتِ الفراشاتُ الحديثَ عَنِ الحياةِ
بجسمِ سيِّدةٍ تُبيحُ ثمارَها للضَّوء؟
*
ماذا سيحدثُ إنْ تحوَّلَ جسْمُها ربًّا وأعلنَ:
باسْمِ هذا النَّهدِ،
والنَّمَشِ المُهاجرِ مِنْ بلادِ الوردِ في الإبطينِ
نحْوَ الشَّامةِ السَّوداءِ في عُنقِ السَّما،
باسْمِ الأظافرِ في تلوُّنها،
تحيا الفراشات..
ماذا يجدُّ على الجمادِ مِنَ الحياة؟!
وهلْ سَتتَّجهُ الفراشاتُ الجديدةُ للرَّحيلِ
أمِ البقاء؟!
ترْنو القلادةُ نحو خَلخالٍ تقيَّدَ بالحديدِ كلاهما،
والوشمُ حُرٌّ
يَسْتَظلُّ بقُبَّةِ النَّهدِ الَّذي ضجَّ النبيذُ بداخِلهْ.
أمَّا إذا مَرَّتْ على النَّهدِ الشَّهيِّ قلادةٌ،
فيصيرُ مُشْتَعِلًا،
يَزيدُ تَكوُّرًا،
فيهِ ارْتعاشٌ
مِنْ تربُّصِ لَمْسةٍ صَيَّادةٍ،
وكأنَّ أطرافَ الأناملِ داعبتهُ بليلةٍ شتويَّةٍ،
فيُقطِّرُ الخمرَ المُعتَّقَ مِنْ بقايا جَمرَتينِ،
لكي يرى قلبُ المُراقبِ كيفَ تبْتَكرُ الأنوثةُ سِحْرَها.
الوشمُ يغضبُ،
هلْ يُحبُّ النَّهدُ فضَّتها؟
يلينُ لضوئِها!!
وهوَ المُخيَّرُ غيرَ خَلخالٍ وأنثاهُ،
يقولُ: أنا المُبارَكُ جئتُ مِنْ دمِها
وجاءا مِن صِفاتِ الفضَّةِ البكماءِ خيرٌ مِنهما لوني.
*
يا للخيالِ بجسمِ فاتنةِ على الشُّبَّاكِ كَمْ أوْحَتْ لناظرِها،
لمَّا تأمَّل جسمَها المذكورَ في سِفرِ الخُرافةِ والدَّلال.
جسدٌ يثيرُ خيالَ نَحَّاتٍ مِنَ اليونانِ،
كي يسْتولدَ الإعجازَ مِنْ رحمِ الرُّخامِ،
ورُبَّما يتحوَّلُ النَّحَّاتُ ضوءًا
أو نبيًّا فيلسوفًا عاشقا.
فالأنبياءُ يُعرَّفونَ بآيةٍ،
ويُبشِّرونَ بجنَّةٍ،
ويُحذِّرونَ مِنَ الجحيم.
وجحيمُ سيِّدةٍ بهذا الجسمِ كيفَ يُرى إذن؟
بلْ أينَ يُوجَدُ؟!
هلْ تُراهُ بظَهْرِها؟!
ماذا يكونُ بظهرها المخفيِّ
عَنْ عينِ العِبادِ المؤمنينَ بنهدها الكُرَويِّ؟
وَشمٌ آخرٌ مثلًا؟ كبيتٍ مِنْ قصيدةِ شاعرٍ مغمور.
أو رَسْمةٍ للبومةِ الخضراءْ.
هلْ ثورةٌ في الخلفِ يَحْملها الرُّواةُ
على لسانِ العائدينَ مِنَ التَّحرُّرِ والتَّشبُّعِ بالرُّؤى؟
*
والآنَ يسألُ عَنْ مؤرِّخِ عصرِها الفضِّيِّ
مِنْ بدءِ التَّزهُّرِ والإثارةِ
للوصولِ لبؤرةِ الأسرار.
هذا الَّذي رَسَمَ الوشومَ بجسمِها،
هلْ صارَ نَجْمًا؟
أمْ مَلاكًا؟ أمْ نبيّا؟!
هلْ تحوَّلَ غيمةً تحْنو على الدُّنيا وتُمطرُ حِنطةً؟
ولرُبَّما صارت يداهُ حدائقا،
إنْ صافحَ الأطفالَ تنمو مِن أصابعِهم
بيوتٌ للطُّيورِ ومُفرداتٌ للُّغاتِ السَّاميةْ.
فهوَ الوحيدُ المُصْطفى للَّمسِ،
كيفَ شعورُهُ عِندَ ارْتشافِ الجلدِ؟
هلْ زادتْ حرارتهُ؟!
وهلْ دَخَلَ المتاهةَ حيثُ لمْ يخرجْ أحدْ؟!!
*
الآنَ يُدركُ جارُها
وجعَ التَّساؤلِ في زمانِ الآلهةْ.
ويَعودُ يسْألُ:
إنْ تحوَّلَ كلُّ مَنْ مَرَّتْ بهِ،
فتُرى لأيِّ خُرافةٍ سَيَصيرُ؟
لمْ يدرِ ما طعمُ الجوابِ وإنَّني
أدري بأنَّ الجارَ أصبحَ
شاعرا ...
****