أحزانُ صَيَّادٍ قديم - محمد الجابري | القصيدة.كوم

شاعر أو صانع فاكهة مصري (1987-)


251 | 0 | 0 | 0




يمشي على شوكِ الحنينِ كأنَّهُ
دمعٌ يُراودُ في المسافةِ جفنَهُ
كمْ هيَّأ الكوخَ الهزيلَ لصُحبةٍ
نقشتْ على حجرِ القصائدِ عينَهُ
أضلاعُهُ حطبٌ، ونارُ اللَّيلِ
جائعةٌ كحُرٍّ حينَ غادرَ سِجنَهُ
يشكو لموجِ البحرِ مِنْ فعلِ
الخريفِ، وصوتُهُ نايٌ يُعاتبُ لحْنَهُ
بالأمسِ كانَ العابرونَ بقلبهِ
شجرًا يُرصِّعُ بالفواكهِ حُسْنَهُ
ويُغمِّسونَ بوجههِ خبزًا فإنْ
شبعوا يُدفِّئُ بالمحبَّةِ بطنَهُ
أصْحابُهُ كلُّ ادِّخارِ العمرِ والعمرُ
المُشقَّقُ ليسَ يَعرفُ حينَهُ
كانتْ ملامحهُ سماءً ليس يُقفَلُ
بابُها، والطَّيرُ يُحسِنُ ظنَّهُ
عيناهُ أوَّلُ مسجدٍ في البحرِ،
حينَ بكى تشرَّبتِ المآذنُ حزنَهُ
يَرمي الشِّباكَ على جبينِ الموجِ
مُبْتسمًا وربُّ الماءِ يُغدِقُ مَنَّهُ
كانتْ عروسُ البحرِ تبتكرُ المساءَ
لهُ، فيَحْتلُّ التجلِّي جِنَّهُ
ألقتْ أنوثتها على أعوامهِ
فارتدَّ عُمرٌ كي يُحدِّدَ سِنَّهُ
يَتَبخَّرُ الإنسيُّ مِنْ فرطِ التَّشبُّعِ
بالهوى، والوصلُ يطعنُ بيْنَهُ
حتى إذا دقَّتْ طُبولُ الحربِ
نادتهُ السَّواحلُ كي يُسدِّدَ دَيْنَهُ
القتلُ يزرعُ صرخةً في قلبهِ،
والحبُّ يَرفضُ أنْ يُغادرَ طينَهُ
يَتَلقَّفُ الأحلامَ بحرٌ هائجٌ
وأبٌ يُزوِّدُ بالخساراتِ ابْنَهُ
عَوَتِ المدافعُ والصَّدى مُدنٌ
تشوَّهَ وجهُها، والحبُّ يَفقدُ حِصْنَهُ
كيفَ الصَّلاةُ على بساطِ الحربِ؟
والصَّيَّادُ كانَ الحبُّ جهرًا دِينَهُ!
في دهْشةٍ يَتَسَاءلُ المثقوبُ:
قانونُ المعاركِ والوغى مَنْ سَنَّهُ؟
اليومَ يجلسُ في شتاءِ العُمرِ
مُنْكَمِشًا وسوطُ الفقدِ يجلدُ حِضْنَهُ
في راحتيهِ قواربٌ مذبوحةٌ
والقاعُ تاقَ لأنْ يُلامسَ مَتْنَهُ
في عينهِ التَّاريخُ مُنْكَسِرٌ وذاكرةُ
المراكبِ لا تُفارقُ ذِهْنَهُ
مُتثاقلًا يمضي بما احْتَمَلتْ تجاربُهُ
كجذعٍ لمْ يُودِّعْ غُصْنَهُ
*****





الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)