الدم - عماد أبو صالح | القصيدة.كوم

شاعر مصري، يطبع كتبه على حسابه الخاص ويوزعها بنفسه رافضا بيعها، يعتبر من أهم كتاب قصيدة النثر (1967-)


439 | 0 | 0 | 0




الأرض تكرهني
ترفض أن تشرب قطرة مني
تفضل عليّ الماء
لأنه يضاجعها، وتحبل.

لا أغار منه
أضحك
-وهو يستنزف نفسه-
وأقول:
"سيجيء يوم
وتصير الحياة لي وحدي.
وأسقي للناس والعصافير والأشجار".

أنا في الصحاري الواسعة
-حيث لا يجرؤ هو على الاقتراب منها-
على فم الأسد
الذي يفترس الغزال.

في ساحات الإعدام
حيث يطلب المتهمون
شربة منه
ولا يجدونه
بينما أتدفق كنافورة
من صدورهم.

ليس صحيحاً
أنه كان خائفاً من الحرس.
لأنه كان يمكن أن يسيل
في هيئة مطر
ويسقي المسيح على الصليب.

أنا الذي نزفت
-من موضع الشوك في رأسه-
وبللت شفتيه.

تفجرت صارخاً
على وركي بنت
اغتصبها صاحب الحقل
وهي تجمع الأزهار الرخيصة
من البرسيم
لكنه
أسرع
وغسل أثري.

لو يتغير، يفسد
أما أنا فهيئاتي عديدة

بريء في خدود الأطفال
عاهر على مؤخرات اللوطيين
طاهر على ملابس الشهداء
كافر في اليد مقطوعة الشريان
فرح على أسرة العرائس
وذليل على أصابع الخادمة
التي تقشر البصل
في المطبخ.

إن كنت عليلاً
-على البلاط-
في غرفة العجوز المسلولة
التي تقتل الوحدة
بصوت كُحّتها،
فأنا قوي ووفير
في جسد الشاب
الذي يتبرع بي
لجسد تحت العجلات.

لا أريد أن أتدنى في الكلام
وأقول:
"أنا لي بنوك باسمي
والناس يبولون فيه، في الأنهار".

لا يؤثر فيّ
أن تنزف الأمهات بغزارة
في لحظات الولادة
لأن أطفالهم
ليسوا سوى زجاجات جديدة
معبأة بي.

بقائي في إراقتي
لأن القتلة
يقتلون
لأجل أن يدافعوا عني
في أجسادهم.

حتى الأجساد التي تموت
ميتات طبيعية
لا أدفن معها.
لست أهرب منها
-كما يشاع عني-
بل أشِفّ
وأطير
-في الأعالي-
مع الروح.






الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)