أُنْشُودَةٌ لِلْعُذُوبَة (1) - البيومي محمد عوض | القصيدة.كوم

شاعر مصري، تفضي نصوصه إلى خصوصيّة عالية في الرهافة والجمال والرؤيا


413 | 0 | 0 | 0




ارجِعي لِي!
كي أغمرَ الكونَ
بالرحمةِ والمجدِ والسَّنا والوسَامَةْ
ارجِعي لِي!
كي يركضَ النورُ
في أرجاءِ ذاتي،
وكي تموتَ القتامَةْ
ارجِعي لي!
كي تنفخَ الوردةُ الحمراءُ
بالرُّوحِ
في جنينِ القيامَةْ!

أنا يا روحُ
مُستثارٌ جنُوني!
كيف بات السرابُ ملءَ يديْنا؟!
كيف أعطيتِ
للخرافاتِ أُذْناً؟
فذبحتِ الربيعَ في مقلتيْنا
كيف في نشوةِ السَّفينةِ
جفَّ البحرُ؟
آهٍ!
وقلتِ: إنَّا انتهيْنا!

لا! وعينيكِ!
حبُّنا خالدٌ كالنورِ،
كالشِّعر،
كانتصَارِ العُذُوبَةْ
حبُّنا خالدٌ
كدفءِ التَّجلي،
كالنَّدى السمحِ،
كالرُّبا،
كالخصُوبَةْ
حبُّنا غربَتَانِ
فائِضتا النَّوْحِ..
فمِيلي لغُربتي يا الغَريبَة!

ذوتِ الأمسياتُ،
والليلُ جفَّتْ نارُه،
والغريبُ ضَجَّ أنينَا
هائِماً كالدَّرويشِ
يمشي بأرض الله، مُرَّ الفَضا، يسيلُ جنُونا
كيف هانتْ عليكِ صعقتُه بالنأي؟
يا أجملَ النساءِ عيُونا !!

ما الَّذي فيكِ شدَّني؟!
ما الَّذي ذوَّبَ عُمري؟! يا سرَّ أسرارِ قلبي
أنَّني ..
فارَ في يدَيكِ نبيذِي؟!
أنني كلَّمتُ في عينيكِ ربِّي؟!
أنَّني ما سلكتُ درباً بعِيداً عنكِ
إلَّا ودارَ نحوكِ دَرْبِي؟!

يا إلهي!
هذا الجَمالُ مخيفٌ
كم بأفيائِه اشتعلتُ لهِيبَا
مُرعبٌ
أن يكون عنِّي غنيّاً،
صَاعِقٌ أن يكونَ منِّي قريبَا
فأغِثني!
كَي تستطِيعَ عيُوني
رشفَ عَيْنَيْهِ خمرةً أو حَلِيبَا ..!

كم سماءً
ذوَّبتَ في مقلتَيها؟!
إنَّني صاعِدٌ سَماءً سَماءَ
إنَّني الآنَ
سابحٌ في حفيفِ الضَّوء
فاضَتْ بحارُهُ كبريَاءَ
عن يمِيني
جبريلُ يقطرُ نوراً،
عن يسَاري مِيكَالُ يُشرِقُ مَاءَ

بَاركِيني
بمَسِّ رأسِي قليلاً،
وكثيرٌ منكِ القليلُ المُبَارَكْ
أنتِ رُوحُ الشَّذَى،
وفيضُ التَّجلي،
والَّذي فاتَ منكِ لا يُتَدَارَكْ
فصِلِيني
بالوَعْدِ
إن عَزَّ قُربٌ!
واسمَحِي للكَلِيمِ يغسِلُ نارَكْ

كان عهدٌ يا وردةَ اللهِ
فيما بيننا
أن نصونَ هذا الغرامَا
حدِّثِيني!
من خانَ مَوثِقَه؟
من لطمَ الوردَ باللهيبِ انتقَامَا؟!
من لهذا البُكاءِ
أسلمَنَا
في قَسوةٍ مُرَّةٍ كلَيْلِ اليَتامَى؟!

ارجِعي لِي!
إن النبيَّ غوَى!
فاستَنقِذِيهِ من ورطةِ الجَاهِليَّةْ
ارجِعِي لي! أرجُوكِ ..
إنِّي سئِمتُ المَوتَ خِزياً في اللحظةِ السَّامِرِيَّةْ
ارجِعِي لِي
يا نخلةَ المِسْكِ
صُبِّي خمرةَ اللهِ فِي الكُؤوسِ النَّبِيَّةْ
..





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.