سمعته وفمه حجارة - أدونيس | القصيدة.كوم

شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)


502 | 0 | 0 | 0



I
سمعتُهُ وفمهُ حجارةٌ:
"خُطايَ لا أريدُها
ثقيلةٌٌ، رتيبةٌٌ،

وهذه سلاسلي
أموتُ في رنينها، -
سلاسلي حديدُها إلهٌ".

وقال والتراب في جفونه، وصوته غوايةٌ:
"الساعة التي تجيءُ، لم تجئْ".

II
نافذتي مغلقةٌ – نافذتي التي ربطتُ ناظري بضوئها،
وبصري مُكفّنٌ
وحاضري دمٌ - مصائرٌ رهينةٌ ووطنٌ مسوّرٌ بموتهِ،
والآخرون - الكون في بيوتهمْ
والله فوق طبقٍ من العقول مُترفٍ".

III
أغيّرُ الحياةَ: شكلَ سيرها
وآدميّاً موثقاً بيومه، بخبزهِ
يغصُّ بالهواء، يبقى الله في حلقومه معلّقاً؛
ولا يزال صوتُهُ
يجتاحني، وفمه حجارةٌ:
"خُطايَ لا أريدُها..."

IV
"تُرى، تُراه جسدي يُعيذنا؟
وهل يكون موتيَ انبعاثةً؟
وهذه حياتنا:
مُرتّلون مَوسقوا سرابهم،
وبين كل خطوة وخطوةٍ
مغاورٌ تألهتْ، ونُصُبٌ.
ومات قبليَ المسيحُ، مات آخرون، بعدَهُ...
تُرى، تُراه جسدي يُعيذنا؟".

V
سمعتُهُ وفمهُ حجارةٌ، يقولُ: "بَعْدُ، لا نرى
والساعة التي يُقال أنها آتيةٌ، توقّفتْ".
وقيلَ، أمسِ، غابَ. غابَ صوتُهُ،
وقيلَ ماتَ: وجههُ غوايةٌ
وناظراه أفقٌ، نوافذٌ جديدةٌ،
وساعداه جدولا شقائقٍ.
وقيل: من خفّوا إلى وداعهِ
تهامسوا وتمتموا:
"أبالدم انتهى الدمُ؟".

بيروت في 15-3-1957


نُشرت في العدد الثاني لمجلة "شعر" – نيسان 1957


الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)