زَمْزَمِيَّةُ زَنْجَبِيلٍ - حاتم الأطير | القصيدة.كوم

شاعر مصري، حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 2020 (1990-)


1067 | 0 | 0 | 0



نَحْنُ الرِّجَالَ مَعَاوِلٌ حَجَرِيَّةٌ
إِنْ غَرَّدَتْ حَوْاءُ صِرْنَا مَاءَ وَرْدٍ
إِنَّنَا مَطَرٌ وَهَوْدَجُهَا السَّحَابُ
وَقَلْبُنَا تَعَبٌ فَظِيعٌ وَالسَّلَامَةُ صَدْرُهَا
وَمِنَ الْقَدَاسَةِ أَنْ تُطَالِعَ وَجْهَ أُنْثَى
نَوَّرَ الْإِنْسَانُ فِي قَسَمَاتِهِ
مَا بَالُكَ اشْتَعَلَتْ أَمَامِيَ بِنْتُ غَارٍ
وَجْهُهَا الْعَرَبِيُّ يَهْتِفُ: يَا ابْنَ آدَمَ
عَقْلُكَ الْمَدَدُ الْمُجَنَّحُ فَاسْتَقِمْ

بِنْتٌ تُحَرِّضُنِي عَلَى شَرَفِ الزَّعَامَةِ!
إِسْمُهَا الشَّيْمَاءُ وَهْوَ ضَمِيرُ عَيْنَيْهَا كَذَلِكَ
لَمْ أَكُنْ يَارَبِّ أَدْرِي أَنَّ عَفْوَكَ
قَدْ يَرَاهُ الْمَرْءُ فِي امْرَأَةٍ تُحَاكِيهَا الطَّبِيعَةُ
أَنَّ لُطْفَكَ قَدْ تَجَلَّى فِي أَصَابِعَ كَالضُّحَى
تَمْشِي عَلَى جِلْدِي فَتَخْضَرُّ السَّجِيَّةُ

بِاسْمِكَ الْلَهُمَّ أَصْعَدُ
لِلْفُوانِيسِ الْمُضَاءَةِ مِنْ سَنَا فَمِهَا
وَأَحْكِي لِلْحَدَاثَةِ عَنْ عُوالِمِهَا
وَأَفْتَحُ قَلْبِيَ الْمَخْمُورَ
لِلْوَهَجِ الْمُسَافِرِ فِي نَسَائِمِهَا
وَأَفْرِشُ صَدْرَيَ الْفَلَّاحَ بِالْكَافُورِ
كَيْ تَضَعَ النَّقِيَّةُ رَأْسَهَا

يَا صَاحِبِي
مَا بَالُهَا الْأَشْوَاقُ
تَنْصُبُ خَيْمَةً فِي بَهْوِ سُلْطَانِي،
وَتَرْمِي عَرْشِيَ الْجَبَّارَ بِالطَّرَبِ الْمُصَفَّى،
بِالزَّرَازِيرِ الْحَنُونَةِ،
بِالْهَوَى الْمُحْتَدِّ مِثْلَ قِيَامَةٍ؟!
مَا بَالُهَا بِجَلَالَةِ النَّامُوسِ تَضْرِبُ هَكَذَا؟!
وَبِعُنْفُوَانِ الرِّيحِ تَعْصِفُ بِالْوَقَارِ الْهَاشِمِيِّ

بِحِنْكَةٍ بَدَوِيَّةٍ تَسْتَلُّنِي مِنْ مَضْجَعِي
وَتَجُرُّ أَقْمَارِي إِلَى لَيْلِ الْجَمِيلَةِ
مِثْلَمَا جَرَّ الْبَلَابِلَ جَدْوَلٌ؟!

مَاذَا أُدَبِّرُ لِلرَّعِيَّةِ
وَالْهَوَى صَلَّى عَلَى عَقْلِي
صَلَاةَ الْغَائِبِ السَّكْرَانِ
وَاسْتَشْرَى الْبَنَفْسَجُ فِي دَمِي؟!
وَأَنَا الْخَلِيفَةُ..
حَسْبِيَ الْفَتْحُ الْمُبَارَكُ فِي ضَفَائِرِهَا
وَحَسْبِي عَرْشُ تَحْنَانٍ عَلَى فِرْدَوْسِهَا



يَدُهَا الطَّرِيَّةُ زَمْزَمِيَّةُ زَنْجَبِيلٍ
كُلَّمَا مَسَّتْ فَمِي صَارَ الْكَلَامُ عَنَادِلًا
وَالْوَقْتُ صَارَ لُعَابَ كُمَّثْرَى
وَبَانَتْ فِي بَلَاطِ الرُّوحِ
مَوْهِبَةُ الْوقُوفِ عَلَى الْهَوَاءِ
وَنِيَّةُ الدَّوَرَانِ فِي فَلَكِ الْكَمَالِ
وَأَبْجَدِيَّةُ نَرْجِسٍ
لَمْ يَكْتَشِفْ أَحَدٌ سِوَايَ مَجَازَهَا


خُذْنِي إِلَى الشَّيْمَاءِ طِفْلًا نَابِغًا
يَهِبُ الْفَرَاشَةَ سَاعَةً مِنْ صُبْحِهِ!
خُذْنِي إِمَامًا قَدْ مَشَى لِحَلَاوَةِ اللهِ الْعَظِيمِ
فَهَرْوَلَ اللهُ الْعَظِيمُ لِقَلْبِهِ!
خُذْنِي حَقِيبَةَ شَاعِرٍ
ثـَقـُلَتْ عَلَى كَتِفِ الْبِلَادِ
فَخَفَّفَ الطَّاغُوتُ مِنْ رَيْحَانِهَا
خُذْنِي شُجَيْرَةَ بُرْتُقَالٍ رَفْرَفَتْ فَوْقَ الْأَحِبَّةِ
قَلْبَ عِفْرِيتٍ يُدَنْدِنُ فِي الْخَلَاءِ
ثِيَابَ شَوَّالَ الْجَدِيدَةِ
نَوْرَسًا وَالْمَوْجُ خَضَّ شُرُودَهُ الْفَنَّانَ
مِسْبَحَةً تُلَوِّحُ لِلْمَشِيئَةِ
وَانْتِفَاضَةَ عَادِيَاتٍ أَسْرَجَتْ زِلْزَالَهَا

خُذْنِي لأَنِّيَ عَابِرٌ
وَهِيَ الْخُلُودُ وَقَدْ تَقَمَّصَ دَوْرَ أُنْثَى
وَالْخَلَاصُ وَقَدْ تَجَسَّدَ فِي بَشَاشَةِ كَاعِبٍ
وَهِيَ الشُّعَاعُ الْحَاتِمِيُّ!
الْمُصْطَفَى مِنْ عِلْيَةِ الْأَنْوَارِ؛
كَيْ تَبْقَى الْحَيَاةُ شَرِيفَةً
وَهِيَ انْكِشَافُ الْمَاوَرَائِيَّاتِ
يَبْسِطُ لِلْمُشَكِّكِ حُجَّةً مَادِيَّةً
وَهِيَ الْمُشَرِّعُ فِي دِيَارِ الْأُنْسِ،
وَالْأُسْتَاذُ فِي عُرْفِ النَّدَى
مَنْ أَبْصَرَ الشَّيْمَاءَ أَبْصَرَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ
وَاسْتَسْقَى حَمَائِمَهَا
وَأَبْصَرَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ تَلْمَعُ
وَالصِّرَاطَ مُزَرْكَشًا بِالفُلِّ وَالنَّعْنَاعِ
أَبْصَرَ مَكَّةً تُلْقِي عَلَى الْحُجَّاجِ كَوْثَرَهَا،
وَقَاهِرَةَ الْمَآذِنِ
وَهْيَ نَاعِسَةٌ عَلَى بَابِ الْحُسَيْنِ،
وَجُبَّةً صُوفِيَّةً تَمْشِي عَلَى بَغْدَادَ هَائِمَةً،
وَمَدْرَسَةً تُعَانِقُ فِي سَمَرْقَنْدَ
الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ،
وَفَارِسًا فِي الْقَيْرَوَانِ
يُضِيءُ بِالْحُبِّ الْحَيَاةَ،
وَوَجْهَ قُرْطُبَةَ الْمُنَوَّرَ نَاضِحًا بِالْيَاسَمِينِ،
وَمَرْكَبَاتٍ مِنْ صَقَلِّيَةَ الْوَسِيمَةِ
تَحْمِلُ الْكَتَّانَ وَالْحَلْوَى
وَتَحْمِلُ رَايَةً عَرَبِيَّةً


مَنْ أَبْصَرَ الشَّيْمَاءَ
أَبْصَرَ سَلْسَبِيلَ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَدْ تَفَجَّرَ فِي صُدُورِ النَّاسِ عَنْعَنَةً،
وَظَهْرَ أَبِي حَنِيفَةَ
كَيْفَ يُوقِدُ بِالدَّمِ الْفَرْحَانِ فُرْقَانــًا،
وَجُمْجُمَةً مِنَ الْمِشْكَاةِ
تَهْبِطُ فَوْقَ جِسْمِ الشَّافِعِيِّ،
وَقَلْبَ حَنْبَلَ يَقْذِفُ الْأَعْنَابَ
يَلْقَفُهَا الْبُخَارِيُّ الْمُهَاجِرُ فِي الْبِشَارَةِ
وَالْمُوَزَّعُ بَيْنَ طُلَّابِ السَّمَا

مَنْ أَبْصَرَ الشَّيْمَاءَ أَبْصَرَ أُمَّةً دُرِّيَّةً
سَتَعُودُ مِنْ ظَلْمَائِهَا
تَبْنِي عَلَى الْقَمَرِ الْمُدَلَّلِ مَسْجِدًا
وَتَقُولُ لِلنَّاسِ : السَّلَامُ عَلَيْكُمُو





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.