شاعر وناقد ومفكر ومترجم سوري لبناني، قاد الثورة الحداثوية في النصف الثاني من القرن العشرين، مما ترك أثرا كبيرا على الشعر العربي يشبه تأثير إليوت على الشعر الإنجليزي. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2002-2003 في مجال الإنجاز الثقافي والعلمي. (1930-)
1219 |
0 |
0 |
1
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف" لـ "أدونيس"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف" لـ "أدونيس"
مقدمة لتاريخ ملوك الطوائف 0
مشاركة القصيدة
وجهُ يافا طفلٌ / هل الشجرُ الذابلُ يزهو؟ / هل تدخلُ الأرضُ في صورةِ عذراء؟ / مَنْ هناك يرجُّ الشرق؟ / جاء العصفُ الجميلُ ولم يأتِ الخرابُ الجميلُ/ صوتٌ شريدٌ ...
(كان رأسٌ يهذي يُهرِّجُ محمولاً ينادي أنا الخليفةُ).
هاموا حفروا حفرةً لوجه عليٍّ/ كان طفلاً وكان أبيضَ أو أسودَ يافا أشجارُهُ وأغانيهِ ويافا.
تكدّسوا، مزّقوا وجهَ عليٍّ
دم الذبيحةِ في الأقداحِ، قولوا: جبّانةٌ،
لا تقولوا: كان شعري ورداً وصار دماءً،
ليس بين الدماء
والورد إلا خيطُ شمسٍ، قولوا: رماديَ بيتُ
وابنُ عبّادَ يشحذُ السيفَ بين الرأس والرأس
وابنُ جَهوَر مَيْتُ.
لم يكن في البداية
غيرُ جذرٍ من الدمع / أعني بلادي
والمدى خيطيَ - انقطعتُ وفي الخضرةِ العربيّة
غرقتْ شمسيَ / الحضارةُ نقّالةٌ والمدينة
وردةٌ وثنيّة -
خيمةٌ :
هكذا تبدأُ الحكايةُ أو تنتهي الحكاية.
و المدى خيطيَ - اتّصلتُ أنا الفوهة الكوكبيّة
وكتبتُ المدينة
(حينما كانت المدينةُ مقطورةً والنواح
سورها البابليّ)، كتبتُ المدينة
مثلما تنضحُ الأبجديّة
لا لكي ألأمَ الجراح
لا لكي أبعثَ المومياء
بل لكي أبعث الفروقَ .. / الدماء
تجمعُ الوردَ والغراب / لكي أقطعَ الجسور
ولكي أغسلَ الوجوهَ الحزينة
بنزيفِ العصور.
وكتبتُ المدينة
مثلما يذهبُ النبيُّ إلى الموت / أعني بلادي
وبلادي الصدى
والصدى والصدى...
كشفتْ رأسَها الباءُ، والجيمُ خصلةُ شعرٍ، إنقرضْ إنقرضْ
ألفٌ أوّلُ الحروفِ إنقرضْ إنقرضْ
أسمعُ الهاءَ تنشجُ، والراءُ مثلُ الهلال
غارقاً ذائباً في الرمال
إنقرضْ إنقرضْ
يا دماً يتخثّرُ يجري صحارى كلام
يا دماً ينسجُ الفجيعةَ أو ينسجُ الظلام
إنقرضْ إنقرضْ
سحرُ تاريخِكَ انتهى،
واعذري واغفري
يا قرونَ الغزالاتِ، يا أعينَ المها...
أحارُ، كلّ لحظةٍ أراكِ يا بلادي
في صورةٍ،
أحملُكِ الآنَ على جبيني، بين دمي وموتي: أأنتِ مقبرة
أم وردةٌ؟
أراكِ أطفالاً يجرجرون
أحشاءَهم، يصغون يسجدون
للقيد، يلبسون
لكل سوطٍ جلدَهُ .. أمقبرة
أم وردةٌ؟
قتلتِني قتلتِ أغنياتي
أأنتِ مجزرة
أم ثورةٌ؟
أحارُ ، كلّ لحظةٍ أراكِ يا بلادي في صورةٍ ..
وعليٌّ يسأل الضوءَ، ويمضي
حاملاً تاريخَهُ المقتولَ من كوخٍ لكوخ :
(علَّموني أنّ لي بيتاً كبيتي في أريحا
أنّ لي في القاهرة
أخوةً، أنّ حدودَ الناصرة
مكةٌ.
كيف استحال العلمُ قيداً
والمدى نارَ حصارٍ أو ضحيّة؟
ألهذا يرفضُ التاريخ وجهي؟
ألهذا لا أرى في الأفقِ شمساً عربيّة؟)
آهِ، لو تعرفُ المهزلة
(سمِّها خطبةَ الخليفةِ أو سمِّها المهرجان)
ولها قائدان
واحدٌ يشحذُ المقصلة
واحدٌ يتمرّغ .. لو تعرفُ المهزلة
كيف، أين انسللتْ
بين عنقِ الذبيحِ ومقصلةِ الذابحين؟
كيفَ ماذا، قُتِلتْ؟
كنتَ كالآخرينَ، انتهيتَ
ولم تنتهِ المهزلة
كنتَ كالآخرينَ - ارفضِ الآخرين
بدأوا من هناك ابتدئْ من هنا
حول طفلٍ يموت
حول بيتٍ تهدّمَ فاستعمرتهُ البيوت
وابتدئْ من هنا
من أنينِ الشوارع من ريحها الخانقة
من بلادٍ يصيرُ اسمُها مقبرة
وابتدئْ من هنا
مثلما تبدأُ الفجيعةُ أو تولَدُ الصاعقة
مُتَّ؟ ها صرتَ كالرعدِ في رَحِمِ الصاعقة
بارئاً مثلما تَبرأُ الصاعقة
انظرِ الآن كيفَ انصهرتَ وكيف انبعثتَ، انتهيتَ ولم تنتهِ الصاعقة.
أعرفُ، كان مُلكَكَ الوحيدَ ظلُّ خيمةٍ، وكان فيها خِرقٌ،
ومرّةً يكونُ ماءٌ، مرّةً رغيفٌ، وكان أطفالكَ يكبرون
في بُركةٍ،
لم تيأسِ انتفضتَ صِرتَ الحلمَ والعيون
تَظَهَرُ في كوخٍ على الأردنّ أو في غزّةٍ والقدس
تقتحمُ الشارعَ وهو مأتمٌ تتركهُ كالعرس
وصوتكَ الغامرُ مثلُ بحرٍ
ودمكَ النافرُ مثلُ جبلٍ
وحينما تحملُكَ الأرضُ إلى سريرِها
تتركُ للعاشق للّاحقِ جدولين
من دمكَ المسفوحِ مرتين .
وجهُ يافا طفلٌ / هل الشجرُ الذابلُ يزهو؟ / هل تدخلُ الأرضُ في صورةِ عذراء؟ / مَنْ هناك يرجُّ الشرق؟ / جاء العصفُ الجميلُ ولم يأتِ الخرابُ الجميل/ صوتٌ شريدٌ ...
سقطَ الماضي ولم يسقطْ (لماذا يسقطُ الماضي ولا يسقطُ؟)
دالٌ قامةٌ يكسرُها الحزن (لماذا يسقط الماضي ولا يسقطُ؟)
قافٌ قابُ قوسين وأدنى
أطلبُ الماءَ ويعطينيَ رملاً
أطلبُ الشمسَ ويعطينيَ كهفاً
سيّدٌ أنتَ؟ ستبقى
سيَداً. عبدٌ؟ ستبقى
هكذا يُؤثَرُ، يعطينيَ كهفاً وأنا أطلبُ شمساً، فلماذا سقطَ الماضي ولم يسقطْ؟ لماذا هذه الأرضُ التي تنسلُ أيّاماً كئيبة
هذه الأرض الرتيبة.
سيّدٌ أنتَ؟ ستبقى
سيَّداً. عبدٌ؟ ستبقى
غيّرِ الصورةَ لكن سوف تبقى
غيّرِ الرايةَ لكن سوف تبقى
... في خريطةٍ تمتدّ … إلخ، حيث يدخلُ السيّدُ المقيمُ في الصفحةِ أ راكباً حيواناً بحجمِ المشنقة، يتحوّلُ إلى تمثالٍ ملءَ الساحات العامّة. و(كانت) الحاكمة تغسلُ عجيزتها وحولها نساءٌ يدخلن في الرمح ويمضغن بخورَ القصر والرجال يسجّلون دقّاتِ قلوبهنّ على زمن يتكوّم كالخرقة بين الأصابع حيث
ك ترتجفُ تحتَ نواةٍ رفضيّةٍ بعمقِ الضوء
ت تاريخٌ مسقوفٌ بالجثث وبخار الصلاة
أ عمودُ مشنقة مبلّلٌ بضوءٍ موحل
ب سكّينٌ تكشطُ الجلدَ الآدميَّ، وتصنعُهُ نعلاً لقدمينِ سماويّتينِ في خريطةٍ تمتدُّ … إلخ.
شجرٌ يثمرُ التحوّلَ والهجرةَ في الضوء جالسٌ في فلسطين وأغصانه نوافذُ / أصغينا لأبعادهِ قرأنا معه نجمةَ الأساطير / جندٌ وقضاةٌ يدحرجونَ عظاماً ورؤوساً، وآمنونَ كما يرقدُ حلمٌ يُهجّرون يُجرّونَ إلى التيه ...
كيف نبدأُ؟
( - يكفيني رغيفٌ، كوخٌ وفي الشمس ما يمنح فيئاً، لا لستُ خوذةَ سيّافٍ ولا ترسَ سيّدٍ، أنا نهر الأردنّ أستفردُ الزهورَ وأغويها / دمٌ نازفٌ / تبطّنتُ أرضي ودمي ماؤها دمي وسيبقى ذلك الساهرُ النحيلُ: غبارٌ يمزجُ العاشقَ المشرّدَ بالريحِ، ويبقى نسغٌ).
يتمتمُ طفلٌ، وجهُ يافا
طفلٌ / هنا سقطَ الثائرُ / حيفا تئنُّ في حجرٍ أسودَ والنخلةُ التي فيّأتْ مريمَ تبكي / هَمَسْتُ في قدمي جوعٌ وفي راحتيّ تضطربُ الأرضُ / كشفنا أسرارَنا (بُقعُ الدمع طريقٌ) أجسُّ خاصرةَ الضوءِ يجثُّ الصحراءَ والكونَ مربوطاً بحبلٍ من الملائك / هل تشهدُ آثارَ كوكبٍ؟ يسمع الكوكبُ صوتي رويتُ عنه سأروي ...
في زمن الرمادِ، شخصٌ رمى تاريخه لجمر أيّامنا، وماتَ
(لن تعرفَ حريّةً ما دامت الدولةُ موجودةً ).
تذكرُ؟ (والقاعدة
وسلطةُ العمّالِ...) ما الفائدة؟
تنحدر الثورةُ بعد اسمهِ
في لفظةٍ، تمتدُّ في مائدة
هل تقرأ المائدة؟
كان فدائيٌّ يخطُّ اسمَهُ ناراً وفي الحناجر الباردة
يموتُ
والقدس تخطُّ اسمَها :
لم تزل الدولةُ موجودةً
لم تزل الدولةُ موجودةً .
غير أنّ النهرَ المذبوحَ يجري :
كلُّ ماءٍ وجهُ يافا
كلُّ جرحٍ وجهُ يافا
والملايين التي تصرخُ: كلّا، وجه يافا
والأحبّاءُ على الشرفة،ِ أو في القيد، أو في القبر يافا
والدمُ النازفُ من خاصرةِ العالم يافا
سمِّنِي قيساً وسمٍّ الأرضَ ليلى
باسم يافا
باسم شعبٍ يرفعُ الشمسَ تحيّة
سمِّني قنبلةً أو بندقية ...
هذا أنا: لا، لستُ من عصر الأفول
أنا ساعةُ الهتكِ العظيمِ أتتْ وخلخلةُ العقول
هذا أنا - عَبَرَتْ سحابة
حبلى بزوبعةِ الجنون
والتِيهُ يَمرُقُ تحت نافذتي، يقولُ الآخرون
ماذا يقولُ الآخرون؟
( - يرعى قطيع جفونِهِ
يصلُ الغرابةَ بالغرابة).
هذا أنا أصلُ الغرابةَ بالغرابة
أرّختُ: فوق المئذنة
قمرٌ يسوسُ الأحصنة
وينامُ بين يدي تميمة
وذكرتُ: بقّعتْ الهزيمة
جسدَ العصور
وهرانُ مثلُ الكاظميّة
ودمشقُ بيروتُ العجوز
صحراءُ تزدردُ الفصولَ، دمٌ تعفّنَ - لم تعدْ نارُ الرموز
تلدُ المدائنَ والفضاء، ذكرتُ لم تكن البقيّة
إلا دماً هرماً يموتُ يموتُ بقّعتْ الهزيمة
جسدَ العصورْ.
... في خريطة تمتدُّ إلخ، حيث تتحوّلُ الكلمةُ إلى نسيجٍ تعبرُ في مسامه رؤوسٌ كالقطن المنفوش، أيّامٌ تحملُ أفخاذاً مثقوبةً تدخلُ في تاريخٍ فارغٍ إلا من الأظافر، مثّلثاتٌ بأشكال النساء تضطجعُ بين الورقة والورقة، كلّ شيءٍ يدخلُ إلى الأرضِ من سمِّ الكلمة، الحشرةُ الله الشاعر.
بالوخزِ والأرقِ وحرارةِ الصوت، بالرصاصِ والضوء،ِ بالقمرِ ونملةِ سليمان، بحقولٍ تثمرُ لافتاتٍ كُتِبَ عليها (البحثُ عن رغيفٍ) أو (البحثُ عن عجيزةٍ لكن استتروا) أو (هل الحركةُ في الخطوة أم في الطريق؟).
والطريقُ رملٌ يتقوّسُ فوقه الهواءُ والخطوةُ زمنٌ أملسُ كالحصاة ...
وكان الوقتُ يُشرِفُ أن يصبحَ خارجَ الوقتِ وما يسمّونهُ الوطن يجلسُ على حافّةِ الزمن يكادُ أن يسقط، (كيف يمكنُ إمساكه؟) سألَ رجلٌ مقيّدٌ وشبهُ ملجوم.
لم يجئهُ الجواب لكن جاءه قيدٌ آخر وأخذَ حشدٌ كمسحوقِ الرمل يفرزُ مسافةً بحجمِ لام ميم ألف أو بحجمِ ص ع ي ه ك ويسيرُ فيها ينسجُ راياتٍ وبسطاً وقباباً ويبني جسراً يعبرُ عليه من الآخرة إلى الأولى ...
حيث عبرت ذبابةٌ وجلست على الكلمة، لم يتحرّك حرف، طارت وقد استطال جناحاها / عَبَرَ طفلٌ وسأل عن الكلمة طلعَ في حنجرته شوكٌ وأخذ الخَرَسُ يدبُّ إلى لسانه ...
في خريطةٍ تمتدُّ ... إلخ ، حيث
(العدوُّ يطغى وهم يخسرون، ويمدُّ وهم يجزرون، ويطول وهم يقصرون، إلى أن عادوا إلى علمٍ ناكسٍ وصوتٍ خافتٍ، وانشغلَ كلُّ ملكٍ بسدِّ فتوقه،
.. . وعندما يجدُّ الجِدُّ ويطلبُ الأندلسُ عونَ الملكِ الصالحِ لاستخلاص إقليم الجزيرة، وقد سقطَ في أيدي الأسبان، يكتفي بالأسف والتعزية ويقولُ بأنّ الحربَ سجالٌ وفي سلامتكم الكفاية، ... ولم يزل العدوُّ يواثبهم ويكافحهم ويُغاديهم القتالَ ويراوحهم حتى أجهضَهم عن أماكنهم وجفّلهم عن مساكنهم، وأركبهم طبقاً عن طبق واستأصلهم بالقتل والأسر كيفما اتفق...)
في خريطةٍ تمتدُّ ... إلخ،
رفضَ التاريخُ المعروفُ الذي يُطبخُ فوق نارِ السلطان أن يذكرَ شاعراً ... والبقيّةُ آتيةٌ،
في خريطةٍ تمتدُّ ... إلخ.
يأتي وقتٌ بين الرماد والورد
ينطفئُ فيه كلّ شيء
يبدأُ فيه كلّ شيء.
... وأغنّي فجيعتي، لم أعدْ ألمحُ نفسي إلا على طرف التاريخ في شفرةٍ / سأبدأُ، لكن أين؟ من أين؟ كيف أوضحُ نفسي وبأيّ اللغات؟ هذي التي أرضعُ منها تخونني سأزكّيها و أحيا على شفير زمانٍ مات، أمشي على شفيرِ زمانٍ لم يجئ.
... وجهُ يافا طفلٌ / هل الشجرُ الذابلُ يزهو؟ / هل تدخلُ الأرضُ في صورةِ عذراء؟ / مَنْ هناك يرجُّ الشرق؟ / جاءَ العصفُ الجميلُ ولم يأتِ الخرابُ الجميلُ / صوتٌ شريدٌ ...
خرجوا من الكتبِ العتيقةِ حيثُ تهترئُ الأصول
وأتوا كما تأتي الفصول
حضنَ الرمادُ نقيضَهُ
مَشَتْ الحقولُ إلى الحقول :
لا، ليسَ من عصرِ الأفول
هو ساعةُ الهتكِ العظيمِ أتتْ، وخلخلةُ العقول .
(بيروت، خريف 1970)
الآراء (0)
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)