مشاهدُ من ذاكرةِ المخيم - خالد الحسن | القصيدة.كوم

شاعرٌ عراقيٌّ (1988-) له لغتُه الخاصة. وحائزٌ على العديد من الجوائز العربية في الشعر.


498 | 0 | 0 | 0



مذ لهفةٍ
حملتْ طفولةَ رملِهِ نهراً
وجاءتْ للضفافِ بنسلِهِ

بدأتْ تلونُ
ظلمةً منقوشةً في بالِهِ
ومضتْ تضيءُ لطفلِهِ

هو طفلُها
عند المخيمِ يرتدي برداً
وتحضِنُهُ خناجرُ ليلِهِ

في ضوءِ عينيها غناءٌ
كلما انحدرتْ مواويلٌ
ركضن لظلِهِ

غيماً فغيماً
ظلَ يكبرُ حزنُهُ برقاً
ليمطرَ دمعَهُ من حولِهِ

يمضي
ويتركُ دميةً عند الرصيفِ
تجرُّها أمٌّ بكتْ من أجْلِهِ

وتجرُّ قريتَهُ
التي ما آمنتْ بالطينِ
إلا كي تعيشَ بشكلِهِ

لي يتمُهُ
قبلَ انفراطِ يقينِهِ الأبويِّ
تجمعُهُ أناملُ شملِهِ

يكتظُ ماءً بالفراغِ
لأنه لم يعرفِ الوجعَ الكثيرَ لطلِّهِ

ولأنه هابيلُ
أودعَ شكَهُ في الشمسِ
حتى لا تغيبَ بقتلِهِ

يلقي مفاتيحَ الكلامِ
وبابُهُ للآن يبكي من تلعثمِ قفلِهِ

هي
لم تزلْ أُمّاً
تعريها الحروبُ
فترتدي أثوابَها من نخلِهِ

أماهُ كوني جنةً
لمدينةٍ ضلَّتْ وما عرفتْ نبوءة رُسْلِهِ

أماهُ هذا يتمهُ
في داخلي هزَّ البلادَ بدمعهِ المتألهِ

فحكتْ : بنيّ إذا تفرقَ نخلُهُ النبويُّ
رَتِلْ دمعتين لشتلِهِ

لا تعتبي أني تعبتُ
وطفلتي لمّا تزلْ تشكو مخيمَ ذلِهِ

عرفتْ بكاءَ مدينتين
وأمنُهُا ما زالَ يعدو قادماً من هولِهِ

تستنطقُ الطرقاتِ
حين تلعثمتْ نظراتُهُ السكرى بآيةِ كحلِهِ

(فرعونُ)
قد سرقَ السماءَ
وكفُّهُ امتدتْ ...
وموسى لا يزالُ بسيلِهِ

والسامريُّ إذا تخفَّى قلبُهُ
سيعودُ مكسورَ اليقينِ لعجلِهِ

ما زال بــ (ابن زريقَ) حزنٌ يافعٌ
وقصيدةٌ أنثى تعيشُُ لعذلِهِ

يشتدُ (بردياً) بوجهِ رياحهِ
ليعيشَ مرفوعَ الجبينِ بفصلِهِ

ويفهرسَ العمرَ القديمَ
وإن نما عكازُهُ رسمَ الدروبَ بميلِهِ

رسمَ الدروبَ
وجاءَ ربٌّ عاشقٌ يسعى لأجلِ نبيهِ المتولِهِ

في هذهِ الصحراءِ
يوسفُ صدرُهُ سجنٌ
وما كان الصواعُ برحلِهِ

يعطي لها قمحَ الغيابِ بيادراً
وتوزّعُ الأمطارَ غيمةُ كيلِهِ

تهذي بأرجاءِ القميصِ سماؤهُ الحبلى
فتستعرُ النساءُ بكلِّهِ

هذا ( سليمانُ الحكيم ) مشرداً
في الأرضِ تُنكِرُهُ حكايةُ نملِهِ

والأرضُ
لملمتِ الرداءَ
ودثرتْ وطناً يئنُ على تغربِ غزلِهِ

وطناً تمزقُهُ الطوائفُ
شعبُهُ موتى وقد ضاقَ الترابُ بحملِهِ

لكنْ له حلمٌ قديمٌ
أن يعودَ وفي يديهِ قصيدةٌ من حقلِهِ

ويقول: قد بقيتْ لــ (يونسَ) غضبةٌ
والخوفُ لم يعرفْ حكايةَ أهلِهِ

لو طاحَ تمثالٌ يقومُ
ولو طغى فأسٌ
يُكسّرُ في قيامةِ رملِهِ



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: