عكاز الريح - محمد البريكي | القصيدة.كوم

شاعرٌ إماراتيٌّ (1980-) يدير بيت الشعر في الشارقة.


1208 | 0 | 0 | 0



عكاز الريح

في الغيمةِ
حيثُ الأرضُ تودِّعُ في عينيَّ الريحانَ وعطرَ الشيحْ
ألقيتُ برأسي في المعنى
وعبرتُ إلى قلبي
والساعةُ كاهنةُ الرحلةِ
يحملُها عكازُ الريحْ

كنتُ قريباً من كازا
ألقتني نخلةُ أحلامي في بحرك
كان الشباكُ المطعونُ بسيفِ البردِ
يلاطفُ جمراً في قلبي
وأنا ناطورُ الفكرةِ
أرقبُ ضوءاً يأتي من أعمدةِ الشارعِ
يُلقي بالوحي عليَّ
ويمنحُني مفتاحاً للبابِ الموعودِ بأغنيةٍ للروحِ وللتجريحْ

علّقتُ على شماعةِ هذا الليلِ قميصاً فاحت منهُ عطورُ الشوقِ
ورتّبتُ فساتينَ الألحانْ
فالفكرةُ بخدشُها السيلُ
لذلك أحضرتُ الفرشاةَ لأحلامٍ تتمايلُ نحوَ البحرِ
وأحياناً نحوَ الشارعِ
حيثُ تفوحُ القهوةُ في المقهى
ويصيحُ النادلُ
يا سيِّدُ هيّا
فالليلُ سيتركُ بابَ المقهى
وسيأتي الضوءُ ليستلمَ الوقتَ
فدعني أسرقُ منهُ قليلاً
كي أنسى ضجري
وأعودَ إلى الشارعِ ثانيةً
وأنوِّمَ في الأنفاسِ تباريحْ

ماذا يدبُكُ في رأسي
والليلُ يغطُّ على خاصرةِ الشارعِ؟
هل يكفي الكرسيَّ جلوسي فوقَ تخومِ الماءِ
وهل سمّيتُ الفكرةَ ليلى
وكتبتُ قصيدتَها بالعطرِ القادمِ منها
وبعينينِ تبثّانِ الشعرَ
ويجري في جدولِ روحي؟
يا سيدةَ البحرِ المتمدِّدِ عندَ البابِ
يغازلُ جدرانَ القريةِ
يلمسُ وجهَ الأكشاكِ
يمرُّ على بابِ الزيتونةِ
يأكلُ حوتاً أصغرَ مما يتخيّلُ
يمضي نحوَ الشارعِ
يلتقطُ الصورةَ للتمثالِ الخلدونيِّ
ويأخذُهُ الموجُ سريعاً
نحوَ مدينةِ عقبةَ
حيثُ البيتُ يحلِّقُ بالشعرِ
وتبدو أرضُ الزربيَّةِ غصناً
يلمحُكِ الشعرُ
تمرّينَ عليهِ
وتلقينَ البسمةَ فيَّ
فترتَجُّ ضلوعي
ويضيعُ فؤادي بين أصابعِكِ الخجلى
فيفيضُ عليهِ الماءُ
وينسى ما كانَ يراودُهُ من عطشٍ
يترنَّمُ في جوفِ ذبيحْ

يا أنتِ
أفيضي من هذا الغنْجِ
لأكتبَني
فأنا هيأتُ التربةَ للأغنيةِ الأولى
ومحوتُ الريحْ

محمد عبدالله البريكي


من ديوان "عكاز الريح"


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: