في هذه الطرق الوحيدة،
يمشي الغريب الآن معتاداً على بؤس القصيدة
في هذه الطرق الوحيدة،
تلتفّ كلُّ أصابع الحرمان
بالهذيان
حتى يُشفق القتلى على ذنب المسافر
فيطيّرون خياله قمراً
يضيء له المقابر!
****
في هذه الطرق العصيّة،
الأرض لا تُعطي سوى ألوانها البنيّة،
قمحٌ بلا طاحونةٍ
حجرٌ يكتّف ساقية
وملامحٌ لملائكٍ وحشية
رسمت خطوط الهاوية
تغتالنا، وكأننا لم نأت بعد،،
وندور حول خريفنا وكأنه قهرٌ يعلّم في وجوه التائهين
فيصبح المنفى هوية ..
****
في هذه الطرق المعدّة للمسير بلا وقوف
جاع الحصارُ
تمدّدت أحلام من عطشوا
وخانتهم يدٌ تنمو كداليةٍ على وجعِ الضيوفْ
***
في هذه الطرق الأخيرة
لا بدايةَ للنهاية
لا نهايةَ للبداية
كلّ من عبروا أُدينوا بالجفاف
وبأنهم خذلوا الصحاري
واستباحوا صمتَها بذهولهم
وتناوبوا الإحرامَ فيها والطوافْ
الكل آباءٌ وأبناءٌ لأنفسهم
يجارون التفاصيل البعيدةَ
ينحتون طقوسها في جلدِهم
لا ثقبَ أسود يسقطون به ولا درب اللبانةِ يحتويهم
متأرجحينَ على الحوافّ
خذلتهم الأيامُ والأوطانُ حتّى علّم المجهولُ فيهمْ!
***
في هذه الطرقُ الضبابْ
وقف المسافرُ وسط ثقبِ البابْ
عيناه تبصرهُ بداخل نفسه يلتوّى
هو كلّهم هو نفسه
هو آدمٌ هو حوّى
هو قاتلٌ حكمٌ
ونصٌّ مشرعٌ بسؤاله المعهود دون جوابْ
هو جوقة الدنيا أصيبت باكتئابْ
هو دربه المعهودُ من عشرين عاماً لم تزل
تقتاتُ من جوف الغريبِ
عباءةَ المعنى
وتهديه احتمالاتِ العذابْ
هو أول الطرق الوحيدةِ
آخر الطرق العصيّة
شاعر الطرق الضبابْ