الذَّهَابُ عَمِيقًا، فِي الْأَشْيَاءِ.. - المكي الهمامي | القصيدة.كوم

شاعر تونسيّ، وباحث جامعيّ في مجال الشّعريّة الحديثة (1977-)


866 | 0 | 0 | 0




(أَلِفٌ)
قُرْبَ طَاوِلَةِ اللَّيْلِ،
أَقْبَعُ طِفْلاً غَرِيبَ الأَصَابِعِ. أَكْتُبُ
ضِدَّ الْفَنَاءِ. وَأَمْنَحُ رُؤْيَايَ أَشْجَارَ رُوحِي.
وَأُضْرِمُ، فِي ظُلْمَةِ الْكَوْنِ، وَجْهَ الْمَطَرْ..
اَلْبَيَاضُ يُجَاهِدُ أَنْ يَتَمَزَّقَ مُنْتَشِيًا. وَيُجَاهِدُ
أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي الْمَوْتِ، أَعْمَقَ
مِنْ شَهْقَةٍ. وَيُجَاهِدُ أَنْ يَنْتَحِرْ..
فِي الْبَيَاضِ ــ هُنَا ــ فِي بَياضِ الْبَيَاضِ،
أَرَى وَجْهَهَا يَتَفَتَّحُ كَالرِّغْبَةِ النَّاهِدَةْ...

(بَاءٌ)
كُلُّ شَيْءٍ،
يُحَاوِلُ أَنْ يَسْتَرِدَّ حَرَائِقَ أَسْلاَفِهِ
مِنْ دَمِي. وَأَنَا، هَهُنَا، غَارِقٌ فِي الْغِيَابِ..
وَحِيدًا،
أَحِنُّ إِلَى جَسَدِ التُّوتِ، هَذَا الْكَتُومِ
كَثِيرًا. أَحِنُّ إِلَى صَوْتِهِ الْوَثَنِيِّ يُغَازِلُ ذَاكِرَتِي
بِالضِّيَاءِ الْحَمِيمِ. أَحِنُّ إِلَى كُلِّ قِطْعَةِ شُكْلاَطَةٍ
فِيه، تَغْمُرُنِي فَرَحًا. وَتُخَضِّبُ خَدِّيَ،
مِثْلَ الصِّغَارِ، بِسُكَّرِ سُمْرَتِهِ الزَّائِدَةْ...

(جِيمٌ)
فِي فَضَاءِ الْمَغَازَةِ، تَخْتَارُ صَابُونَهَا
جَيِّدًا. تَنْتَقِي، بِعِنَايَةِ آلِهَةٍ،
عِطْرَهَا الْبُوهِمِيَّ وَأَلْوَانَ زِينَتِهَا..
وَتُحَدِّقُ فِيَّ، بِدِفْءِ الْغَزَالَةِ، مُوغِلَةً
فِي الذُّهُولِ. تَشُدُّ عَلَى رَاحَتَيَّ، عَمِيقًا.
وَتَخْرُجُ/ تَدْخُلُ فِي شَارِعٍ مُظْلِمٍ..
كُنْتُ أَتْبَعُ،
مُنْخَطِفَ الرُّوحِ، صَرْخَتَهَا.
وَأُغَنِّي عَلَى وَقْعِ خُطْوَتِهَا الْعَائِدَةْ...

( دَالٌ)
اَلْمِيَاهُ مَفَاتِنُهَا،
وَالْفَرَادِيسُ مَخْتُومَةٌ بِظِلاَلِ أَصَابِعِهَا،
وَالْكَمَنْجَةُ ــ تِلْكَ الْغَرِيبَةُ ــ بُحَّتُهَا
فِي لَيَالِي الشِّتَاءِ الطَّوِيلِ..
(أُحِبُّكَ جِدًّا ــ تَقُولُ ــ أُحِبُّكَ،
فَاكِهَةٌ مِنْ جُنُونٍ لَذِيذٍ يَدَاكَ،
وَحُزْنُكَ نَافُورَةٌ مِنْ حَنِينِ..)
قَطِيعٌ مِنَ الأَيِّلِ الْمُتَوَحِّشِ يَعْبُرُنِي،
كُلَّمَا أَسْدَلَتْ شَعْرَهَا الْمُتَعَثْكِلَ
فَوْقَ ذِرَاعَيْنِ لَوْزِيَّتَيْنِ..
هُنَالِكَ، فِي لَيْلِ شَهْوَتِهَا وَغَرَابَتِهَا،
كُنْتُ مُحْتَرِقَ الْقَلْبِ قُدَّامَ تِمْثَالِهَا،
أَتَأَمَّلُ كَالْقِطَّةِ الشَّارِدَةْ...

( هَاءٌ)
هِيَ ذِي مِهْنَتِي، أَنْ أُدَغْدِغَ أَشْوَاقَهَا،
فِي الْأَمَاسِي.. وَأُجْلِسَهَا فَوْقَ عُشْبِ الْمَبيتِ
الطَّريِّ.. أُحَدِّثَهَا عَنْ رُؤَايَ الْرَّهِيبَةِ
فِي الْحُلْمِ.. أُطْعِمَهَا الشُّكُلاَطَةَ وَالشِّعْرَ
[كُنْتُ أُرَاوِحُ بَيْنَهُمَا، دَائِمًا، قِطْعَةً
قِطْعَةً، فِي انْسِجَامٍ جَمِيلِ..!]
وَأَهْذِي بِلاَ سَبَبٍ
.................................
..............................................
ثُمَّ أَعَرُجُ فِي سُلَّمِ الصَّمْتِ،
مُرْتَفِعًا مِثْلَ مِشْنَقَةٍ بَارِدَةْ...

(وَاوٌ)
رُبَّمَا الْتَبَسَ الْمِلْحُ
فِي صَوْتِهَا بِخَلاَيَايَ،
إِذْ نَتَشَابَكُ فِي وَلَهٍ................
أَتَنَفَّسُ لَوْعَتَهَا. وَأُهَاجِرُ مِنْ شَفَتَيْهَا،
إِلَى عَنْكَبُوتِ الْغُمُوضِ. وَأَضْرِبُ فِي أَرْضِ
أَسْرَارِهَا كَالْمُرِيدِ، غَرِيبًا تُطَوِّحُ بِي الرَّغَبَاتُ..
وَأَمْنَحُهَا ذَهَبِي وفُصُولِي..
(كُلُّ هَذَا دَمِي، قَلَقِي،
وَصَهِيلِي)، أَقُولُ. وَأَذْهَبُ
فِي مَائِهَا، شَاهِقَ الْغُنْمِ،
مُنْسَحِقًا وَسَطَ الْهَدْهَدَةْ..!

( زَايٌ)
سَأُقَدِّسُ خَمْرَتَهَا، إِذْ أُضِيءُ السَّمَاءَ الأَخِيرَةَ
عِنْدَ حُدَودِ نَوَاقِيسِهَا، وَأَشُدُّ الصَّوَارِي
إِلَى بَرْقِ شَهْوَتِهَا، وَأُغَوِّرُ عُمْقَ دِمَاهَا..
حَفِيًّا بِهَذَا الخَرَابِ الطُّفُولِيِّ،
أَدْخُلُ سُرَّتَهَا كَاللُّصُوصِ الْقُدَامَى. وَأُودِعُ
فِي قَبْوِهَا تَرِكَاتٍ مِنَ الْفَرَحِ الطَّلْقِ، والشَّبَقِ
الْمُتَشَرِّدِ، وَالنَّمْلِ يَرْكُضُ مُنْطَلِقًا فِي رُؤَاهَا..
سَعِيدًا بِصَلْبِي،
أُبَارِكُ أَوْهَامَهَا، وَأُمَزِّقُ قَلْبِي
بِخَنْجَرِ شَهْقَتِهَا الصَّاعِدَةْ..!



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا:




كَبُحَّةٍ فِي النَّايِ..!
( 1.9k | 5 | 2 )
غَرِيبُ الخُطَى..!
( 1.8k | 0 | 0 )
أَنْتَ أَصْدَقُ مَا فِي دَمِي(●)
( 1.3k | 0 | 0 )
القَصِيدَةُ كُوبٌ مِنَ الشَّايِ..!
( 1.3k | 5 | 0 )
المَلاَعِينُ..!
( 1.2k | 0 | 0 )
أَصَابِعُهَا..!
( 1.2k | 0 | 0 )
قَلْبُ العُرُوبَةِ..!
( 1.2k | 0 | 0 )
أَهْرَقْتُهَا..!
( 1.1k | 5 | 0 )
كُنِ الْفَرَاشَاتِ..!
( 1.1k | 0 | 0 )
الأُبُوَّةُ رِيشَةُ فَاخِتَةٍ..
( 1.1k | 0 | 0 )
المَجْدُ للطَّعَنَاتِ..!
( 1k | 0 | 0 )
أُحَدِّقُ فِي مَفَاتِنِهَا..!
( 993 | 0 | 0 )
قَصْرُ العَدَالَةِ..!
( 975 | 0 | 0 )
شَكْوَى الْوَلَدِ الْفَصِيحِ..
( 916 | 0 | 0 )
نَعْنَاعُ ضِحْكَتِهَا..!
( 911 | 0 | 0 )
الحَيَاةُ مَكِيدَةٌ أُنْثَى..!
( 898 | 0 | 0 )
صباح الغواية
( 897 | 0 | 0 )
جَسَدِي حَاكِمٌ دِكْتَاتُورٌ..!
( 839 | 0 | 0 )
تِيجَانُ الْعِشْقِ..
( 760 | 0 | 0 )
الموْتُ..!
( 716 | 0 | 0 )
كَالماسِ، في مَلَكُوتِ الأُبُوَّةِ (*)
( 698 | 0 | 0 )
كَأَنَّكَ زَرْقَاءُ قَرْطَاجَ..!
( 688 | 0 | 0 )
بِلاَدٌ مِنْ ذَهَبِ المَعْنَى..
( 685 | 0 | 0 )
تُعَانِقُهُ، شَبَقًا..!
( 666 | 0 | 0 )
نَشِيدُ الحُرِّيَّةِ
( 658 | 0 | 0 )
اِنْتِصَاراتٌ صَغِيرَةٌ..
( 653 | 0 | 0 )
قَريبًا مِنْ أَسْوَارِ القَصْبَةِ..
( 645 | 0 | 0 )
قَدْ يُكَسِّرُ أَقْلاَمَهُ..!
( 632 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ لاَ يُصَدِّقُهَا أَحَدٌ..!
( 603 | 0 | 0 )
فِي قَبْوٍ يُسَمَّى.. وَطَنًا (●)
( 600 | 0 | 0 )
القِلاَعُ..
( 592 | 5 | 0 )
نَشِيدُ ابْنِ خَلْدُونَ..
( 590 | 0 | 0 )
تَسْتَضِيفُ شَمَالَكَ..
( 584 | 0 | 0 )
صَواريخُ غَزَّةَ..!
( 557 | 0 | 0 )
حَنِينٌ..!
( 533 | 0 | 0 )
أَنَا ابْنُ قَافِيَةٍ تَغِيبُ..!
( 523 | 0 | 0 )
كَمُعْجِزَةٍ تَتَعَرَّى..!
( 501 | 0 | 0 )
الكِتابَةُ بِالعَناصِرِ.. العِشْقُ حَتَّى اليَنابِيعِ..!
( 497 | 0 | 0 )
مَحْجُوبُ (*)
( 493 | 0 | 0 )