قبــر الغـــريب - حنين عمر | القصيدة.كوم

شاعرةٌ جزائريّةٌ عذبةٌ، غالباً تهدي قصائدَها لآخر حبة شوكولاة في جيبِها.


3773 | 0 | 0 | 1



(إلى محمود درويش...وإلى تلك القصيدة الضائعة
التي اختفت في ظروف غامضة ليلة تأبين لاعب النرد)

[محمودُ]...
شاهدةٌ هناك تزيَنَتْ...
وغدًا سَيمشي الكلُّ
في هذي الجنازةِ مرَّةً أُخرى
و وحدي فوقَ قَبركَ لنْ أقولَ الشِّعرَ/ لنْ أنعاكَ في ورقي /
ولن أَحظى بتَصفيقٍ على تأبينِ ذاكرةِ الغريبِ/ ولنْ...
سيقالُ لي أنّي تخلّفَ واجبي...
لا حق في الميراثِ لامرأة ٍ تخلّت عن مراثيها...
[ ولا أهتمُ بالميراثِ/ لنْ أرْثيكَ... / فـ ليَرْثُوكَ و لـيَــرِثُوا]:
سيقتَسِمُونَ وجهكَ والمسَافةَ والرّغيفَ وكلَّ حِبركَ وَحدَهُم جهرًا/
ولن أُعْطَى من الدّورِ الذي يُعطَى إلى الشُّعراءِ
في هذي المناسَبةِ الأليمة- دَورُ أنِ ألقيهِ...
[نرد الله فوق النّعشِ] –
والنّعشُ المغطّى بالبنفسجِ لنْ يُباركَني بـتَحويلي إلى 'مِنهمْ'.
[محمودُ]...
لا دمعَ ينزلُ فوق قبركَ /
إنَّ من أنْهوا مُهِمّاتِ الحياةِ و غادَرُوا بطريقةٍ مُثلى
[ انتشاءُ القلبِ] محظُوظونَ بالموتِ الجميلِ /
سَأنظرُ نحوَ قلبكَ كلّما صادفتهُ
وأُرَغِّب القلب الذي في الصّدر
كي يمشِي على درب النّزيفِ ويتبعَ الإيقاع فيهِ/
لربما حظي سيمنحني النهايةَ نفسهَا!
إن النّهاية لا تكون سوى البداية دائما/
فلم البُكاءُ على غيابٍ حاضرٍ/
والدّمعُ تاريخٌ لحالِ الماءِ/
للباقينَ في هذي الحياةِ بلا حياةٍ/
عابرينَ على المدائنِ دون أحذية
تليقُ بما تبقّى من رصيفِ الشّوقِ والأحلامِ/
مُنتظرينَ بلا تذاكر في مطاراتِ الوجودِ /
الدّمعُ خارطةٌ لمن ماتُوا وما عَرَفُوا طريقَ القبرِ بعدُ.
[محمودُ]...
ضَيَّعتُ القصِيدةَ.../
كُنتُ جهزتُ الرّثاءَ على الذي سَئم الرّثاءَ/
وكُنتُ جهزتُ الثيابَ السُّود
كي أبدُو كمؤمنةٍ بحقّ الموتِ مثل الآخرينَ /
وكُنتُ كحلّت العيون ببعض دمعاتِ الحنينِ...
لعلّ أبدُو مثل كلِّ الحاضرينَ/ فأنت تعلم مُنذُ عامٍ قد مَضى.../
أنَّ النَّحيبَ على الجنائز ليسَ يدخل ضمن قائمة اختصاصي.
سيفي بلا عذلٍ / وبعدَ الليل يأتيني صَديقٌ كي نَسيرَ إلى المقابرِ/
كي نكونَ مُؤازرين مع الذين سَيفتحُون دفاتِر الذّكرى
لتروى سيرة 'المحمودِ' والأرض المقدّسة التي ضاعتْ :
[ عصفورٌ توفيّ في الجليل مُوّدِعا أثرَ الفَراشةِ
في شِفاه حبيبةٍ ترك الحبيب حصانه في قلبها.
سهرت كثيرًا بانتظار رجوعهِ / من ثمّ نامتْ في سرير غريبةٍ /
نسيت مديح الظل والزيتونِ
والليل الذي أنهى على عجل ٍ
حصار مدائح البحرِ القديمةِ وانتحار العاشق المجنون في دمها.
نامتْ/ وذاكرةٌ من النّسيانِ غطتها بزهر اللوز /
فابتسمت وبلل وجهها مطرٌ خريفي بعيدٌ ]
و[أنا] هنا/ لا دمعَ ينزلُ فوق قبركَ/
لستُ أسمعُ ما يُقالُ على القبور
من الكلامِ الـ 'لا يُفِيدُك' بل يفيدُ الـ 'هؤلاءِ'
الـ 'هؤلاء' البَاحثون عن الذي قد كُنت تملكهُ
ولم تَترُكهُ في سِرّ الوصيّة [ليس يُـترَكُ إنّما لا يَعلمونَ]...
سيَمدَحونَ / سيدْمَعونَ /
سيُزْعِـجُون هدُوء قبركَ بالمراثي إنّما...
لا تنزعج...
فالكلُّ يَرثي فوقَ قَبركَ نَفسهُ/
وأنا - بِصدقٍ- لا أحب رثاء نفسي !!!








الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)