المصلوب - شفيقة وعيل | القصيدة.كوم

0


2342 | 5 | 0 | 0




قَدْ كُنْتُ مِنْهُمْ وَ لَمْ أَشْـرَبْ فَمَا عَرَفُوا
لَكِنَّ مَنْ أَبْصَرَ التَّابُـوتَ قَدْ عَرَفَـا

غَرَفْتُ مِنْ دَفْـقِ ذَاكَ النَّـهْرِ مَلْحَمَةً
وَرُحْتُ أَسْكُبُ فِي شِعري الذي غُرِفَـا

فَكُنْتُ إِماَّ يَـقُولُ النَّاسُ فِي عَجَبٍ:
مَتَى وَكَيْفَ؟ أَشُقُّ الكُتْبَ وَ الصُّحُفَا

وَ أَمْتَطِـي بَاسِـَقاتِ الحُلْمِ مُخْبِــتَةً
وَ أَصْطَفِي من خبايا الشَّرْقِ مُعْتَكَفَا

وَ أَنْـزَوِي فِي سنا التّابوت قَافِـيَةً
تَدُسُّ فِي سِـرِّهَا الفَاءَاتِ وَ الأَلِـفَا

نكَأتُ جرحي و لمْ أحفلْ بما فعلوا
لولا اسْتـَفَاقَتْ هُمُومُ الجُرْحِ فانكشفا

وَاصْطَفَّ ظَنِّي عَلَى أصداءِ مُـعْضِلَةٍ
وَاحْتَالَ يَبْـحَثُ لَمْ يَظْفَرْ بمَنْ هَتَفَا

فَلاَحَ... لَوْلاَ رَنِينُ الرَّجْـعِ لانْطَـفَأَتْ
بَنَاتُ بَوْحِي، فَأَدْنَى الرَّجْـع وَازْدَلَفَا

وحرّكَ القلبَ يُذْكِي نَبْضَهُ حُرَقًا
وَ أَلَّـفَ الصَّبْرَ وَ الأَوْجَاعَ فَاأْتَـلَفَا

فقلت: مالي و لم أمسَسْ لواعجَهُ؟
وَلَمْ أُبَعْــثِرْ يَقِيـنِي لَمْ يَزَلْ أَنِـفَا؟

فَأَبْرَدَ النَّفْسَ فِي ضَوْضَـاءِ شُعْلَتِــهَا
وَ أَدْفَـأَ الرُّوحَ فَاهْتـَزَّتْ به كَنَـفَا

وحدي تُرَاوِدُنِي الذِّكْرَى وَ أَدْفَعُهَا
لماَّ اْنتَـبَذْتُ بِأَقْصَى خَـافِقٍ وَجَفَـا

قَدَّتْ رُؤَايَ وَ ضَجَّتْ فِي دَمِي وَطَنًا
كجذع نَخْلٍ بَـكَى الأعماقَ وَ السَّعَفَا

كقِصَّةٍ عَنْ وُرُودِ الثـَّـلْجِ غَالَبـَـهَا
ذَاكَ الصَّـقِيعُ بِأَرْضِ العُرْبِ وَ اقْتَـطَفَا
أو كالوعود جَمِيـعًا عِنْدَ مُنْتَظَرٍ
مِنَ الـصباحاتِ بَاعَ الـمَجْدَ وَانصرفا

تَعُـودُ حُبْلَى بِنَوْءِ البَوْحِ مُثْقَلَةً
أَوَّاهُ مَاذَا يَقُولُ البَوْحُ لَوْ وَصـَفا

وَمَا سيشرَبُ و الأقــداحُ يُظمِئـُـها
ملــحُ المَطَالِعِ محمـــوماً بها كَـلِفَا

أَشَرْتُ أُفْـهِمُ وَ الأَنْوَارُ في كنفي
فَأَنْـكَرُوا سَـابِغَاتِ النُّـورِ مُعْتَـرَفَا

يَا أُخْتَ هَارُونَ أَنَّى بِالَّذِي اقْتَـرَفَتْ
رُؤَاكِ يُصْـلَبُ مولودٌ وَمَا اقْـتَـرَفَا

وَكَيْفَ يَنْطِقُ مَنْ لَمْ يَرْتَشِـفْ نَصَـبًا
وَلَمْ يُعَـمَّدْ بماءِ الخوفِ، مَا حَـلَفَا

رَبَّاهُ خَلْقُكَ يَقْتَاتُـونَ مِنْ وَجَــعِي
وَيَحْـتَسُونَ أَنِينَ النَّوْحِ وَ الوَكَفَـا

يُبـَعْثِرُونَ كَجُنْحِ الْمَوْتِ عَاصـِفَةً
و يجمعون ثرى الأموات إِنْ عَصَفَا

هناك... نَادَى وَ مَا يَدْرِي بِأَيِّ صَدًى
مِنْ تَحْـتِ صَمْتِي يَبُثُّ العِزَّ مُلْتَـحِفَا

لاَ حُزْنَ بَعْدِي بِحَارُ الدَّمْعِ قَدْ نَضَبَتْ
وَ الْحَقُّ أَعْيى طُقُوسَ الشّكِّ فَانْكَسفَا

سَيَخْـبِرُونَ إِذَا جَفَّتْ مَنَابـِـعُهُـمْ
صَـدْأَ الحَـنَاجِرِ مذبوحَ الشَّـجَى أَسِفَا

وَيَذْكُـرُونَ بِأَنِّي جئتُ مَــوْرِدَهُمْ
فَأَسْلَمُونِي لأَوْصَاب الصَّدَا دَنِـفَا

أَلْقَوْا عَلَيْهِ بِقَعْرِ الجُبِّ غُرْبَتَـهُمْ
و أوطنوهُ مِيَاهَ الذُّلِّ ما ضَعُفَا

قَالُوا : اصْلُبُوهُ عسى التّابوتُ يَلْعَنُـهُ
إنّا لنخشى على التّابوتِ مُخْتَلَفَا

فَصِحْتُ أبكي وَ بَثُّ الْحُزْنِ يَعْصُرُنِي:
إِنْ تََصْـلُبُوهُ فَمَنْ يُحْيِىِ لَكُمْ خَلَـفَا

وَ مَنْ سَيُـبْصِرُ نَبْعَ النَّهْرِ فِي غَدِكُمْ
وَمَنْ سَيَنْفُخُ فِي طِينِ الْمُنَى جَذَفَا

وَ مَنْ سَيَصْدَحُ فِي مَدَّ الْمَـدَى لُغَةً
سَتَفْـقِدُونَ حَنِينَ البَوْحِ وَ الشَّــغَفَا

إِنْ تَصْلُبُوهُ سَيــحيا في ضَمَائرِكم
حَتَّـى يَعُـودَ إِلَى التَّابُوتِ مُنْتَـصِـفَا








الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)