مُنَمْنَمَة - أحمد حافظ | القصيدة.كوم

شاعر مصري (1994-)


549 | 4 | 0 | 1



أتحاشَى التفرُّسَ في كُلِّ شيءٍ
ولا أتذكَّرُ شيئًا تمامًا
وأُغضي عن النجمةِ الآفلةْ

لأنَّ عُيُونيَ ملآنةٌ عن أواخرِها بالينابيعِ والأخيلةْ

ولي صورةٌ أتمثَّلُها كلَّ حينٍ -إذا التبستْ خُطوتي-
لأحاولَ أنْ أتهجَّى ملامحَها
وأًفسِّرَ أجفانَها الغافلةْ.

أتمشَّى وحيدًا بلا فرسٍ يَتَصَاهَلُ حولي.. ولا قافلةْ

إلى نُقطةِ الصِّفْرِ في ساعتي العاطلةْ

أتمشَّى.. وها هي ذي تتكدَّسُ من خلفيَ -الآنَ-
خمسٌ وعشرونَ مقبرةً
وقُبُورٌ ملوِّحةٌ من بعيدٍ تُسائلُ:
"مَنْ سوف يحملُ لي -بعدَ موتِكَ- أزهارَهُ الذابلةْ؟"

قلتُ:
-والحزنُ تنمو براعمُهُ في الكلامِ، ويصفرُّ وجهُ يقينيَ-
" لا امرأةٌ سوف تُمسِكُ فُرشاتَها وتُلوِّنُ وجهي
ولا طفلةٌ سوف تعرفُ رائحتي في قميصي
ولا أحَدٌ سوف يكتُبُ عن عزلتي القاتلةْ"

ولكنَّني أطمئنُّ إلى صخرةٍ فوق قمَّةِ يأسيَ
آوي إليها..
وأنظُرُ للأرضِ وهي تدورُ على نفسِها كالثعابينِ.

لي حكمةٌ تتخلَّقُ مثلَ الأجنَّةِ في القلبِ
حتى إذا نَضِجَتْ
خَرَجَتْ للحياةِ على هيئةِ الأسئلةْ.

أنا عُشبةٌ أفلتتْ صُدفةً من عواصفَ هوجاءَ
قلبي كتابُ الصبابةِ
واسمي مُنَمْنَمَةٌ أشتهي أنْ أُتمِّمَها.

وفمي آخِذٌ غرفةً من مياهِ البلاغةِ 
حتى يرُشَّ بها وجهَ أطلاليَ النائماتِ وصحرائيَ القاحلةْ

فلأيِّ مدًى صرتُ بابًا يمرُّ به كلُّ شيءٍ؟!
ولا حاجبٌ عند أعتابِهِ
ليصُدَّ بكلتا يدَيْهِ حُشُودَ عذاباتِهِ الداخلةْ

ربما كنتُ فردًا بلا شَبَهٍ
أو شبيهًا لشيءٍ.. ولا شَكْلَ لَهْ!

عندما قلتُ: "أخرجُ من منزلِ الطينِ إذْ يتهدَّمُ"
كان السكونُ العميقُ يُعِدُّ شقائقَهُ
ويُهيِّءُ لي منزلَهْ

والوداعاتُ كانتْ تُحوِّمُ حولي كأغربةٍ
وتحطُّ على أغصُنِ الروحِ.

فيما الغروبُ
يمُدُّ مُلاءتَهُ الشَّفَـقَـيَّـةَ فوق سريرِ الطبيعةِ
والجَسَدُ المُتَدَاعي يُثبِّتُ أوتادَ خيمتِهِ المائلةْ!





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.