0 تقييم
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
قَلْبِي الْمَسيحُ لِمَريَمَ العَذْراءِ
لَا شَيْءَ غَيْرُ الحبِّ في أسْمَائِي
إِنْجِيلُ عَيْنَيْهَا مَسَافَةُ غُرْبةٍ
بَيْنَ الحَوَارِيِّينَ وَالشُّعَرَاءِ
أَيْقُونَةُ الغُرَبَاءِ، هَيْكَلُ رَاهِبٍ
سِفْرُ البِدَايَةِ فِي رُؤَى الحُنَفَاءِ
تُفَّاحَةٌ فِي الغَيْبِ
حِكْمَةُ آدَمٍ
قُدْسُ اللَّهِيبِ وَجَنَّةُ الإِغْوَاءِ
لَولَا ارْتِوَاءُ الْمَاءِ مِنْ أَنْفَاسِهَا
لَمْ يَنْجُ مُوسَى مَرَّتَيْنِ بِمَاءِ
لَا هُدْهُدٌ للشَّوقِ إلاَّ صَوتُها
يَأْتِي إلَى العُشَّاقِ بِالأَنْبَاءِ
ضَمَّتْ خَلَايَا الرَّمْلِ بَيْنَ ضِفَافِهَا
لِتَكُونَ كُثْبَانًا بِلاَ صَحْرَاءِ
كَانَتْ سَمَاءَ الرِّيحِ، مَلاَّحَ الرُّؤَى
وَطَنًا بِلَا مَأْوًى وَلاَ غُرَبَاءُ
فَوْضَى التِّلاَلِ، كَلَامَ عِشْقٍ لَمْ يُقَلْ
عَنْ بَرْزَخٍ بَيْنَ الرُّؤَى وَالرَّائِي
لَمْ يَنْطِقِ الحَلَّاجُ
حينَ بدتْ لهُ عِنْدَ الْحُلُولِ
بِحَضْرَةِ الأَضْوَاءِ
«كُنْ كَاسِحًا كَالْمَوْجِ عِنْدَ لِقَائِنَا
قَالَتْ -
سَئِمْتُ مَهَابَةَ الْحُكَمَاءِ
زِدْنِي اتِّسَاعًا بِالْجُنُونِ
فَإِنَّ عَقْلِي ظُلْمَةٌ مُكْتَظَّةٌ بِضِيَاءِ
هَبْ لِي امْتِزَاجًا بِالنَّبِيذِ فَرُبَّمَا
أَمْسَكْتُ فِي سُكْرِي بِخَيْطِ صَفَاءِ»
أَصْغَى بِكُلِّ جِرَاحِهِ لِجِرَاحِهَا
فَتَنَافَذَا بِمَدَامِعٍ وَدِمَاءِ
كَانَتْ مَسَاءً فِي يَدَيْ خَزَّافِهَا
مَلَأْتْ كُؤُوسَ العِشْقِ لِلْأَرْجَاءِ
شَرِبَتْ لُتُسْكِرَ كَأسَهَا أَنْفَاسُهَا
وَتَغِيبَ خَلْفَ الغَيْمِ كَالجَوْزَاءِ
كَانَا هُنَاكَ مَسَافَتَيْنِ وَزَوْرَقًا
صَوْتَينِ مِنْ نَجْوَى وَمِنْ إِيحَاءِ
وَتَرَيْنِ فِي نَغَمِ القَصِيدِ
تَهَجَّيَا حَاءَ الحَيَاةِ عَلَى خَلِيجِ البَاءِ
وَتَرَيْنِ مَرَّ عَلَيْهِمَا قَوْسُ الكَمَانِ
فَأَرْوَيَا ظَمَأَيْهِمَا بِغِنَاءِ
رَقَصَتْ نُهُودٌ وَالْتَقَى تُفَّاحُهَا
وَاسْتَسْلَمَ الإِغْرَاءُ لِلْإِغْرَاءِ
مَرَّتْ يَدَا إِيرُوسَ حِينَ تَعَانَقَا
وَتَبَتَّلَتْ فِينُوسُ لِلْعَذْرَاءِ
نَارٌ عَلَى الأُولَمْبِ تُضْرِمُهَا الرُّؤَى
وَالْمَاءُ يَغْرَقُ فِي اغْتِلاَمِ الْمَاءِ
كُلٌّ بِغَيْمِ الحُلْمِ يَرْسُمُ وَجْهَهُ
لاَ فَرْقَ بَيْنَ السُّكْرِ وَالإِسْرَاءِ
لاَ فَرْقَ بَيْنَ بُكَائِنَا وَبُكَائِنَا
دَمْعُ الفِرَاقِ عُيُونُ كُلِّ لِقَاءِ
هَلْ كَانَ لِلثَّالُوثِ أَنْ يَبْقَى هُنَاكَ
مُغَيَّبًا كَالصَّوتِ فِي الأَصْدَاءِ؟
هَلْ كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى خُطْوَاتِنَا
أَنْ نَلْتَقِي فِي أَعْيُنِ الرُّقَبَاءِ؟
سَكَتَ الكَمَانُ وَكَادَ يَكْسِرُ قَوْسَهُ
وَبَدَتْ بِهِ الأَوْتَارُ رَجْعَ بُكَاءِ
عَلِمَ الشَّتَاءُ بِأَنَّنَا مِنْ ثَلْجِهِ
عُدْنَا بِصَيْفٍ لِلصَّبَاحِ النَّائِي
سُقْنَا الرِّيَاحَ لِعِشْقِنَا أُهْزُوجَةً
لِنُقِيمَ حَفْلَ الشَّوقِ فِي الأَنْوَاءِ
غَضِبَتْ عَوَاصِفُهُ...
تَحَطَّمَ عُشُّنَا...
صِرْنَا عَرَاءً فِي جُفُونِ عَرَاءِ
أَفْضَى الفَرَاغُ إِلَى الفَرَاغِ
تَنَاثَرَتْ أَوْرَاقُنَا سُحُبًا بِكُلِّ سَمَاءِ
عَادَ الْمَسِيحُ إِلَى القَصِيدَةِ
سَائِلاً عَنْ سِدْرَةٍ فِي مُنْتَهَى الأَشْيَاءِ
عَمَّا تَبَقَّى فِي نَوَايَا الغَيْبِ
مِمَّا لَمْ تَطُلْهُ نُبُوءَةُ الفُقَرَاءِ
عَادَ الْمَسِيحُ فَصَارَ قَلْبِي نَخْلَةً
تَهَبُ السَّمَاءَ لِمَرْيَمَ العَذْرَاءِ
أَوَلَمْ أَقُلْ مُنْذُ البِدَايَةِ أَنَّنِي فِي مَرْيَمَ
حَشْدٌ مِنَ الأَسْمَاءِ؟
فَدَعُوا القَصِيدَةَ بَيْنَنَا مَصْلُوبَةً
مِثْلَ الْمَسِيحِ بِأَعُينِ القُرَّاءِ