تراتيل لطائر الفينيق - خالد الوغلاني | القصيدة.كوم

شاعرٌ تونسيٌّ (1969-) نعم هرِمَ.. وشاب الفكر في الخلدِ.. من أجلِ عينيك يا حريّة البلدِ..


1821 | 0 | 0 | 0




عُدْ لي..
فمَا عَادَ القَريضُ إليَّ
إلاَّ لأرشُفَ نُورَكَ الأَبَدِيَّ
وأغِيبَ عنِّي
في ضَميرِ قَصَائِدِي
لتَكُونَ في سُجُفِ الدُّجَى عَيْنيَّ
وأرَاكَ
مَا بَينِي وبَينِي
بَرزَخًا يَخفَى
ليُبصِرَهُ الضَّميرُ جَلِيَّا
لاَ يَحجُبُ الرُّؤيَا
وإنْ وَسِعَ الْمَدَى
وارتادَ منْ مُدُنِ الخَيالِ قَصِيَّا
أنتَ امتِدَادِي..
في الحياةِ وفي الرُّؤَى
تَاريخُ ما نَحتَ الزَّمَانُ عليَّ
مَا كُنْتُ إلاَّ عَبْرَةً
لَمْلَمتَهَا وبَعثْتَها شَمْسًا
بِكلِّ مُحَيَّى
وسَكَبتَهَا..
بينَ القصيدِ وظِلِّهِ
لتُضيءَ منْ مُهَجِ الكَلاَمِ خَفِيَّا
وتَمدَّ للنَّجَوى وسَائِدَ حُلمِهَا
وتَنامَ في جَفنِ الزّمانِ هَنِيَّا
أَنَا منْ لِسَانِكَ
بَعضُ مَا نَمَّقتَهُ
لِتَكونَ في أُمَمِ الضِّياءِ
نَبيَّا
تَفنَى حُرُوفي
لو تُحدِّثُ دَمعَتِي عَنِّي
ولا تُصغِي لنَبضِكَ فِيَّ
هل خُنتُ؟
لا أَدرِي...
ولكنْ رُبَّمَا خَانَتكَ قَرطاجٌ علَى شَفَتَيَّ
أَوَلَمْ تَكُنْ لُغَتِي التي غَمْغَمْتَهَا للبَحرِ
إذ أغفَى على رِئَتيَّ؟
شَرقِي الذي حَلَّقتَ في فينيقِهِ
لتُضيءَ قُرصَ الشَّمسِ بينَ يَدَيَّ؟
كُنْ في غِناءِ الطِّيبِ..
صَوتَ كَرامَتِي
عُدْ منْ رَمادِكَ
كَيْ أَعُودَ إلَيَّ
لُبنانُ..
ما عَنَّتْكَ كلُّ حَرائقِي
إلاَّ لِتَبْقَى في ضَمِيرِيَ حَيَّا
نَذَرَتْكَ ذِلَّتُنَا لِدَيْجُورِ الثَّرَى
فأبَيْتَ إلاَّ أنْ تَعيشَ ثُـَريَّا
يَا طائِرَ الفِينيقِ
أحتَاجُ الصَّدَى
كَيْ أَسْتَرِدَّ مِنَ الفَنَا وتَريَّ
أَحْتَاجُ شَمسَكَ
كَيْ أُضِيءَ مَوَاجِعِي شَدْوًا
وأَذكُرَ مَوتِيَ الْمَنْسِيَّ
غَنَّتْ بِيَ العَنقَاءُ
حتَّى كِدتُ أَنْسَى
أنَّ صَوتِي لمْ يَعُدْ مَنفِيَّا
دَسَّتْ بِصَدْرِي
عينَها رِئَةً
لتَسرِقَ مَا تَبقَّى في الهواءِ لَديَّ
حَتَّى دُمُوعِي
فَتَّشَتْ في مِلْحِهَا
عَمَّا تَبقَّى في العُيونِ أَبِيَّا
يَا طائرَ العِطرِ القَديمِ
أَتَيتُ مِنْ أَرضِ الطُّيوبِ
مُتَيَّمًا... عُذرِيَّا
أَلَّفتُ من طِينِي..
وَوَردِ قَصائِدِي
عُشًّا لِحُلْمِكَ في الْمَدَى قُدسِيَّا
حَمَّلتُ شَوقِي فَوقَ
مَا يَسَعُ الْمَدَى
وخَشِيتُ أنْ يَبقَى البَيانُ عَيِيَّا
فَأرقْتُ 'مَجْرَدَتِي'*عَلَى دَمْعِي
رُؤًى
وَحَملتُ قَرْطَاجِي
علَى كَتِفَيَّ
وأَتَيتُ..
منْ دِيَمِي وخُضرةِ مَغرِبِي
أهمِي عَلَى شَرقِ الضِّيَاءِ سَنِيَّا
عِليسَةُ' الأحْلاَمِ
تُفلِتُ مِنْ دَمِي
لِتَضُمَّ سِحرَ الأرْزِ في جَفنَيَّ
نَخْلِي..
وزَيتُونِي
ورَملُ عُرُوبَتِي
لَمْ تُبقِ منْ عَنَتِ الْمَسافةِ شَيَّا
أَمْضي بِلاَ خَطوٍ
فَخَطْوِي فَاتَنِي
أَحدُو جَناحَ الشَّوقِ
لاَ قَدَمَيَّ
أَنْسَابُ مَا بَينِي وبينَ خَرائِطِي
لِيَسيلَ نَهرُ العِشقِ منْ كَفَّيَّ:
صُورٌ... وقرطاجٌ
وبينَهُما الْمُنَى
تَلهُو بِمَوجِ الضَّوءِ منْ قَمَرَيَّ
مَهلاً صَديقِي..
مَا شَبِعتُ عِناقَنَا
كيْ «أَستردَّ منَ العناقِ يَدَيَّ»*
مَا زَالَ بِي
ظَمَأُ الجِبَالِ لِكِبْرِهَا
ماءٌ
يَعاوِدُ نَبعَهُ الأَصلِيَّ
غُصنٌ..
تَيبَّسَ منْ فِراقِ جُذُورِهِ
حتَّى استَوَى عندَ اللِّقاءِ نَدِيَّا
شَوقٌ..
تُغنِّيهِ الرِّياحُ لِبَحرِهَا مَوجًا
وتَحفَظُ لَحْنَهُ الغَجَرِيَّ
خُطوَاتُ 'حَنَّابَعْلَ'
صَوبَ جُدُودِهِ
دَمعٌ..
تَجمَّدَ في العُيونِ عَصِيَّا
مَا زالَ بِي
مَا لَوْ كَتَبتُ بِدَمعِهِ فوقَ الظَّلامِ
لصارَ نُورانِيَّا
أَ أَنَا هُنَا؟..
مازلتُ غَيرَ مُصَدِّقٍ
أَ وَيَستَحِيلُ الحُلْمُ لُبنَانِيَّا؟
هلْ يَاسَمِينُ الغَربِ
حَنَّ لِشَرقِهِ
أمْ صَارَ قُرصُ الشَّمسِ فينِيقِيَّا؟
لاَ ذَا ولاَ ذَاكَ..
اقْتَربْ يَا صَاحْبِي
الدُّرُّ عَانَقَ دُرَّهُ العَرَبِيَّ






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: