اِرْحَلْ إذَن - خالد الوغلاني | القصيدة.كوم

شاعرٌ تونسيٌّ (1969-) نعم هرِمَ.. وشاب الفكر في الخلدِ.. من أجلِ عينيك يا حريّة البلدِ..


1833 | 0 | 0 | 0




اِرْحَلْ إذَنْ...
مَا عَادَ في أَضغَاثِ هَذا اللَّيلِ مِنْ لَيْلٍ
لِكَيْ تَلِدَ الغُيُومْ
كُلُّ الدُّروبِ تَكَدَّسَتْ فيهَا الجِراحْ
كُلُّ النُّجومِ تَفتَّتَتْ
وتَصدَّعَ القَمرُ الأخِيرُ كَصَخرةٍ
وتَنَاسَلتْ أُمَمُ الهُمومِ
مِنَ النُّواحْ..
اِرحَلْ لِكيْ يَصِلَ الصَّباحُ إلَى الصَّباحْ
أَشوَاقُنَا انتَحَرتْ علَى هَذَا السَّرابِ
الْمُنتَشي بِخُطاكَ إِذْ تَقفُو خُطَاكْ
هَذَا التَّردُّدِ في رُؤاكْ
فَاكْفُرْ بنفسِكَ وانقَرِضْ
كَغَيَاهبِ النِّسيانِ
كَالوَجَعِ الْمُراكَمِ
كَالغِيَابْ
ارحَلْ..
لِكَي يَروِي الشَّبابُ عَنِ الشَّبابْ...
وَجَعَ الرَّبيعِ الحُرِّ إذْ يَقفُو الشِّتاءْ..
وَجَعَ الثَّكَالَى إذْ يَريْنَ وَحِيدَهُنَّ يخرُّ مِن عَليَائِهِ
كَالحُلْمِ في بُقَعِ الدِّماءِ علَى السّرابْ
ارْحَلْ..
كَكابُوسِ الجريمَةِ..
والغَبَاءْ
واحْذَرْ وأنتَ مُغَادِرٌ..
كُلَّ الْتِفَاتَةِ آسفٍ
كُلَّ اختِلاَجةِ نَازِفٍ
كُلَّ اضطِرابْ
كُنْ ثابتًا عندَ الرَّحيلِ ولا تَخفْ
اُتْرُكْ تَلَعثُمَكَ الكَرِيهَ إلى الرِّياحِ
وزُلْ كَجُلمودِ الخَطِيئَةِ مُسْرِعًا
اِرحَلْ
سُقُوطًا أو هُرُوبًا
لا انْسِحابْ
***
اِرحَلْ...
فَبَعدَكَ لَنْ تُشَقَّ الأَرضُ
أوْ تَهوِي دِعَامَاتُ السَّماءْ
سَيُسافرُ الآتونَ مِنْ قلقِ اللُّغاتِ إلَى اللُّغاتِ
كَمَا تَعودُ إلى خَمائِلِها عَصَافيرُ الغِناءْ
سَنُعانقُ الزَّيتُونَ..
كَيْ نَحيَا نَخيلاً واقفًا للرِّيحِ
مُنتَصِرًا عَلى خَجَلِ البُكاءْ
سَنظَلُّ نَعمَلُ في إِباءْ
وَإذَا اسْتَطعتَ فَخُذْ قُصورَكَ
خُذْ ضِياعَكَ وانتَشِرْ
في عَالَمِ البُورْصَاتِ
في أُمَمِ البُنوكِ
وَفي صَنادِيقِ الثَّراءْ
(عَفْوًا ... علَى ذِكرِ الصَّناديقِ..
ابتَدِعْ إن شِئْتَ صُندوقًا
لِدرءِ مَخاطرِ الإسهَالِ عنْ حُكَّامِ أَمريكَا
وجَمعِ تَبرُّعَاتِ الدُّودِ والجِرذانِ في مدُنِ المجارِي
للتَّضَامُنِ مَعْ سَنانِيرِ العَراءْ
لَكِنْ تَريَّثْ
في اخْتِيَارِ الْمُشْرفينَ عَلَى صَناديقِ الدَّعَارَةِ
فَالنِّساءُ مَلَلْنَ
مِنْ نَهْبِ السَّماسِرةِ الذينَ يُرَوِّجُونَ
لِكُلِّ أفكَارِ الدِّفاعِ عَنِ النِّسَاءْ)
خُذْ مَا تَشَاءْ
واترُكْ لَنَا ظِلاًّ عَلَى وطَنٍ
نُوسِّعُهُ إذَا ضاقَتْ مَسَالِكُ بَوْحِهِ
اُترُكْ لنا الأنفَاسَ تَعبُرُ حُرَّةً
فيمَا تبقَّى في الهَواءِ..
مِنَ الهواءْ.
اُترُكْ لنَا بَعضًا منَ الأحلامِ
إنْ ظلَّتْ على الشُّطآنِ بَعضٌ من نَوارِسِنَا
تُرَفْرِفُ حُرَّةً
فَوقَ الصُّخورِ وخَلْفَ مَوجَاتِ الجُفاءْ
ارْحلْ إذنْ
وتَذكَّرِ التّاريخَ كيْ تَنسَى
وقُلْ حَسبِي مِنَ الآمَالِ
أَنْ أَهوِي إلَى النِّسيَانِ
أنْ تَتَبخَّرَ الذِّكرَى وأَمْضيَ في الشِّتاءِ
مَعَ الشِّتاءْ
قُلْ مَا تَشَاءْ
واترُكْ لِنَهرِ الحُبِّ في دَمِنَا سبيلاً
كَيْ نَعُودَ مُجدَّدًا
لنُغالبَ التيّارَ منْ هذَا الخَرابِ
إلَى البِناءْ






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: