شبيهات أمّي - محمد الهادي الجزيري | القصيدة.كوم

شاعرٌ تونسيٌّ (1962-) منتبهٌ منذ زمنٍ إلى خصوصية الصوت والفكرة.


1626 | 0 | 0 | 0




أفحمتني النساءْ
كلّما عضّني قدري .. طفن بي حانيات
يضمّدن روحي بما يمتلكنَ
وإن كان قطنَ السماءْ
كلّما ضاقت الأرض والأبجديّة بي
وتجاهلني زمني
كنّ لي سفنا
وطفقن يحوّلن كلّ زقاق فضاءْ
فلتكن شهقتي في الهزيع الأخير من العمر
أغنية وصلاةْ
للمصابات ظلما بكلّ سهام الخطايا
وهنّ البريئات من كلّ ذنب.
يغرن على صخرة العيش فجرا
ويخبزن منها الحياةْ


لغتي تتوغّل في الوقت والأرض
أنثى تكذّب كلّ الرواةْ
إخوتي اختلسوا كلّ شيء من البدء
واتّهموا الأمّهاتْ
ومن البدء يغتصبون الحقيقة تفّاحة تلو
تفّاحة
من صدور البناتْ
الكهوف الخيام البيوت القصور تعي ما
أقولُ
وتكتم في جوفها حسراتْ
النساء قرابينُ آلهة صاغها إخوتي
الماكرونْ
النساء عرائسُ للنيل
حقل سبايا لجيش من الهمج القتلةْ
بائعات هوى في المعابد باسم البغاء
المقدّس
مستنزفات طوال الدهور وفي كلّ محكمة
ساقطاتْ


النساءُ قصائد في قبضات الشيوخ
وسائد للسيّد الفحل في جنّة النزواتِ
وحين يؤوب من الغزواتْ
النساءُ حمامات هذا الخراب الذكوريِّ
ينشدن بين الركام
لكي يطمئنّ السلامُ قليلا
ويسندن بالحبّ والصبر
من يتداعى من الإخوة الجشعين السكارى
وينسجن من شجن شائك عائلاتْ


النساء شبيهات أمّي
على الرغم من ضعفهنّ
يُجِرن طفولة روحيَ من إخوتي الشرسين
القساةْ

إخوتي لا يحبّونني مثلما قال درويشنا
وأنا لا أرى حاقدا واحدا
لا أرى غير سرب الرفيقات حولي
وأدعية الأمّهاتْ




الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: