صعودا إلى آخر المكاتيب - مهدي النهيري | القصيدة.كوم

شاعرٌ عراقيٌّ (1978-) وكما يدلُّ اسمه، فهو نهير شعرٍ عربيٍّ.


573 | 0 | 0 | 0



(إلى عريان السيد خلف..)

فُجاءةَ موتِكَ لم أتلبسْ كثيراً
بأُشغولةِ الموتِ
لم أتهيّأْ لمعرفتي جَيِّداً
حينَ لم أتأكّدْ من الآسَفِ المرِّ
يملؤني
لم أجدْني بقارعةِ الفقدِ أنحِتُ تمثالَ
آلِهةٍ للرثاءِ وأكسرُهُ
وانشغلتُ بصمتِكَ ، قلتُ أقلّدُهُ فهْوَ
آخرُ نصٍّ بخطِّكَ
يُعجبُني أنْ أعينَ النصوصَ على
حَمْلِهِ
وانغزلتُ بتصديقِ أنَي أكذّبُ ما
فهرستْهُ المقابرُ
أني أردَّدُ ما لستُ أنكرُهُ من كراهيةِ
الحبِّ لو بلغَ الآخرةْ
وتحَوَّلَ ذاكَ الجنونُ الجنونيُّ
من جسدٍ كانَ ينضحُ رفضاً وحريةً
ويحقّقُ مخطوطةَ الحَجَرِ الصلْدِ ماءً
.. إلى ليس أكثرَ من ذاكرةْ
لم تسافرْ ولم تظلَّ قريباً
إنما اخترتَ في الغموضِ مكوثا
وهجرتَ القرى وخلفتَ نهرا
يتهادى على خطاك حثيثا
وإذ ارتبتَ أن تجِفَّ المواويلُ
زرعتَ النهارَ عنكَ وريثا
ومن بَعْدِ ليلينِ حدَّثَني قمرٌ ناضجٌ
عن غيابِكَ
أولَعَني بأغانيِّهِ عنكَ
لم يتخذْ غيرَ سلسالِكَ العنبيِّ
لعنقودِ أحزانِهِ وتراً
ثمَّ غنّى
وأنا أتمنّى
أمدُّ يدَ اللحنِ ألمسُ ذاكَ المغني
المُعَنَّى ..
كانَ عريانُ أكثرَ من جاهزٍ للمرورِ
بحاشيةِ الأرضِ
قصْدَ الوصولِ إلى بابِ جنتِهِ
الجاهليةِ
أو قصرِ أسرتِهِ في الخيالِ المُعَدِّ
له
ربما أنا أعني البلوغَ إلى أخرياتِ
البلاغةِ
ساعةَ أن لم يكنْ قطُّ منفرداً
بالتوجِّسِ
لكنهُ راحَ منفرداً بتحدّي الملاقاةِ
يحملُ في يدِهِ غربةَ الواثقينَ
وفي صدرِهِ السومريِّ شعوبُ الكوارثِ
تضحكُ وهْيَ تُرافقُهُ
لانتهاكِ المسافةِ بالوردِ
والسُّخْرياتِ من الطاغيةْ
كانَ عريانَ كلكامشاً لأعالي الزمانِ
وطفلاً لشيخوخةِ المُدُنِ الناجيةْ..
مرَّ كالشعرِ في الروايةِ
كالبيتِ لو ابتزَّ غفلةَ الصحراءِ
النبيُّ الشعبيُّ أشعرُ لمّا
يخلطُ الأنبياءَ بالشعراءِ
ألفُ زقورةٍ تحنُّ لفتوى
شاعرٍ صمتُهُ حكايةُ ماءِ
كما يتفرَّطُ عِقْدُ الأنوثةِ فوقَ
ضلوعِ المُهَدَّدِ بالليلِ
آثَرْتَ أنْ تتمشّى إلى القبرِ
أجملَ من شهْوةٍ وأقلَّ من الشعرِ شيئاً
قليلاً
وأغلى على عاشقيكَ من السنواتِ التي
عبَّقَتْها قصائدُكُ الخُضْرُ
يا ليّنَ الذكرياتِ وسَجّانَها وسجينَ
القلوبْ
أما كنتَ نقرةَ سلمانِهم
حينَ تحشدُهمْ في زنازينِ ذوقِكَ وهْيَ
حدائقُ
كنتَ تُرَبّي المذاقاتِ ثمَّ على قدَحٍ
من مجازٍ بحضرةِ أحلى الأغاني تذوبْ
وتأخذُ أبسطَ ما في القرى ، قمْحَ
أحلامِها مثلاً
لتُعلّمَها الفلسفاتِ بغير التعاريفِ
تختارُ من أبعدِ الثائرينَ طرائقَ
إيمانِهمْ بالتكثُّرِ
تنقعُها بنواعي العجائزِ في الناصريةِ
تَشتبكُ النخوةُ الأوليةُ إذ تترقرقُ في
ظهرِكَ الهاشميِّ التراثيِّ
بالسَّفَرِ الغزليِّ الذي يتنفسُ
قلبَكَ
ثمَّ تُحاولُ أن لا تتوبْ ..
أنتَ لم تسمعِ القصيدةَ لم تهتمَّ
لم تبتسمْ ولمْ أقلْ لأثيرَكْ
أنا أبكي انكسارَ نخلٍ كثيرٍ
كانَ ينمو عسى ينالُ حضورَكْ
أبداً .. لا ندامةَ أنّكَ تنزلُ من هيبةِ
(التلِّ)
ليسَ البقاءُ على قمةِ الوجدِ خمسينَ ،
أمراً يسيراً
ولكنَّ هذي الثمالةَ ليستْ على قدْرِ أن
تستمرَّ
وكنتَ صراحةَ مصباحِها وسلامةَ جسمِ
الكنايةِ
يا قبلَ ليلتِها والغروبُ الأخير ..



الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: