طائفٌ قد طافَ بي في السَّحَرِ
ساكباً في عدمٍ يصخبُ كأسَ العُمُرِ
صحتُ يا مولايَ ما هذا الذي تقصدهُ
شزرَ المولى فذابت مهجتي بالشَّزَرِ

قمتُ مذهولاً إلى إبريقِ خمري ثملا
علّني أطفئُ نيرانَ ارتباكي بالطلا
سكبَ الإبريقُ في كأسي نضوباً صامتاً
آه مولاَي فراغُ الكأسِ بالصمتِ امتلى

أُنْقُرِ الكأسَ إذا ما نضبتْ واشربْ رنينْ
كلُّ كأسٍ خمرةٌ حتّى إذا كان بها ماءٌ حزينْ
فإذا ما لائمٌ لامكَ فيها قُلْ صحيحٌ
إنما من يسكتُ الأوجاعَ في ليلٍ بلا دنيا ودينْ

ثَمَّ طيرٌ يرسلُ الشكوى، كَمِ الصوتُ مريرْ
باكياً في قفص الغربة لا يدري بماذا يستجيرْ
إنه مثلي كسير القلب
ليس عدلاً أنّ طيراً في جناحٍ لا يطيرْ

غمزَ الصاحون أني ثملٌ ما كذبوا
جئتني من لبّةِ القلبِ أنا مضطربُ
لم أعدْ أبصرُ شيّاً
غيرَ تعدادِكَ يا واحدُ يا نفيُ لهذا أشربُ

تبتلي العاشقَ بالخمرِ وبالحزنِ كثيرْ
زِدْ من الإثنينِ فالصحوُ من العشقِ خطيرْ
جثمَ الحملُ على ظهري ولم
أجثُ وما زلتُ على الدربِ أسيرْ

ما لبعضِ الناسِ يرميني بسُكري في هواكْ
وهو سكرانٌ عماراتٍ... يُسَمّيها رِضاكْ
يا ابن جيبين حراماً
إنني أسكرُ كي أحتملَ الدنيا التي فيها أراكْ

ضجَّ ذئبٌ يرتجي التقوى رياءً ونفاقْ
وبخدّيه دمُ الناسِ بما امتصَّ زقاقْ
قال يا سكّير فانهلَّ على خديَّ
نهران من الدمعِ عراقْ

مَرَّ ريقي بحروب الجهلِ من كلِّ الجهاتْ
أفما تملأ إبريقي بساتينُ الفراتْ
قلقاً أدعو شتاتَ الطيرِ لمّوا الشملَ
ما الموتُ سوى هذا الشتاتْ

سيّدي تمَّ غنائي إنما عتبٌ صغيرْ
لمَ لمْ تجعلْ لبعضِ الناسِ أشكالَ الحميرْ
فَتُريحَ الناسَ منهم، أم ترى أن المطايا
سوفَ تحتجُّ على هذا المصيرْ