أخذوا مالي..
لكني أحيا أسعد وقتي
أنبل أيامي
يبقى أن كلاب الحي
ترحب بي
وتقود المنتصرَ السكرانَ إلى تجويف الباب..

وداعاً
سأنام الآن
ولا تنتظروا شيئاً
لم يتبقِ لديَّ رصيدٌ
لا في البَنْكِ
ولا في الهاتف..

أخذوا مالي
تلك وريقاتي الماليةُ رهن يديهم
أخذوا الورقَ الناصعَ
خمسيناً
مئةً
مئتين
أخذوا آخرَ نصف جنيه مهترئ من جيبي
لكني أحيا أسعدَ وقتي
أنبلَ أيامي؛
تركوا لي بعض الحلوى
وقليلاً من خمر؛

بعض الحلوى كي أربحَ قلب الابنةِ
وقليل الخمر
لأسهر وحدي
وتطول الثرثرةُ
- في ماذا تنفعك البنكنوت؟
- تنفعُ
- تدفع فاتورات الماء؟!
- وتبدل أنبوب البوتجاز
- وتضمن بضع دقائق للخلوي؟!
- وثمن قراط في أرض مفترضة
- وخطى لا تخطوها؟!
- تشعر أنك تخطوها
- لكنهمُ أخذوا مالي
- لكنهمُ تركوك لحالك
تتمشى
وتجول
الليلة
محتبساً دمعك
وقليلَ بكائك
وحنينك للعملات الفضة
والأيام المثلى الباهتة
ورغيف الأب ..

ويا عملاء البنك
أيتها الأيدي الممدودة
والأفواه الناشبة الأنياب
خذوا ما يمكنكم
ودعوا لي
ثمن الراحة
وحقوق الترحالْ..
لا أحتاج سوى لفاتٍ حول العالم
وحبوب للترسيب
تزيب الملح الزائد
كي أسطيع المشي
وتوصيل الصُدَفِ لأهليها
الصدفِ الحلوةِ
باهظة الأثمان
الهاطلةِ الآن على الماشين
كمطر الرب
الفرح المسبوق الدفع
المجاني..

عامل توصيل الصدف أتى
مندوب مبيعات السلوان
وجبر الخاطر
يملك كل الوقت
وكل الود
لهذا الكلب الجائع
يعطيه النصف رغيفٍ
ويناصفه الشجن
ويمدح هذا النبل الناهض من عينيه
يقول:
عيون كلابٍ هذي
أم حدقاتُ الشعراء الموتى
إن ضلوا
وانتبهوا في عودهم الدائم
وارتدوا من أبناء الأربع
ذوي الأذيال
آه لو يتحد كلاب الحي مع الشعراء
(لمات محمد عبد الرحمن من الحسرات
وعاد حسين البدري إلى بلدته....)
فصلٌ من ضحك ممحونٍ لا موزونٍ..
ضحك وسعال ودموع تتدفق من فرح وصفافير
وقليل من خمر تبقى
تنفع في هذا الليل
وتدفع ثمن اللوذ بأي من أربابي
والحلوى في جيبي
قربان الابنة
تسميني «العصفور الأكبر»
وأناجيها:
يا بنتُ
«العصفور الأكبر» عاد!!
أخذوا مالي
كامل مالي
حتى آخر نصف جنيه
مهترئ
مبلول في جيبي
أخذوه
ولم يتبق شيء
لكني سأنام الآن سعيداً..