صهوة الضاد - نبيلة الخطيب | القصيدة.كوم

شاعرةٌ أردنيّةٌ (1962-) تجربتُها في الكلاسيكيّة العربيّة تحفظُ الموروث وتورّثه سليماً معافىً.


1673 | 0 | 0 | 0




هل السراةُ كمن هبّوا لها صُبْحا
والعادياتُ بذاكَ المُلتقى ضَبْحا

فالليلُ أغطشَ حتى كاد ينكرهم
والفجرُ أَوْحى بطرْف النُّور ما أوحْى

قالوا فردَّدت الأيامُ خلفَهُمُ
وأسهبَ الدهرُ في أشعارهم شَرْحا

سنُّوا الحروف فللأفكار صولتهم
وفي صَليل القوافي أَدْرَكوا الفَتْحا

قريضُهم ملأ الدنيا وشاغَلَها
أَدْنى هجاءً و أعلىَ مُسْبِغاً مَدْحا

حيناً يَشِبُّ وَعِيداً أو مُساجَلَةً
ومن شِفاه المنايا ينبري رُمْحا

قد يضْرِمُ الحربَ إن مارتْ مراجِلُهُ
أو يُبدِلُ الحربَ مِنْ إحكامه صُلْحا

و قد يُريبُ خوافٍ في مَواكنِها
ويَقلِبُ الصُّبحَ في لألائه جُنْحا

أو يغمُرُ النفسَ فَيضٌ مِنْ سَكينَتِهِ
ويسْتحيلُ وديِعاً مُؤمناً سَمْحا

يَستْرضِبُ الغيضَ مَنْ غاضَتْ قناعَتُهُ
من يُغْدِقُ الشِّعْرَ هل يستَمنِحُ الرَّشْحا؟

تَزْهو الحضارة حيثُ الشِّعر سادِنُها
تَذْوي فيرفع من أطلالها صَرحا

يغدو رسولاً لها حتى يخلِّدَها
ويرسُمُ الوهْدَ في تصويرها سفحا

حاٍد حفيٌّ إذا الأيامُ قافٍلةُ
تمضي فينشر في أذيالها الرَّوحْا

والشٍّعرُ لَحنٌ وأوتارُ الحروف إذا
ما هَزَّها الوجْدُ ينسابُ الجوى صَدْحا

يا للغناء الذي يُشْجي مَواجِعَنا
يَشْدو الحياةَ وفينا يُعْملُ الذَّبْحا

إنْ مَسهُ الشوْقُ أو أَنَّ الحنينُ بهِ
يَنُضّه القَلْبُ من وهْجِ الحَشَا بَرْحا

وإنْ تَجمَّلَ والأهواءُ خائنةٌ
تَذروْهُ فَوْقَ جِراحات الهوى مِلحا

يجودُ بالنبضِ والأعصابُ ناضِبةٌ
لا تَسْألوا الجُرْحَ أنّى نزفُهُ سَحاَ

يدنو كظبيٍ من التصريحِ في وَجَلٍ
قَدْ راعَهُ السَّبعُ أَنْ بادَرْتَه البَوْحا

ظِلٌّ ظَليلٌ ولكنْ لا ظلامَ به
يَرْمي بشُهْبِ المعاني تَخْطِفُ اللّمْحا

ومن خُدور النوايا إن له خَطَرتْ
خَنْساءُ خَفَّ إلى اسْتِحْيائها سَفحا

فإن وَشَى بِلَهِيبِ الشَّوقِ لاعجُهُ
يُدِنِكَ مَنْ كُنْتَ ترجو عِنْده الصَّفْحا

إنَّ اللسانَ الذي أَجَّتْ مناهِلُهُ
لا يستبين له نصحٌ وإن صحّا

كأنه كُثُبٌ أَودعْتها غَدَقا
فإن هَفَوتَ لهيفاً صادياً شحّا

لا يلتقي الليلُ والإشراقُ في زَمَنٍ
مَنْ رَامَ ذاكَ فلا أَمْسى ولا أَضْحى

ديوانُنا الشِّعْرُ كم ضاجَتْ مَضَارِبُهُ
وضُمِّخَتْ فَزَكَتْ مِنْ ضَوْعها نَضْحا

أَيْكٌ وأيُّ فُنونٍ في نَضَارَتِهِ
ففي يَبابِ البوادي قَدْ غَدا دَوحْا

نَفْحٌ من الرَّنْد تُصْبي القلبَ غَدْوتُهُ
شَذا البديعُ على أَعْطافِهِ فَوحا

تعدو الفنونُ وفي إبْطائِهِ خُبَبٌ
جَهيدَةَ اللهثِ، أنّى تُدركُ المَنْحا؟

قِوامُهُ الضادُ والأضدادُ تَغْبطُهُ
هَيهاتَ تَرْقاهُ، جَزْلاً مُعجِبَاً فَصْحا

يَخْتالُ فيها كطاووسٍ فترمقهُ
حَسِيرةَ الطرف وارى كيدُها القَرْحا

ثَرُّ البلاغةِ يُثري حَيْثُ تَنْثُرُهُ
تلكَ السَّنابلُ يُربْي ذَرُّها القَمْحا

تَشتدُّ في إثرِهِ الأقلامُ راعِفةً
وهجاَ فيوري بألبابِ الورَىْ قَدْحا

كأنهُ البحرُ يَخشْى المرءُ غَضْبَتَهُ
وإنْ أنابَ يَجُبْ أنواءَهُ سَبْحا

كأنه الريْحُ إنْ هاجَتْ مُحَمْحِمةً
مَنْ ذا يُطيقُ إذا ما اسْتُنفِرتْ كَبُحا ؟

هذا هو الشِّعرُ لا فُضَّتْ مجالسُهُ
ولا اسْتحالتْ أهازيجُ المُنى نَوْحا

هذا هو الشِّعرُ صهواتٌ مُطَهَّمةٌ
مَرُحَى لخيَّالها إنْ أَقْبلتْ مَرْحى

لا يَضْمَحِلُّ و قد فاضَتْ منابِعُهُ
نضّاخَةَ الحُسْنِ لا تنضو ولا تَضْحى

اللهُ أكبرُ حتى حِينَ أَعْجَزَها
ربُّ البيانِ فكان الوحيُ بالفُصْحى








الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)