وَجْــدْ - غيث القرشي | القصيدة.كوم

شاعرٌ أردنيٌّ (1980-) يقيم في قطر.


1767 | 0 | 0 | 1




صيفٌ خَريفيُّ الملامِحِ.
حَالةُ الوَجدِ التي تنتابُني..
ينتابُهَا هذا الهُدوءُ الحَالِمُ المُفضِي إلى دَربِ الحَقيقة..
لا بَرَّ يَحمِلنِي إلى مَا قد أُريد..
ولا بحَارَ تشدنِي أعمَاقها
كـَيْ أستشِفَّ مَلامِحاً قد يَرتدِيها مَن أفتش عنهُ مُذْ أمدِ بَعيد
....

عَـبَـثاً..
ألَملِمُ ما استـَطعتُ منَ الشتاتِ ومَا تبقـَّى مِن حُطام ِالوَقت
بَينَ غِـيَابِ مَن غـابوا..
وبين حضورِ من حضرَت ملامِحُهُم شُخوُصاً فارغينَ منَ الحياة
هُناكَ يَقبَعُ ذلكَ اللغزُ المُحيرُ:
هل توحدنا بما يكفي لِنُصبحَ عاشِقينِ ونَدخُلَ الفِردَوسَ مَرضيين؟
أم أن الوُشاةَ تدَخلوا مِثلَ الرُواةِ
وحُرفت توَراتنا حتى يكذبنا ويكرَهنا الحضور؟
هل يا ترى كانت حياة بيننا؟
هل كـُـنتَ ذاكَ الضَوءَ يلقَى في الأزقَّةِ في ظلامٍ حالكٍ لينيرَ دَربَ حمامةٍ لم تعرِفِ الأرضَ الجديدة؟
هل تراها لم تكن حقاً مُؤهلةً لِحَملِ رسالةٍ حُملتـَهَا؟
أم هَـل هيَ الأقدارُ تُلبِسُنا قِناعَ الطفلِ لو كـُـنا ذِئاباً كـَي نـُبَرهِنَ أننا الأقوى؟
- بذلكَ صارَ ثمة ما نقومُ بهِ خِلالَ نَهارنا-
ذلكَ الغَبشُ الخفيفُ على زُجَاجِ القلبِ يُعمينا قليلاً
لكِنَّ الضبابَ مكثفٌ..
وسينتهي وتعودُ رُؤيتنا كما كانت وُضُوحاً خالصاً
عِندَ اختلافِ الأمكنة.
*********************
شَبقُ الحقيقة خَربَشَت أظفارُهُ جَسَدَ الذينَ ينقبونَ عنِ الحقيقة
ثمَّ لا يجدونَ فيها غيرَ بِضعِ تـَساؤلاتٍ صَامتات
هذا الخَريفُ مُحَملٌ
بجنونِ أفئدةِ المرايا
هذا المدادُ مُعَـتـَّـقٌ
جوفَ استراحاتِ الزوايا
والعمرُ رُبانٌ يَضيعُ
ببحرِ أوراقِ الحكايا
******************
تبقى المهماتُ العصيبةُ للموانئ
تحضُنُ السُفنَ التي غابت طويلاً عن حدودِ اليابسة
لكنَّ صورتكِ الجميلةَ لم توافق أن تعيشَ أسيرةً وهميّةً
تذكي لهيبَ إطارها في الذاكرة
فتمثلت شبحاً أمامي لا يراهُ الغير
لكني أرى فيه الربيعَ وأسمعُ الحسونَ ينشد
تعتريني رعشةُ العشاقِ في فصلِ الشتاء وأُمعِنُ النظراتِ في المرآة
لا تذهبي..
إني نزيفُ الحبرِ من قلبِ القلم
ودمي أبعثِرهُ على لونِ الغيومِ من القدم
لا تذهبي..
لم يبقَ في العمرِ القصيرِ مسافةٌ لتقمصِ الأدوارِ في طورِ المراهقةِ الشفيفة
لم يبقَ ما يكفي لأبحثَ من جديدٍ..
أو أواجهَ ما أواجهُ من ضياعٍ
أو ألم.
************************
ظلُّ..
ممراتٌ طويلة
قاعةٌ كبرى..
شخوصُ المسرحِ الحاوي تفاصيلَ الحكاية
مذ رأيتكِ..
تنقلين الموجَ في خطواتِكِ الأولى..
وقدكِ قد تراءَى تحتَ ضَوءِ الشمسِ يشتفُّ العيونَ اللاهفات
أردتكِ..
مذ كنتِ سنبلةً بحقلٍ ليسَ فيه سواكِ..
كان ذاكَ الغيمَ لم يبصر بتلك الأرضِ غيرَكِ
فامتطى صَهوَ الرياحِ وسلطَ الأمطارَ كي تظمى البلاد
وكي يجافيكِ الجفاف
هديلكِ..
سَربُ الحمامِ المتعبِ الغافي على كفِّ القدر..
سربٌ يُحلقُ كل يومٍ كي يحاول
يرسُمُ الفرحَ البسيطَ على الشفاهِ ليرسُمَ الفرحَ البسيط َعلى وجوهِ الآخرين
لم يكن غيري يلاحِظكِ
ويسبُرُ غورَ عينيكِ اللتين تحدقانِ كما الطفولة
تخفيان مشاعرَ الدحنونِ تحت حوافرِ الخيل الثقيلة
لم يكن غيري هنا
مع أنَّ آلافاً تؤمُ مكاننا
لتشاهِدَ البلورَ كلَّ صباح
ولتمعِنَ النظرَ العميقَ على غبارِ الأمكنة
لم يكن غيري هنا
ولن يكونَ هناكَ بعدي..
عندما يأتي القطارُ..
وبعد حزم ِالأمتعة.
***************************
هيَّـا..
تعالِي..
لم أجِئكِ مُحَمَّلاً ذنبَ القصيدةِ كي أصيرَ نبيكِ المَوعود..
آهِ لو تدرِ الجميلةُ..
أن سِرَّ جمالِها وَهمٌ لـَطيفٌ قد أحَاطَ بمقلتي..
آهِ لو تدري..
بأنَّ الحُبَّ قد يأتِي لقلبٍ مَرَّتين
وأن عقاربَ الوقتِ البطيئةَ لن تـَعُودَ مُجَدَّداً..
حتى نراجِعَ نفسنا
ونكونَ ميناءً لما جادت به أرضُ الخلود
هذي المَعَالِمُ شـُوِّهَت..
من بعدِ أن كانت بلاداً للهَوَى
عُـذراً..
على هذي الحَقيقةِ..
هذِي المَعَالِمُ..
لن تعُود.






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: