أَغَانٍ إلى النَّخْلَةِ - إبراهيم الأسلمي | القصيدة.كوم

شاعرٌ يمنيٌّ. متمرّسٌ وقادر.


1475 | 0 | 0 | 0




ما آخِرُ الأسفارِ.. ؟
ماذا عن أغانيكَ العجافِ ، أأزْهَرَتْ ناياً ؟
وخطوُكَ..
هل كَسَاهُ الشوكُ أطواقَ الحَمَامْ ؟
ما آخِرُ الخيباتِ ؟
ماذا عَنْ وعودِ البيدِ ؟
تسألُني :
السنابلُ والمروجُ..
ونخلةٌ ظَمْأَى يُسَقّيها النُّحولْ
- لا شيءَ..
إلا... أنّني
أتقنتُ أغنيةَ المسيحِ على كَمَانِ المجدليّةِ
واحترقتُ على جَنَاحِ حَمَامةٍ ضَلَّتْ أغاريدَ السَّلامْ

لكنْ سَأَحْكِي..
عَنْ تفاصيلِ السَّرابِ
عَنِ الشتاءِ مبلّلاً ريشي
وعنْ تلكَ العصافيرِ التي حَلُمَتْ
بطَعْمِ القمحِ ، أو طَعْمِ الفِخاخْ
عنْ شَمْعةٍ خُدِعَتْ فباعَتْ عُمْرَها
وعنِ الذّبيحِ
أنا الذبيحُ..
أنا..
الدَّمُ المسفوحُ في سَيْفِ القَدَرْ
...
وجَلَسْتُ.. في المَقْهى ، ألملمُني
ألملمُ قلبيَ المكسورَ
إِثْرَ غزالةٍ .. أجفانُها قَدَرٌ
وثَمَّةَ باعةٌ يتخبّطونَ...

وعابرونَ على شظايا الموتِ..
والمتسوّلون..
يعذّبون أَكُفَّهمْ بخُطَى الحُفاةِ الجائعينْ
...
- أهلاً
أتيتَ مبكّراً يا حُزْنُ !
- عذراً
يا شقيُّ ، سبقْتَ موعِدَنا..
أخذْنا.. في ترشّفِ شايِنا وشقائِنا..
كانَ الحديثُ..
- كعادةِ الصحراءِ - يرْشَحُ بالجفافِ وبالجنونْ
...
وعبرتُ جِسْراً.. كانَ يُفصلُني عنِ المقهى
وعقْلي هاربٌ كالعُمْرِ
- أعني عُمْريَ المُلْقَى على كَتِفِ الغُرابْ -

وخُطاي شاسعةٌ و شاحبةٌ
أقلّبُ طرفيَ المشئومَ
- أينَ اللوحةُ الصّفْرَاءُ ؟
لا أدري .. لعلّي تُهْتُ !
أو نَسَتِ الطريقَ ملامحي
أو ربّما..
أنَّ المدينةَ لا تحبُّ خُطَى الغريبِ
أنا الغريبُ..
أخافُ من أشباحِ هذي الأرضِ
أنفاسُ المدينةِ مُرَّةٌ
وحديثُها نَتِنٌ...
هربتُ إلى صدايَ
أنا الوحيدُ
ووحدتي..
شَجَرٌ يمدُّ غصونَ أغنيتي

فراشاتٌ
تغارُ عليَّ من تقبيلِ ملحِ النَّهْرِ..
شمسٌ
تلعنُ الظلماتِ فيّ
فكيفَ يأتي الليلُ ؟
ضوئي نازفٌ
يا ليلُ
لا تهطلْ عليَّ
لديّ ما يكفي منَ العتماتِ
أشعلْ ما لديكَ من النجومْ
...
هَطَلَ الصباحُ
على شبابيكي
يصبُّ القهوةَ السمراءَ في شَفَتي
ولونُ الشمسِ ذكّرنَي بنسيانِ الشتاءْ

وأنا ، وسُمْرةُ قهوتي ، و الغُصْنُ
نَهْتِفُ
و العنادلُ ، والأثيرُ :
تقدّسَتْ شفتاكِ يا // فيروزُ //
نزْفُكِ لازورديٌّ
نفرُّ إليكِ...
نلثمُ زُرْقةَ الأحلامِ
نسكرُ منْ شِفاهِ الورْدِ
نرقصُ فوقَ أجنحةِ المطرْ
...
ومضيتُ..صوبَ الحائطِ اليوميِّ
لا دربٌ يُقلُّ خُطايَ
- عنْ كَرَمٍ - لأنّي كنتُ أعبرُ حافياً..
وهناكَ مَنْ سَرَقَ الندى
وهناكَ مَنْ يضعُ الحَصَى
...
حتّى وصلْتُ ، دخلْتُ منْ بابٍ..
إذا سلّمتُ لا يُلقي السلامَ عليَّ
ثم وقفتُ في عَجَلٍ
أرتّبُ زحمةَ الأنفاسِ..
- قلتُ لهُ :
أأعبرُ ؟
- قالَ حادينا :
لماذا جِئْتَ خَلْفَ الشَّمْسِ ؟
يا شَبَحَ الرمالِ السّمْرِ..
- قلتُ :
الشوكُ أخّرَني
لأنّي لمْ أجدْ درباً سواهُ يُقلُّني
أشفقْ عليَّ ، وكُـفَّ سوطَـكَ
سوف يجلدُني حداؤكَ مِلْءَ صَبْري..
مُنذراً إيّاي تيهاً إنْ عصيتُ..

..أنا عصيتُ حداءكَ المبحوحَ
لي حادٍ سواكَ .. هي الرياحُ
وهبتُ أشرعتي لها
سأسيرُ كيفَ تشاءُ
إني زورقٌ للريحِ
كلُّ جهاتِها بحري ، وقلبي موجُها
...
ومَعَي فتاةٌ - حبُّها قَدَري -
تسيرُ معي على هُدْبِ الضياعِ
تجسُّ قلبي كي يواصلَ نبضَهُ
- سمراءُ ، إني مثخنٌ بالحبِّ
يا غَرَقي .. أحبّكِ
أيُّ دربٍ قادني للموتِ !
كانَ الصمتُ يشبهُها
وكنّا نورسينِ نعمّدُ الأحلامَ في الشطآنِ
...
- تهمسُ لي :
- وقدْ طوّقتُها خوفاً -
لعلَّ البحرَ حالفَنا لنبقى عاشقَينِ
- همستُ : إنّي مُثقلٌ بالبحرِ..
مدّي شاطئيْ كفّيكِ
- قالتْ : مدَّ قلبَكَ كي نموتَ معاً
رياحُ الحظِّ عاتيةٌ ، وزورقُنا جريحْ
...
لا شيءَ آخَرَ..
سُمْرَتي تحكي بقايا ما نسيتُ
تشابهتْ غُصَصُ المسافرِ
أيّها المرْجُ البعيدُ .. ألا اقتربتَ ؟
وأنتِ أيّتُها السنابلُ
أيها النخلُ النحيلُ.. ألا فرشتَ لنا الظّلالَ
لنستريحَ معاً إذا تَعِبَ السفرْ






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: