أوراق من كتاب الريح - عبدالله عبيد | القصيدة.كوم

شاعرٌ يمنيّ (1990-) قصيدتُه كالقمر الأسمر. جاذبيّةُ قصيدته جرّارةٌ نحو القراءة.


1840 | 0 | 0 | 0



(الورقة الأولى )
واقفٌ..
لاخْترقْت الحجاب
ولم تثقب الضوء ،
ليلاً تمرّ عليك – وأنت تٌلقِّنُ
نفسك حيرتها – عربات الجليد-
محمّلةً بالعديد من النُّسْوةِ الرافعات الكفوفْ

جامدٌ..
مثل مسمار نعشٍ
تُحدّقُ في شرفات السماءِ
فتصْطَكُّ فيك البروق و تعوي
النجوم وتصرخُ أخرى الكواكب
تركضُ/ تصعدُ/تهبطُ/تهوي
وأنتَ.. كما أنت!

تَثْلُجُ في جنباتكَ نار الخرافة
حين تسيل نهورُ الحياةِ
على الميّتين ، فيصحو الذي
نام دهراً ، وتنضج أسطورة فيكَ
قمْ..
لا مكان لك الآن..
قمْ..
حكّ غيمة صبرك با لازورْدِ
وقبّلْ إناث السحابْ

وجعٌ أسود اللون
يسري، يدقُّ
مفاصل هذا الهباءِ
بإزْميلهِ كي يئنّ الوجودُ،
فدعْ طائر الشمس
يبحث عن ظلّهِ ،

بين رمْحين ضدّين
تمْرقُ فوق الرّماح
تهرول صوب الفراغ
كأنّك طفل الغبار العظيمِ
ووجهك هذا التُّرابْ



لم تقل أيّ شيءٍ..
قيامةُ هذا المكان ترنُّ ،
يجدّدُ إيقاعهُ الفارسيُّ
و(روما) تعدُّ الكمانَ
لحفلة هذا المساء
فقمْ..
لا مكان لك الآن ..
خُذْ جُثَّتَكْ
لم تقلْ أيّ شيءٍ..
نطقْتَ كأنّك لم تنْطقِ الآن
جئْتَ كأنّك لم تذْهَب البارحةْ
تهْتَ في صبْوةٍ جانِحةْ
ماثلٌ
في تقاويم عصْركَ يرْكُلكَ
المارقونَ و يصفعُكَ التائهونَ
ويمْسَحُ وجهْكَ هذا
الغيابْ
*******
أيّها الواقف الآن فوق الذرى
أيّها النائمُ الآن تحت الثرى
هل ترى ما أرى ؟
**********
ذات يومٍ كثير الفجيعة
كنْتَ تجرِّبُ أجْراسَ هذا النّهار
وتلْعَنُ لوْنكَ في صفْحة الماءِ
حتّى إذا ما تباركَ لوْنُكَ
رُحْتَ تُقلِّبُ نَفْسَ الكِتَابْ
**********
- لسْتُ ذاك الذي تبتغي
لستُ ذاك الذي ترتجي
- هكذا تجرحُ الصّمْتَ
ثُمَّ تُدَنْدِنُ خَلْفَ الكلامْ:
((كفرْتُ بالقبيلةْ
وقاتلِ القتيلةْ
كفرْتُ بالقضيّةْ
وروحي النّبيّةْ))
إنّك الآن تغْرقُ في
موجةٍ منْ رمال الشّمالِ
فقمْ..
لا مكان لك الآنَ
دعْ عنْكَ قافية البؤساءِ
وفرّقْ جموع السّرابْ
**********

(الورقة الثانية)
ربّما..
لم يكنْ
غير رأسك يركضُ في اللامدار ِ
على لوحةٍ منْ رخامِ التوجّسِ

يخْرُجُ منْكَ المؤنَّثُ / يدْخُلُ فيكَ المؤنّثُ
أبيضَ أبيضَ /
أسودَ أسودْ

خطأٌ في الطقوس...
سيُفْتَحُ بابُ الظلامِ وقلْبُكَ مقْفَلْ
أبيضَ أبيضَ/
أسودَ أسودْ
هلْ فراغٌ سيكفي لتملأ هذا الفراغْ؟
لتكنْ
لحظةُ الشّكّ خاليةً منْ طقوس التذكُّرِ
خاليةً منْ يقينِ السؤالِ
سَيَهْمِسُ عقْلُكَ :
ضاعَ الجوابْ

ربّما
كان بدْء الخليقة/ بدْء الفجيعةِ
في البدْءِ أنتَ

و أنْتَ..
المعلّقُ في آخر الليلِ
هلْ كنْتَ تعْلمُ أنّ
غموض السُّكوتِ هوَ السّيد الآنَ ؟
تعْرَقُ جدْرانُ روْحكِ.. تجْهشُ أدْمِغَةُ
الواقفينَ على السّيفِ ،تَمْتَدُّ ذاكرةٌ
خلْفَ سورِ البدايةِ

كيفَ تُجَرِّبُ قوْسَكَ قبْلَ انْفِراطِ الغيومِ
وتطْحَنُ وجْهَكَ قبل انْكِسار السَّماء ِ؟

تُشّكِّلُ تمثالكَ الحجريَّ /
تحطِّمُ تمثالكَ الحجريَّ


وتنْصُبُ نفْسَكَ ربًّا
لهذا الخرابْ
***********

غيرَ أنَّكَ لم تكُ
عاصفةً في الشتاءِ
... يقول الذي لم تكُنْهُ :
ستخْرُجُ نوْرسةٌ من مسام الجنونِ
و يكبرُ ظلُّكَ فوق الصخورِ
لماذا تلكَّأْتَ حينَ سألْتُكَ ؟

كان الحلولُ انْحلالاً
وكانَ وقوفيَ سيراً إليْكَ
يقولُ الذي لمْ تكُنْهُ :
وكلُّ الدروبِ تؤدِّي إليكْ
أيُّ غصْنٍ سينْبُتُ ؟
...قال الذي لم تزلْهُ:
سأقطعُ صفصافك الآن..
فأسي كبيرٌ.. وحزني عميقٌ
وثأري قديمٌ كعمْري..!!
لماذا تفكِّرُ أنْ تسْرِقَ النارَ؟
- أنتَ.. عرفتكَ..!
أنت الذي ملَّ وجه المساءِ
فلمّا تجلَّى لهذا المساءِ
احْتَرَقْ

عندما كان
سرُّكَ حِكْراً عليكَ
رأتْكَ الجمُوعُ على الماءِ تمشي
تلوِّحُ بالرِّيشِ


والكلُّ يصْرخُ خلْفَكَ:
أنت الخلاصُ
وأنتَ النجاة
فلا ترحلَ الآنَ '
.... قال الذي لمْ تزلْهُ:
رآك الذي أنْهَكَتْهُ القُيًودُ
ونادى عليكَ.. فلمّا ألنْتَ
لهُ القيْدَ
كان انْعتقْ..!

**********


إرْتَد الرّمْل ..
ثمَّةَ أضْرِحُةٌ تسبح الآن في الريح
رتِّقْ جلود الظلام
ومزِّقْ عروق النهارِ
و وزِّعْ عظامكَ للناس/
فتِّتْ بقاياك للناسِ
كنْ مثْلما
لم تكنْ


(الورقة الـ ما قبل الأخيرة)

خارجاً منْ جذوعك تدخل في
شرنقات الحقولِ.تقلّب كفّكَ
معتمراً خوذة الماءِ
إني أراك تقلّبُ كفّكَ
إني أراكْ..!!

********


- هكذا تدخلُ الرقصةُ
الآن في الرقصةِ
أثرٌ للضياعِ.. وجنُّ
يضجُّون في حضرتي

يثقبون الزجاج
ويقْتتلون
على.. هيئتي

إنني الآن
أسْكُتُ.. أسْكُتُ
في صيْحتي
**********


الغيوم أمامي.. وخصمي
الطريق إلى أوّلي

كلّما قلْتُ : إنِّي...
تجلّى ليَ الجاهلي

لا أريد مجازاً
خفيفا..
سأسقطُ في داخلي
*******

- وماذا..
إذا ارْتطمتْ في الجدار القديم
أمانيكَ ؟
ماذا..
إذا انْكسرت في الرصيفِ
أغانيكَ ؟
يا صاحبي..
دمعةٌ للجياع ستكفي
لتلمس في شفتيك ارْتباكْ الغناءْ
ووحيٌ من الله.. يكفي
لتحمل في راحتيك الفضاءْ







الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)