الذي تأكلُ الشمسُ من رأسهِ - أحمد هلال | القصيدة.كوم

شاعر مصري (1990-)


1415 | 0 | 0 | 0



( المعتمدُ بنُ عبادٍ )

الحذاءُ بعيدٌ
وأقدامُ مهجورةٌ
علَّقَ الصوتَ من شحمتي أذنيهِ
على حائط البيتِ
ثم انصرف
في الطريقِ
يسيرُ ويقعدُ
يسقطُ منه ذراعٌ
وينسى حقائبَهُ
مثلما نسي الغيمُ قهوته في الصباحِ
فعاقب أبناءه بالهجيرِ
ومال على ظلِّهِ
فجأةً
هرب الظلُّ منه
حواليه
أبناؤُه
نجمتان وألقاهما الكونُ
في ساعة العصفِ
أصابعهُ كالجرادِ ففي كل شبرٍ نرى الآن
سبابةً ثم وسطى على شكل دلتا
وبينهما ليس نهرٌ
يُنَفض عنه غبارَ المسافةِ
يخلعُ أعضاءه
لم يجد أيَّ مغسلةٍ
يستقر قليلا
فينشرُ أعضاءَه فوق سفح مخيمهِ
يتذكرُ:
ليس لنا الآن أن نتهيأَ
للعرسِ
سوف نعد الفطورَ
وننتظر الشمس حتى تغيبَ
لكي لا تُحرِّقَنا
حين ننقل هذي السماءَ
يلملمُ أعضاءَه
ثم يلبسها مثلما يلبس الليلُ
لون النهارِ


ويمشي
يقولُ:
ابتعدتُ كثيرًا عن البيتِ
نعلاه مربوطتانِ
كخيلٍ
وحارسُها صوتُه المتعلق من شحمتيّ أذنيه
ويشرب كوبًا من الماءِ
يكملُ
كان أبي ملكًا
في الصباح تَعاركُ كلُّ النسورِ
على كتفيهِ
النسور التي قد جعلت لها الرأس مائدةً
ودمي المستباح لها عنبًا
طارت الآن من كتفيّ
وكان أبي ملكًا
عرشه زمنان وماء
صولجاناته النهرُ
خطوته مدنٌ
كان ينفخ في الأرض ينبت ناسًا
ومملكةً
وأنا الآن مملكتي
شارعٌ وجناحانِ
ريشهما يتناثر فوق رؤوس الممالكِ
كم يتعرى الرصيفانِ
مثل الخيولِ التي فقدت صوتها
ثم يسقط ظلُّ البنايات
من فوق سطح البناياتِ
قلت أغيرُ نعلي
لعل الطريق تغيرُ
تأخذ أوجاعها معها
والمرايا التي تتناثر فيها الوجوهُ
على الأرضِ
قلتُ ألملمها
ثم أحملها في يديّ
ولكن أحرفها
وملامح تلك الوجوه التي سكنتها
جعلا من يديّ
شوارعَ

ينظرُ نحو السماءِ
لعل هنالك معجزةً
سوف تسقطُ
يربط حول خواصره غيمتين
وفوقهما قمرٌ في يديه المحاريثُ
والفأسُ
لكنه الرملُ يطلع في الغيمِ
كان أبي ملكا
كنت أسكن في حضن جاريةٍ
أسحق الطيب تحت أصابعها
وأصبُّ الورودَ على وجنتيها
فينبت نهرٌ وأندلسٌ
والمسافةُ ممطرةٌ بيننا
والوسائد من تحتنا كالمراكب
والشرفاتُ فضاء
آه يا زمنا يتكسر مثل المرايا
يسيرُ
ويسقطُ
يحلمُ
ثم يفيقُ
وكان أبي ملكا
في الصباح يوزعُ قبلاته
ثم تلسعها الشمسُ
تخرج قمحًا
وساق صبايا
ويجلسُ في الليلِ
يرمي لهم من تحياته أنجمًا
وفضاءً
مخيلةً للكتابةِ
يبسط كفيه
كي يصعد الناسُ فوقهما
للذراعينِ
كي يكتبوا:
وكان أبوه الرصاصةُ
أجداده الحربُ
والانتصارُ
وأبناؤه قطع الشطرنج

أنا ملكٌ لم يكن لي من اسمي
سوى أنَّة النايِ
في ذروة الجملة العاطفيةِ
مِلك يميني النجومُ
أوزعها في سطور القصيدة
أوفي الأَسِرة للشعراءِ
وصاحبتي قد زرعت لها فوق صدري
نخيلًا
ولكنه الآن يسعلُ
من أثر الحربِ
ثم يلملمُ أشلاءه
العربات تسيرُ
تشيخُ ملامحهُ
والحذاءُ البعيدُ
بعيدٌ
وأقدامُ مهجورةٌ
فبعكازتي ورقٍ وهواءٍ
يسيرُ
وتهربُ عكازتاهُ
فيسقطُ
في لوحةٍ
في مزادٍ
لتكتمل الصورةُ
الآنَ
ما بين فكيّ أرانبَ
تنهشها
وهو يضحكُ
حتى تسيرَ الحياةُ ببطء






الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: