حُمْرَةٌ عَلَى شَفَةِ الْبَحْرِ الأَبْيَضِ الْمُتَوَسِّلِ - أحمد حسن محمد | القصيدة.كوم

شاعرٌ مصريٌّ (1982-) حاصلٌ على العديد من الجوائز العربية.


1517 | 0 | 0 | 1




(نِيَابَةً عَنْ مُهَاجِرٍ –غَيْرِ/شَرْعِيٍّ- بَقِيَ صَدِيقِي بَعْدَ الْغَرَقِ فِي دَمِهِ..)


أُمِّي الْحَبِيبَةَ..
رُبَّمَا يَرْسُو عَلَى شَطَّيْنِ فِي كَفَّيْكِ بَعْضٌ مِنْ دَمِي يَوْمًا..
وَلَنْ تَتَنَبَّهِي –طَبْعًا- لِحُمْرَتِهِ الَّتِي ضَاعَتْ بِذَاكِرَةِ الْمِيَاهِ..
مَعَ انْشِغَالِ الْمَوْجِ بِالتَّفْكِيرِ في جَلْدِ الرِّيَاحِ لَهُ..
وَجِلْدُ الْمَوْجِ يَنْزِفُهُ الدَّمُ الأَبْيضْ
أَوْ..
رُبَّمَا هَرَبَتْ إِلَى شُطْآنِكِ الأَسْمَاكُ مِنْ غَضَبِ الرَّصَاصِ هُنَا..
وَفِيهَا مَا تَبَقَّى مِنْ لُحُومِ بَنِيكِ -يَا بَلَدِي- الَّذِينَ تَرَسَّبُوا فِي الْقَاعِ..
تَحْتَ الأَرْضْ
أَوْ.. رُبَّمَا يَصْطَادُهَا وَلَدَانِ مِنْ أَهْلِي الَّذِينَ بَكَوْا عَلَيَّ..
وَلَنْ تَرَيْ فِي طَعْمِهَا غَرَقِي..
وَلَنْ تَتَنَبَّهِي لِمُلُوحَةِ الصَّرَخَاتِ
فِي حَلْقِي الَّذِي أَكَلَتْهُ أَسْمَاكُ الرَّصَاصِ
أَمَامَ شَطٍّ شَامِتٍ فِي الْغَارِقِينَ..
وَهَاجَرَتْ بِي نَحْوَ حَلْقِكِ..
فَامْضُغِي لَحْمِي..
اسْتَعِيدِي مِنْهُ مَا رَضَعَتْ سِنِينِي مِنْ تُرَابِكِ..
كَيْفَ حَالُ الأُمِّ يَا بَلَدِي وَحَالِي بَيْنَ ضَرْسَيْكِ الْحَنُونَيْنِ..
الَّذَيْنِ اسْتَمْتَعَا بِالأَكْلِ مِنْ لَحْمِي الطَّرِيِّ الغَضْ؟!؟!
وَلَرُبَّمَا لَمَسَتْ أَصَابِعُ شَاعِرٍ خَدَّ الْمِيَاهِ..
فَأَرْبَكَتْهَا رَعْشَةٌ مِنْ طعْمِ دَمْعَي..
مَدَّ ثَانِيَةً أَصَابِعَهُ..
وَأْرْهَفَ طُولَهَا لِلسَّمْعِ فَاعْتَرَفَتْ لَهَا الأَمْوَاجُ:
عَنْ طَعْمِ اسْمِكِ الْمَحْرُوسِ مِنْ شَكْوَى فَمِي..
وَالشَّوْقُ يَسْبِقُهُ إِلَى فُقَّاعَةٍ أُخْرَى..
تُطَارِدُهَا عَسَاكِرُ مَوْجَةٍ دَخَلَتْ عَلَى حَلْقِي..
وَأَمْسَكَتِ الْكَلامَ..
وَأَعْدَمَتْ بَعْضَ الْعَوَاجِيزِ الَّذِينَ
بَقَوْا مِنَ الزَّفَرَاتِ فِي رِئَتَيَّ..
فَاشْتَعَلَت وَرَاءَ الْجَفْنِ أَنْهَارُ الْعِتَابْ
فُقَّاعةٌ بَقِيَتْ عَلَى شَفَةِ الْمِيَاهِ..
تُسِرُّ لِلرِّيحِ الْنَّسِيَّةِ كَيْ تُبَلِّغَكِ السَّلامَ الْمُرَّ..
مِنْ جُثَثِ الصِّحَابْ
يَوْمًا سَتَسْمَعُ زَفْرَتِي -الْمُلْقَاةَ فِي أُذُنِ الرِّيَاحِ- قَصِيدَةٌ..
وَتُدَوِّنُ الصَّرَخَاتِ أَقْلامٌ تَرَى فِي الليلِ
مَا لَمْ يُفْشِهِ قَلْبُ الضَّبَابْ

أُمِّي..
أَنَا التُّفَّاحَةُ الأَلْفُ الَّتِي سَقَطَتْ عَلَى
أَرْضٍ مِنَ الْخَشَبِ الْمُكَسَّرِ فَوْقَ رَأْسِ الْبَحْرِ..
تَحْتِي جَاذِبِيَّةُ حَاجَتِي لِلْعَيْشِ..
غُصْنُكِ يَشْتَكِي شَيْخُوخَةً..
فَيَمِيلُ..
تَسْقُطُ حَبَّتِي فِي الْقَاعِ..
حَيْثُ عَمَى الْحِذَاءِ الْعَسْكِرَيِّ بِنَعْلِهِ الْمَقْصُوصِ مِنْ جِلْدِ الرِّقَابْ
في القاعِ دَوْمًا تَفْرِدُ الشَّرِكَاتُ أَلْسِنَةً مُصَمَّغَةً بِثَرْثَرَةِ النَّقِيقِ..
تَلُفُّ فِيهَا وِلْدَةَ الفقراءِ عُمَّالاً بَلا ثَمَنٍ..
وَلا شَفَةٍ..
وَلا أُذُنٍ..
وَلا عَيْنَيْنِ..
تَعْصِرُهُمْ بِفَكَّيْ أُجْرَةٍ مَشْلُولَةٍ..
لا تَشْتَرِي حَلْوَى السَّرَابْ
وَضَفَادِعُ الأَمْوَالِ تَسْبُكُ فِي صَفِيح نَقِيقِهَا
شَرْطَ الْحُصُولِ عَلَى الْوَظِيفَةِ..
قِائِلاً: *... عِشْرِينَ عَامًا فِي الدِّرَاسَةِ..*
عِنْدَنَا عِشْرُونَ عَامًا فِي الدِّرَاسَةِ كَافِيَاتٌ
كَيْ تُؤَهِّلَنَا لشُغْلٍ فِي الْحِرَاسَةِ (كَالْكِلابْ..)
سَتَمِيلُ فِي التِّلْفَازِ فَاتِنَةُ الْبَرَامِجِ..
مَيْلَ غُصْنِ الْبَانِ..
مُثْقَلَةً بِأَصْبَاغٍ حَرَامٍ فِي إِنَاءِ شِفَاهِهَا..
أَوْ فَوْقَ كِيسَيْ خَدِّهَا..
وَتَقُولُ: *مِنْ أَجْلِ الشَّبَابْ*
هِيَ تَرْتَدِي ثَوْبًا بِأُجْرَةِ عَامِلَيْنِ مِنَ الشَّبَابِ طَوَالَ عَامٍ جَائِعٍ..
وَتَقُولُ فِي التِّلْفَازِ: *مِنْ أَجْلِ الشَّبَابْ*
بِالطَّبْعِ سَوْفَ تُرِينَهَا مَا أَرْجَعُوهُ إِلَيْكِ مِنْ جُثَثِ الصِّحَابْ..
وَتُكَلِّفُ *التَّصْوِيرَ* بِالإبْحَارِ فِي وَجْهِ الضَّحِيَّةِ..
فِي مَكَانِ رَصَاصَةٍ جَوْعَى تَغَدَّتْ بِالْعُرُوقِ..
وَرُبَّمَا شَقُّوا بِأَنْفُسِهِمْ إِهَابَ الْفَأْرِ (مِنْ بَابِ الإِثَارَةِ..)
والإثَارَةُ فِي بَرَامِجِهمْ بِتَشْوِيهِ الإِهَابْ
سَتَقُولُ عَنَّا:
*مِينْ خَرَجْ مِنْ دَارُه رَاحَ يِتْقَلِّ مِقْدَارُهْ*[1]
وَتَغْتَصِبُ الْحَقِيقَةَ بِاللسَانِ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ مَخَارِجِ نُطْقِهَا..
وَعَلَيْهِ أَلْحِفَةٌ مِنَ الصَّوْتِ الْحَرِيرِ..
فَيَسْكُبُ الْجُمْهُورُ إِعْجَاباً عَلَى الشَّاشَاتِ بِالسِّتِّ الشَّهِيَّةِ..
وَابْتِسَامَتِهَا الطَرِيَّةِ..
وَانْفَعَالَتِهَا السَّخِيَّةِ..
- وَالْقَضِيَّةُ؟!
- لا قَضِيَّةَ...
مَلِّ قَلْبَكَ مِنْ وَسَامَةِ الاغْتَصَابْ
أَوْ رُبَّمَا -يَا أُمَّهُمْ- تَنْسَى الرِّيَاحُ سُخُونَةَ الزَّفَرَاتِ..
فِي بَرْدِ الْمِيَاهِ...
وَرُبَّمَا الأَسْمَاكُ لا تَأْتِيكِ..
وَالأَمْوَاجُ تَغْسِلُ مَا تَبَقَّى مِنْ دَمِي غَسْلاً..
يُنَظِّفُ ذِكْرَيَاتِ الْبَحْرِ مِنِّي..
(رُبَّمَا...)

وَالشَّاعِرُ الْمَسْرُوقُ مِنْ أَفْرَاحِهِ لَمْ يَلْتَفِتْ بِقَصِيدَةٍ نَحْوِي..
إِذَامَا مَرَّ مُزْدَحِمًا بِأَوْطَانٍ مُجَرَّحَةٍ..
وَخُطْوَتُهُ مُكَبَّلَةٌ بِأَحْلامِ الْخِلافَةِ..
وَالسَّلامُ عَقِيدَةٌ فِي مُقْلَتَيْهِ دَعَا إِلَيْهِ.. فَجُرِّمَا

أَفَكُنْتِ تَنْسِينَ الْفَتَى الْمَهْدِيَّ -مُنْذُ وِلادَتِي- بِكِتَابِ حُبِّكِ..
زَارِعًا فِي الْحَقْلِ أَسْنُدُ وَالِدِي..
مُتَفَتِّحًا فِي جَامِعَاتِكِ..
مُؤْمِنًا بِالضَّوْءِ مِنْ عَيْنَيْكِ..
بِالتَّارِيخِ مِنْ شَفَتَيْكِ..
بِالْقُرْآنِ حِينَ يَضُمُّنَا بِذِرَاعِهِ الْبَيْضَاءِ فِي حِضْنِ الْمَسَاجِدِ..
بِالْعُرُوبَةِ أَنْ سَتَطْلُبُ عُمْرَنَا يَوْمًا فِدَاءً مُسْلِمَا

حَتَّى الْمَصَانِع!
وَاسْأَلِي مَكِنَاتِهَا عَنْ بَصْمَتِي، وَأَنَا أُرَبِّيهَا بِجُهْدِي
كَيْ تَبَرَّكِ أَنْتِ فِي إِنْتَاجِهَا..
وَلْتَسْأَلِي زَوْجَ الْفَتَى عَنْ لَوْنِ أَدْعِيَتِي لأَجْلِكِ:
أَنْ تَطُولِي –إِنْ وَقَفْتِ عَلَى جُهُودِ الْمُخْلِصِينَ- الأَنْجُمَا

أَفَكُنْتِ تَنْسِينَ ابْنَتِي الكُبْرَى الَّتِي يَا كَمْ بَكَتْ فِي سِرِّهَا
لَوْمًا عَلَيَّ.......
(لأنَّ جَيْبِي لَمْ يَسَعَ كَرَّاسَةً أُخْرَى لِكَيْ تَتَعَلَّمَا)

تَنْسِينَ أُمِّي؛ وهْيَ مَا نَسِيَتْكِ؟!
كَانَتْ كُلَّمَا قَصَّرْتُ أَوْصَتْنِي عَلَيْكِ..
وَأَتْبَعَتْ: *لَنْ تَنْدَمَا*!
***
صَدَقَ الْعَذَابُ إِذَا نَسِيتِ..
وَكَاذِبٌ عَشَمِي؛ فَلَنْ أَتَعَشَّمَا
************************
***********
**
*
وَجَدُوا عَلَى شَطِّ الْمَدِينَةِ ذَاتَ سَائِرْ
وَرَقًا تَكَبَّدَ حَمْلَهُ لِلشَّطِّ ظَهْرُ الْمَوْجِ، مَكْتُوبًا بِهِ:
((........
خَافَتْ عَلَيْهِ فَأَلْقَتْـهُ بِـلا خَـوْفِ
فِي زَوْرِقٍ هَارِبٍ مِنْ حِضْنِهَا الْمَنْفِي
سِكِّينُ فَرْعَوْنَ -مِثْلَ الْهَمِّ- بَـارِدَةٌ
تُقَطِّعُ اللحْمَ عَنْ عَظْمِي بِلا نَـزْفِ
لَكِنَّ أَحْضَـانَ أُورُبَّـا  مُفَخَّخَـةٌ
بِالثَّلْجِ، لا تُلْقِنَا فِي يَمِّهَا..  يَكْفِي!!


............................................))
وَمُوَقَّعًا بِاسْمِ: الْمُهَاجِرْ
***
-     رُحْمَاكَ يَا رَبَّ الْقَصِيدَةِ؛ إِنَّهُ قَدْ كَانَ شَاعِرْ!!!!!!!




[1] الجملة مَثَلٌ شعبي باللغة المحليه المصرية الريفيه، والهاء في (داره – مقداره) غير منطوقة مختصرة بـضمة مشبعة في حرف الراء قبلها وحسبُ.







الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)