فِي الثُّلثِ الأَخِيرِ مِنَ الْبُكَاءِ - أحمد حسن محمد | القصيدة.كوم

شاعرٌ مصريٌّ (1982-) حاصلٌ على العديد من الجوائز العربية.


1906 | 0 | 0 | 0



قَلْبِي يُرَبِّي الْحَرْفَ مُنْذُ نُعُومَةِ الشَّكْوَى..
وَيُطْعِمُهُ عَنَاقِيدَ الدُّمُوعِ إِذَا تَدَلَّتْ مِنْ غُصُونِ الذِّكْرَيَاتِ

وَلَهُ عِيَالٌ غَيْرُهُ..
وَرَغِيفُ نَبْضِي لَيْسَ يَكْفِي طِفْلَةً مِنْ أُمْنِيَاتِي

وَالليْلُ يَغْتَنِمُ الْمَوَاجِعَ كَيْ يُنَزِّهَ طُولَهُ فِي وَحْدَتِي..
وَيُرِيحَ أَعْصَابَ الظَّلامِ عَلَى قَطِيفَةِ أُغْنِيَاتِي

وَيَحُوكُ مِنْ عَيْنَيَّ أثوابًا عَلَى قَدِّ النُّجُومِ..
وَحُلَّةً لِوَحِيدِهِ قَبْلَ التَّمَامْ

وَالرِّيفُ شَيْخٌ يَرْتَدِي شَالَ السُّكُوتِ..
عَلَى قَمِيصِ الرِّيحِ..
تَحْتَ عَبَاءَةِ الأَسْحَارِ فِي عِيدِ الظَّلامْ

وَأَرَاهُ يُخْرِجُ سُبْحَةَ الْمِعْرَاجِ مِنْ جَيْب الْحُقُولِ..
وَلِي بُرَاقٌ مِنْ غَرَامْ

فَيُرِي دَمِي مَلَكُوتَ أَعْصَابِي المهرَّبَ تَحْتَ أَجْنِحَةِ الْحَمَامْ
قَلْبِي كَشَيْخِ الرِّيفِ يُمْسِكُ سُبْحَةَ الأَحْلامِ طُولَ الْجُرْحِ..
يَنْسِجُ شَالَهُ مِنْ صُوفِ صَمْتِي..
تَارِكًا فِيهِ ثُقُوبًا لِلْقَلِيلِ مِنَ الْكَلامْ

وَقَمِيصُهُ الْمَقْدُودُ مِنْ رَحِمِ الْقَصِيدَةِ
شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا أَنِّي أَبُو هَذَا الْغُلامْ

الْوَقْتُ يُشْبِعُ قَرْيَةَ النَّجْوَى..
وَأَصْوَاتُ الدُّيوكِ تَعُومُ فِي كُوبَيْنِ مِنْ كَرَمِ الْبَصِيرَهْ

وَكَوَاكِبُ الْكَلِمَاتِ تَبْنِي عَرْشَهَا الضَّوْئيَّ فِي قَلَمِي..
وَأَبْدَأُ هِجْرَةً أُخْرَى عَلَى أَوْرَاقِيَ الْكَسْلَى:
وسكَّرُ دَمْعَتِي يَنْحَلُّ فِي شَفَةِ الْمَشَاهِدِ رِقَّةً
وَسَحَابَةً لَيْسَتْ أَخِيرَهْ

فَرْخُ اللقَاءِ يُطِلُّ مِنْ عُشِّ الْحُرُوفِ...
فَكَيْفَ أَبْقَى دُونَ حَمَّامٍ مِنَ الأَلَمِ الْمُصَفَّى!

زَقْزَقَتْ أَمْطَارُ أُمْنِيَةٍ عَلَى شَجَرِ الْمَسَاءِ..
فَأَوْرَقَتْ أَعْيَادُ حُزْنِي قُوتَهَا نَفْيًا وَنَزْفَا

وَالْقَلْبُ يَشْرَبُ قَهْوَة الذِّكْرَى بِطَعْمِ الشَّمْسِ..
خَفَّفَ مُرَّهَا الضَّوْئِيَّ بَعْضٌ مِنْ حَلِيبِ الفَرْحِ
لَمَّا شُفْتُ فِي الأَوْرَاقِ حَرْفَا
وَرَأَيْتُ فِي الْفِنْجَانِ مِنْ صُلْبِ الْحَنَانِ
–كَمَا يَرَى الشُّعَرَاءُ-
رَجْفَةَ طِفْلَتَيْنْ

وَيِطِيرُ فِي سَمْعِ الدَّفَاتِرِ بُلْبُلُ الأَحْبَارِ مِنْ فَرْعٍ..
إِلى سَطْرٍ بِأَجْنِحَةِ الْيَدَيْنْ

يَخْتَارُ حَبَّ الضَّوْءِ مِنْ مَحْصُولِ آلامِي..
وَيَشْرَبُ بَعْدَهُ مَاءَ الْبَسَاطَةِ، حِينَ يَبْدَأُ فِي الْغِنَاءْ

وَتُجَامِلُ الرِّئَتَانِ أَعْرَاسَ النَّسِيمِ بِطُولِ أَنْفَاسِي
وَوَرْدٍ سَاخِنٍ نادٍ عَلَى عُودِ البُكَاءْ

فَأُهَرِّبُ الأَمَلَ الْمُيَتّمَ فِي جُيُوبِ سَحَابَةٍ شَقْرَاءَ..
نَحْوَ مَلاجِئِ الْعَطْفِ السَّمَاوِيِّ التي
تَرْعَى يَتَامَى الضَّوْءِ مِنْ نَسْلِ النُّجُومْ

وَأُعَمِّرُ الأقْمَارَ بِالنَّجْوَى وَأَرْزَاقِ الْهُمُومْ

وَأَلُفُّ شِيلانَ الْفَوَاكِهِ حَوْلَ أَكْوَاخِ الْعَجَائِزِ..
والأَرَامِلِ..
وَابْنَةِ الْجَارِ الْفَقِيرْ

وَأُعِيدُ مِنْ كَفِّ الشَّوَارِعِ قِطَّةً أَوْصَتْ عَلَيْهَا أُمُّهَا
رُكْنًا ضَرِيرًا فِي الْحَدِيقَةِ..
حِينَ رَاحَتْ تَشْتِرِي بِمُوَائِهَا لُقَمًا مِنَ الْجِيرَانِ..
فِي يَوْمٍ مَطِيرْ

وَأَعُودُ طِفْلاً عَبَّأَ الدُّنْيَا بِحُلَّتِهِ الْجَدِيدَةِ يَوْمَ عِيدْ

وَأَخُوضُ فِي حَرْبِ الْكِتَابِ الْمَدْرَسِيِّ..
فَأَفْتَحُ الْكَلِمَاتِ فِي عِزٍّ عَتِيدْ

كَيْ لا يُخَرْبِشَنِي زَمِيلِي بِابْتِسَامَتِهِ الصَّفِيحِ..
ولا تُلَبِّسَنِي مُعَلِّمَتِي تَقَزُّزَهَا الْعَرِيضْ
*********

يَا لَلْقَصِيدَةِ حِينَ تَأْخُذُنِي بِزَوْرَقِ وَهْمِهَا..
وَتَمُدُّ فِي حِبْرِي مَجَادِيفَ الْوَرَاءْ!!

وَعَلَى رَصِيفِ الليْلِ أَسْئِلَةٌ مُشَرَّدَةٌ..
تُفَتِّشُ عَنْ طَعَامِ جَوَابِهَا.. وَقَلِيلِ مَاءْ

وَمَوَاسِمُ النَّجْوَى تُجَفِّفُ نَفْسَهَا الْخَضْرَاءَ..
فِي حَلْقِ الْحُقُولِ..
وَيَرْتَوِي مِنْ دَمْعَتِي خَدُّ الْفَضَاءْ
وَدَقَائِقُ الْمِعْرَاجِ..
-فِي الثُّلُثِ الأَخِيرِ مِنَ الْمُنَى-
يَسْقُطْنَ مِنْ أَعْلَى دِمَاغِى فَوْقَ صَخْرَةِ الانْتِهَاءْ

والعمرُ يَبْقَى
-فِي بَلاطِ جَلالَةِ الْحَرْفِ الْمُؤَجَّلِ-
كالْمُهَرِّجِ يُضْحِكُ الْمَلِكَ الْهَوَاءْ

قَلَمِي يُسَلِّمُ مِنْ صَلاةِ خَيَالِهِ..
وَالْحِبْرُ يَنْزِعُ عَنْهُ قُمْصَانَ الْغِنَاءْ

وَتَعُودُ أَلْوَانُ الْحَيَاةِ إِلَى تَكَبُّرِهَا الْمَسِيخِِ..
أَعُودُ أَعْمَى..
تُمْسِكُ الْعَيْنَانِ عُكَّازًا مِنَ النُّورِ الْخَفِيفِ..
لِتَعْرِفَ الأَشْيَاءَ مِنْ حَوْلِي..
وَحَوْلِي بَارِدٌ جِدًّا..
فَيَأْخُذُنِي الْبُكَاءْ.








الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)




موسم الكلام
( 1.9k | 0 | 0 )
وَسْوَسَاتُ مُغْتَرِبٍ عَنْ (وَ طَ نٍ ..) قَدِيمٍ!
( 1.8k | 0 | 0 )
متى ستشربين الشاي
( 1.8k | 0 | 0 )
قَلَمِي دَجَّال عَرَبِيٌّ
( 1.8k | 0 | 0 )
نَبْضَةُ حَمْرَاءُ عَلَى نَخْلَةِ دِمَشْقَ
( 1.8k | 0 | 0 )
عِنْدَمَا يَحْزَنُ شَاعِرْ
( 1.7k | 0 | 0 )
قُبلة عائلية
( 1.7k | 0 | 0 )
عندما ينافق التراب
( 1.7k | 0 | 0 )
أغنية مصرية
( 1.7k | 0 | 0 )
نَافِلَةُ الْجَلْدِ قَبْلَ الإِقَامَةِ لِلْكِتَابَةِ!!
( 1.7k | 0 | 0 )
السِّيرَةُ النَّفْسِيَّةُ لِـ نَخْلَهْ
( 1.6k | 0 | 0 )
أغالِبُ.. واغْلِبْنِي
( 1.6k | 0 | 0 )
الْقَبْضُ عَلَى لَيْلَةِ عِيدِ...
( 1.6k | 0 | 0 )
مباراة كرة القدر
( 1.6k | 0 | 0 )
الْبَيْتُ الأَبْيَضُ.. (الأَمْ-رِيفِيِّ)
( 1.6k | 0 | 0 )
دَمْعَةٌ مِصْرِيَّةٌ عَلَى خَدِّ الْجَزَائِر!!
( 1.6k | 0 | 0 )
شبابيك صمتي
( 1.5k | 0 | 0 )
حُمْرَةٌ عَلَى شَفَةِ الْبَحْرِ الأَبْيَضِ الْمُتَوَسِّلِ
( 1.5k | 0 | 1 )
سلمى
( 1.5k | 0 | 0 )
سبع وعشرون نارا
( 1.5k | 0 | 0 )
النَّوْرَسُ صَارَ رَمَادا
( 1.5k | 0 | 0 )
طُفُولاتٌ عَلَى شَفَتَيْ خَرِيف!!
( 1.5k | 0 | 0 )