على مرمى العطش - مرسي عوَّاد | القصيدة.كوم

شاعرٌ مصريٌّ (1980-) ثبَّتَ تجربتَه شعريّاً ونقديّاً كإحدى التجارب المهمة في المشهد الشعربي المصري والعربي.


2306 | 0 | 0 | 0



”السَّلام على الشِّفاه الذَّابلات!“
(من كلام الشِّيعة)
.............................................

بالنَّارِ
لا بالضَّوءِ
في المشكاةِ
أعشو
إلى المعنى
... عن الكَلِماتِ

أطلقتُ في ليلي
فَراشًا حائرًا
ومشى النَّهاريُّونَ خلفَ ثِقاتِ

فاصطدتُ شمسي
واتَّقدَّتُ بحَرِّها
وهُمُ وراءَ الظِّلِّ والعَتَماتِ

لم أشتعِلْ
إلا لتُشرِقَ جبهتي
(نارًا على عَلَمٍ) بستِّ جهاتِ

يا نارُ
كُوني مثلما عوَّدتِنا
إن ما احترقتُ
فلن أرى الآياتِ

يا نارُ
كُوني...\
تلكَ معجزتي أنا
والمعجزاتُ هنا بغيرِ نجاةِ

لي من علاماتِ النُّبوَّةِ
خَلوةٌ
كابدتُها في الغارِ والأبياتِ

صمتي يُبَسْمِلُني
وتتلوني الرُّؤى
فيما تيسَّرَ إثرَ كلِّ صلاةِ

(جبريلُ) لم ينزِلْ ولم أعرُجْ بهِ
فتنزَّلَتْ...
وعرجتُ...
بالكَلِماتِ

مُتلبِّسًا بالأرضِ
تَضبِطُني السَّما
وأنا التُّرابيُّ المُدانُ بذاتي

أرضى بنصفِ البوحِ...
نصفِ الصَّمتِ...
نصفِ الموتِ...
نصفِ قصيدةٍ.. بحياةِ

ما زالَ يَنقُصُني حضوري كاملًا
من غيرِ ما نفيٍ ولا إثباتِ

ما زالَ يكتبُني الحنينُ
مسافرًا
وأنا بلا سُفُنٍ ولا مِرساةِ

أنا والحقائبُ والقصيدةُ
وحدَنا
نتقاسَمُ الغُرُباتِ في الغُرُباتِ

تُبنا عن السَّفرِ البعيدِ
ولم يتُبْ، بعدُ، الطَّريقُ
عن الطَّريقِ العاتي

قلنا:
غدًا يأتي الَّذي لم يأتِنا..
كم ألفِ ”قلنا...“ في انتظارِ الآتي!

هذي محطَّتُنا الأخيرةُ...
هذهِ!
فلِمَ القطارُ يصيحُ بعدَ فواتِ؟!

يا صاحبَيَّ
- وما هنالكَ صُحبةٌ -
عُوجا على الأحياءِ لا الأمواتِ

حَسْبُ (امرئِ القيسِ) ابتكارًا
أنَّهم سَنُّوا - على عاداتِهِ - العاداتِ

أمَّا أنا
فليَ الكلامُ مجرَّدًا من زِيِّه الملَكيِّ في الحاراتِ

لا أعرفُ (ابنَ خَذامَ)
[لا أعرفُ (ابنَ خِذامَ)...
لا أعرفُ (ابنَ خُذامَ)...
لا أعرفُ (ابنَ خزامَ)..........
لا أعرفُ (ابنَ خدامَ)..........]
حتَّى أحتفي
*بخرائبٍ و*مقابرٍ ورُفاتِ

كفرًا بأصنامِ النُّحاةِ ونَحوِهم
علَّقتُ أخطائي
برأسِ نُحاتي

الآنَ
تكتبُني القصيدةُ سالِمًا
ويُكسِّرُ النُّقَّادُ تفعيلاتي

متفاعلن | فعلن | فعولن | فاعلن
لهمُ الذي لهمُ
ولي شطحاتي

كانَ اليقينُ قصيدةً محفوظةً
والشِّعْرُ لم يَكُ، بعدُ، من مَلَكاتي

آمنتُ بالشِّعرِ المُعلَّبِ مرَّةً
وكفرتُ آلافًا من المرَّاتِ

الآنَ...
- هذا ”الآنَ“.. لا من قَبلِهِ -
سأجوسُ في شكِّي بغيرِ أناةِ

الآنَ...
- هذا ”الآنَ“.. لا من بَعدِهِ -
سأُعيدُ رسمَ خريطةِ الچيناتِ

هذا زمانُ الشِّعْرِ...
كم من شاعرٍ
قد أجبرَ الدُّنيا على الإنصاتِ!

في الأرضِ ألفُ قصيدةٍ وقصيدةٍ
أخشى أدوسُ الشِّعرَ.. بالخطواتِ!!

يا ربِّ
لم أعجلْ إليكَ
لعلَّني آتي وتتبعُني شعوبُ حُفاةِ

كلُّ الَّذينَ على الطَّريقِ تشتَّتوا..
وحدي
جمعتُ شتاتَهم وشتاتي

ولأنَّ كلَّ حقيبةٍ
مملوءةٌ بقصيدةٍ
مملوءةٍ من ذاتي،

... رفضتْ مطاراتُ الوصولِ وصولَنا
لزيادةِ المعنى عن الكلماتِ

وطنُ الغريبِ: حقيبةٌ منفيَّةٌ
وطني الغريبُ: دفاتري ودواتي

أمشي إليَّ
وكلَّما (...)، أنكرتُني
وزهدتُ
- كي لا يزهدوا -
في قاتي

أمشي لأَعرِفَ.\
تلكَ وجهةُ خطوتي..
لو أنَّ للخطواتِ ذي وجْهاتِ

زَوَّادتي: شغفي القديمُ بغامضٍ
ما جعتُ
إلَّا والتقمتُ فُتاتي

خَلْفي
مُشاةٌ يرصدونَ مسيرتي.
فإذا التفتُّ مشيتُ خلفَ مُشاتي

أجري
ونَعْلي تحتَ إبطي
أينما سارتْ بيَ الأرضُ، انتعلتُ فَلاتي

لم أنشغِلْ قبلَ الطَّريقِ بطَرقِهِ..
آمنتُ بالصَّحراءِ
دونَ هُداةِ

راودتُ ظلِّي
حينَ أغرانا السُّرى
لا حينَ راودَني
من المرآةِ

درَّبتُ نفسي
أن تُسابِقَ نفسَها
ونسيتُ مَن سيفوزُ في الجولاتِ

لا أَسألُ العَرَّافَ
أين أنا غدًا..
فغدًا تُجيبُ قصيدتي
ورُواتي

يبقى على الطُّرُقاتِ مِنِّي
عَثرةٌ
يأوي لها الماشونَ في الطُّرُقاتِ

من أربعينَ التِّيهِ
حتَّى هجرةِ الغرباءِ
حتَّى (…)
لن أُعُدَّ شَتاتي

ظَمِئَ (الحُسينُ) على (الفُراتِ)
فمَن أنا
حتَّى يجودَ (النِّيلُ) بالرَّشَفاتِ؟!

بي فخرُ نرجسةٍ
تقولُ لرَوضِها:
ما كنتَ
لولا النُّبلُ في مأساتي

لم أقترِفْ عَطَشًا
لأشرَبَ... توبةً؛
يا (كَرْبَلاءُ)
حشدتُ جيشَ سُقاةِ

وحدي
على عتَباتِ ملحمتي الَّتي
سفكتْ دمِي وحدي
على العتَباتِ.


الآراء (0)   

دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: