مُقترِباً من سِدرةِ الضّوء - حسن المقداد | القصيدة.كوم

شاعر وكاتب لبناني (1992-)


2016 | 0 | 1 | 0



لا أسمعُ الغيبَ
أُرخي دمعةً لأرى
فالشِّعرُ طفلٌ يحبُّ الحُزنَ
والسَّهَرا

أمشي على الأرقِ المشدودِ
بينَ أسىً بادٍ عليَّ
وخوفٍ في دمي استَتَرا

حظِّي من الكَشفِ
قنديلٌ يرافقُني في سكّةِ اللّيلِ
حتّى أمسكَ القَمَرا

لِمَن أُشَكّلُ في عينيَّ أُغنيَتي؟
لمن أفكُّ شُجُوني
شهقةً.. وَتَرا؟

شاهدتُ نجماً
وحينَ اجتزتُ عتبتَهُ
هزَّ الغيومَ أمامَ اللّيلِ وانكَسَرا

أريدكَ الآنَ سرّاً أو علانيةً
يا سيدَ الرّمزِ
حتّى أسبقَ الشُّعَرا

كأجملِ العابرينَ الخضرِ في رئتي
لكَ الطّيورُ ولي أن أُشبِهَ الشَّجَرا

لكَ النّبوءةُ
لي خيطانِ مِن لغتي
لك الكتابُ
ولي أن أتلوَ السُّوَرا

وقفتُ بالبابِ.. فأذنْ لي
لقد تعبَ الوردُ الدِّمشقيُّ
حتّى آثرَ السَّفَرا

معي بقيّةُ أورادي
وذاكِرَتي
معي البكاءُ
معي: والليلِ حينَ سَرى

معي عذوبةُ شيخِ الغيمِ
غربتُهُ
معي طفولةُ شيخِ القمحِ
مذْ كَبُرا

أنا ابنُ أمٍّ حَكَتْ لي عن معلِّمِها
أنا الصّغيرُ الذي رافقتَهُ عُمُرا

كانتْ تحدِّثُني عن سيّدٍ
يدهُ غوثُ المساكينِ
يدعى البَحْرَ
والمَطَرا

كانتْ تقولُ بأنَّ اللهَ حمَّلَهُ
سرَّ النبوءاتِ
حتّى أنسَنَ البَشَرا

وأنّهُ خيرُ خلقِ اللهِ
قلتُ بلى
وخيرُ من تطربُ الأفكارُ إن ذُكِرا

أمّي التي علّمتنيْ القُربَ غائبةٌ
وقد يغيبُ وراءَ الحُجْبِ
من حَضَرا

لا يمهلُ الموتُ أهلَ الحبِّ كي يَصلوا
سبحانَ من صبَّ فيهِ الخوفَ والكَدَرا

قد حمَّلتنيْ سلاماً لا أُضيِّعهُ
فخذهُ من سوسنِ الأحداقِ
مُنتَثِرا

يا مَن طوى السّبعَ في المِعراجِ
مُقترِباً من سِدرةِ الضَّوءِ
مسَّ الضَّوءَ وانهَمَرا

محمّدٌ
وارتدى التّاريخُ جبَّتَهُ
ليلتقي من ببالِ الكونِ قد حُفِرا

من ظلّلتهُ كفوفُ الغيمِ
من مَشَتِ الأزهارُ في إثْرِهِ
من أنطَقَ الحَجَرا

لم يبرحِ الغارَ حتَّى قالَ زائرُهُ
إقرأْ فأحيا قلوبَ الخَلْقِ حينَ قَرَا

تروي خديجةُ
أنَّ الرّجفةَ انحسَرَتْ
عن هاشميٍّ يقودُ البَدوَ والحَضَرا

يروي الملاكُ
بأنَّ الرّوحَ أيَّدَهُ
لا خافَ في رحلةِ المَعنى ولا فَتَرا

يروي الصَّحابةُ
أنَّ الزهدَ سيرتُهُ
وعن عدالتِهِ قيلَ اسألوا "عُمَرا"

ما قيلَ أكثرُ ممَّا حاوَلَتْ لُغَتي
والمُستحيلُ
هو الإمكانُ إن كَثُرا

فانظرْ إليَّ قليلاً إنَّني خَجِلٌ
عذري أمامَكَ أنِّي جئتُ مُعتَذِرا

عذرُ الكناياتِ أنَّ النقصَ يُمسِكُها
عذرُ التَّشابيهِ أنَّ الحرفَ قد قَصُرا

ولستُ "كعباً"
ولا "حسّانُ" يعرِفُني
ولستُ "شوقي"
ولم أُحسبْ من الأُمَرا

لكنّني جئتُ علَّ اللهَ يَكتُبُني
من "الذينَ"
فلا أغوى ولا كَفَرا




القصيدة الفائزة بجائزة كتارا لشاعر الرّسول ٢٠١٨


الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)