لنهرٍ عميق اللون -في الليل- أركعُ
خيالي
قناديلٌ إلى الغيب ترفعُ

تراودني الأشجانُ حتّى أصدّها
تراودني عيناكِ لا أتمنّعُ

ولن تفتحَ الأبواب
لستُ بيوسفٍ
وإن كانت الأيدي عليَّ تقطّعُ!

عن القلقِ المجنون صامت وساوسي
أنا الآنَ قدّيسٌ وعيناكِ مرفعُ

ضعيني على الجيد الخجول قلادةً
فلا النّهرُ يهجونا ولا الأفقُ يمنعُ

ستمدحنا الأشجار فالعشقُ ريّها
بهِ أغنياتُ الحور في الصيف تفرعُ

خذي نحو معناكِ البعيد
قصائدي
حنيني لتصريعِ اللقاءات مطلعُ

تصيّرني هذي اللقاءات قبلةً
على كلِّ أفواه الضّفاف توزّعُ

فمٌ واحدٌ في الكون يكفي لجمعها
تقولينَ للوادي:
أغار
فتجمعُ

أنا ما يقول الماء إن باح سرّهُ
لذلك شعري حينَ أدعوه ينبعُ

أنا العاشقُ الليليُّ
عيناي شامةٌ على سرّةِ العتمات
والنّاسُ هجّعُ

وليلي يرشُّ الزهر حولي
وأنتِ من ترطِّبُ أزهارَ الخيال فتينعُ

غريبان في الوادي
أنا وابنةُ السنا
نسافرُ في فوضى الحواس ونرجعُ

هواءٌ خفيفُ الروح
سحبٌ نقيّةٌ
كبيضاءِ موسى:كلُّ خيطين إصبعُ

سماءٌ بلا سقفٍ
نجومٌ طريّةٌ
رذاذٌ بطعمِ الماء
وادٍ مشرّعُ

عرائشُ يكسوها الرّبيعُ انتشاءهُ
ولا خمرَ إلا العشق
والجوُّ مترعُ

شذا يسكن الأشياء
عطرٌ منمّقٌ
ندى الأرض ضوّاعٌ وما فيك أضوعُ

تعالي لنهدي النهر بعضَ اشتعالنا
لينسابَ من عشقين نهرٌ مولّعُ

وقدّي قميصَ البعد
عشرينَ قبلةً
ليشهد طفل الوحي ما ظل موضعُ

وينطقَ
لا في المهدِ
بل في قصيدتي
جريئاً شغوفاً بالتفاصيل يطلعُ

ليَ الجسدُ الفضّي
في كلَّ ومضةٍ من الوصلِ تنزاحُ الظّلال فيلمعُ

ليَ الخصرُ
قبلَ الضّم طفلٌ مشاكسٌ
وكيف بغير الضّمِّ خصرٌ يطوّعُ

ليَ الشامتان السود
لي وردةُ اللمى
ليَ القلبُ لا تكفي لتحميه أضلعُ

ليَ الخمرُ والسّاقي
وكاسات لهفتي على وسعِ هذا الأفق
والسُّكرُ أوسعُ

ولي أن أفكَّ الليل قبلَ انعقادهِ
ولي أن أخلّي النّهر يصغي فيسمعُ

ولي ثقةُ الرّائين: غيبي موضّحٌ
ولي جرأةُ الأحرار: خوفي ممزّعُ

ولي لغةٌ أنثى بكلِّ طباعها
مزاجيّةٌ في الحب
تعطي وتمنعُ

ولي عفّةُ النسّاك
ما المالُ والدّنى؟
ولي رغبةُ العشّاق
بالوصلِ أطمعُ

ولي قلبُ عصفورٍ صغيرٍ
يحثّهُ حنينٌ إلى دفءِ البلاد
فيسرعُ

بلادي اكتمال النون
والنون نسوةٌ
فلو لم تكن ما كان مشطٌ ومخدعُ

ومذهبُ قلبي الحب
هل تلكَ بدعةٌ؟
تعالي إذن
لا بأسَ إن قيل مبدعُ