دموعيَ
أم فجّرَ الحزنُ نهرا
وقلبيَ
أم أَوقدَ الشوقُ جمرا

تخُورُ قِوى البحرِ دونَ الوصالِ
يؤرجِحُهُ البدرُ مَدّا وَجَزْرا

بلى متعبٌ،
كلُّ شيءٍ حواليكِ مثلي
فلو لا أُحَمَّلُ إصرا

تمنيتُ لو مطلعي غيرُ عُسْرٍ
ولا بأس
إنّ مع العسرِ يُسرا

وداليةٍ منذ أن مَسَّها البعدُ
يسكنُها الشوقُ قلبًا وفكرا

وأنتِ لها الماءُ والضوءُ والريحُ
كيف ستعصرُ إلّاك خمرا؟!

تذوّقتُ هجرَكِ حتى تعوّدتُ
أنْ أحتسي بُنَّ ذِكراكِ مُرّا

وجاذبني حبُّكِ الصعبُ حتى
أُسَرُّ إذا ظَلَّ بوحُك سِرّا

فلستُ أرومُ من الحبِّ فوزًا
وإنْ كنتُ في سُبُلِ الفوزِ أدرى

ولكنّ أسوَأَ ما يَعتري المرءَ في حبّهِ
أنْ يحقّقَ نَصْرا

كلانا، وأرّقنا الليل
حتى صَحِبْناهُ
لولا تَفَتَّقَ فَجْرا

فليس يُقالُ بنا صامتانِ
وصمتُك خَطَّ
وصمتيَ يَقْرا

وليس يُقال بنا مُظلِمانِ
فسبحان من في المساءات أسرى

رأيتك في كلّ وجهٍ أمامي
كأنك بيضاءُ، سمراءُ، شَقرا

وحمراءُ جنّةُ خدّيكِ، كيف
يقولون إنّ جَهنّمَ حمرا؟!

فغيبي لكي يَرجعَ العُشبُ صحراءَ
عودي لكي تَنبُتَ الأرضُ خضرا

وقولي
فلا غيرُ صوتِكِ في النثرَ
يُقنِعُني أنْ أسمّيهِ شِعرا

وإنّي وإنْ خاضَ بي الشِعرُ خوضًا
فلن أستطيعَ معَ الشِّعرِ صبرا

أراه إذا شبّهوه بشيءٍ
ففي الصخرِ غَرْفًا
وفي الماء حَفْرا

رحلْتِ
ولا عذرَ في ما رحلتِ
فلا تطلبي مِن ظنونيَ عذرا

ولا تعْتَبي إنْ صَمَتُّ قليلًا
فإنيَ بالصمتِ أدرى وأدرى

فلستُ مُقِلًّا وفي الجفن شوقٌ
يسيلُ على صفحةِ الوجه حِبرا

ولا آيسًا من رجوعِك
ما دام عطرك في خاطرِ الريحِ بُشرى

كم استنفدوا يوسُفًا في القصائد
خاضوا حَكاياه سطرًا فَسَطرا

وقصتُهُ رُغمَ كلِّ الفتوحات
لمّا تَزَلْ في الحقيقةِ بِكرا

أقولُ وأعلمُ أنْ لا جديدَ
فحسبُ الذي قيلَ مِن قبلُ ذِكرا

لِغدرِ أخيك الزمانِ
أهيّئ قلبي ملاذًا
وأحويك بئرا

حملتُ
وقد قيل حِملٌ ثقيلٌ
ولستُ أرى من حبيبيَ وِزْرا

أجيئُك رغمًا عن الرُّغم
وَردًا تَشَرّبَ من ذكرياتك عطرا

وَفاحَ
فما نحلةٌ في المكانِ توافيه
إلا وترجعُ سَكرى