بيان من إخوة يوسف - همام يحيى | القصيدة.كوم

شاعرٌ فلسطينيٌّ (1986-) وطبيبٌ مختصٌّ في الطبِّ النفسي. باحثٌ بالفكر والفلسفة.


2730 | 0 | 2 | 3




مديدونَ نحنُ
كأشجارِ سروٍ
كثيرون نحنُ
كعشبٍ على ضفةِ النهرِ
كثيفونَ نحنُ
كنحتِ الخطيئةِ في البالِ
أكبرُ نحنُ من الحبِّ
أكبر من أن توزّع مصروفَنا في الصباحِ وتخطئَ عمداً
وأكبر من أن تقولَ كلوا قطعة اللحمِ عني .. شبعتُ
وأكبر من أن تقولَ لنا تصبحون على خيرْ
وتعبرُ أسماءَنا مسرعاً 'يا بَنِيَّ' ..
ونملأ عينَك حيثُ نظرتَ
لذا .. لا ترانا ..

يا أبانا ..
أيلعبُ يوسفُ في شارعٍ مثلنا
أيغبِّرُ غرّتَهُ .. أو يهشّمُ ركبتَهُ
أيحدّقُ في بنتِ جارتنا
وهْي تدفعُ مُهرينِ من عِطَش ٍ قبلَها
وتسحبُ في إثرِها جرَّتَي فتنةٍ
وضبابَ اشتهاءْ
أيخلو بصَبوتِه مثلنا في المساءْ
أينجبُ في الليلِ آلافَ أطفالِه من زواجٍ مع الأخيلةْ
لِمَ الكلُّ لهْ
لِمَ الحُبُّ لهْ

فأرسلهُ معْنا غداً يا أبانا
نريدُ له أن يكونَ .. ولو مرّةً .. مثلنا
ونكونَ .. ولو مرّةً يا أبانا .. سوانا

أتخشى عليه من الذئبِ؟
لا ذئبَ ثَمَّ
سوى ما تراكم في جوفنا من حجارةْ
سوى ما دهنتَ على فمنا من مرارةْ

سننساكَ .. ننسى أبانا القريبَ
ونذكرُ أنّا بنو آدمٍ
ونَقرَبُ شجْرتَكَ المُحصنةْ
سنأكلُ قلبَكَ .. ذاكَ المُطرَّى ليوسفَ
لا ما قسمتَ لنا من حجَرْ
سنُنزلُ للبئرَ هذا القمرْ

ألقِ بِهِ .. فالأماني ندمْ
ألقِ بِهِ .. لا تُسائل يديكْ
ألقِ بِهِ .. نحنُ في البئرِ منذ خُلَقنا نَحُكُّ الألمْ
ألقِ بِهِ ..
إن يكن قمَراً فليطرْ للسماءِ ..
بعيداً عن البيتِ
عن حيِّنا
عن أبينا
عن عيونِ تلهّفنا
عن الكسرِ في جوفنا
عن الشرخِ في سقفنا
عن الضعفِ في دمنا

عن بناتِ الجوارِ
وعنّا ..
فليطِرْ للسَّما .. أو يَغِبْ في الحُفرْ

ألقِ بِهِ ..
وقُلْ لأبيك هو الذّئبُ ..
واستُر مجازَ الخطايا قميصاً مُدمَّى
سيصبحُ يوسفُ في البئر .. مثلي ومثلكَ
وأبونا سيصبحُ .. مثلي ومثلك .. أعمى

أبانا ..
أبانا ..

أتذبحُنا يا أبي مرتينِ
حبسْنا عن الدربِ أنوارَ يوسف
حتى ترانا
.......

فأطفأتَ عينيكَ
كنّا نشاركُ يوسفَ فيكَ
كنّا تفاصيلَ في المشهدِ
كنّا على حافة البدرِ سربَ كواكبَ
كنتَ تمرُّ بعينيكَ فينا
ولو هرباً من توهّجِ يوسفَ ..

أطفأتَ عينيكَ
علّقتَ صورتَهُ
وتجمّد فينا الزمنْ

أبانا ..
أعدْنا لعينيكَ
سامحْ توهمَنا أن ميلَ الوجودِ تعدِّلُهُ أذرعٌ من خطأْ
أو صوابْ
تجاوزْ عن الطفلِ فينا
فلن نبرحَ الأرضَ حتى
تلقّنَنا أنها غيمةً من ظمأْ
وسرابْ

وتاللهِ نفتأُ نذكُرُ يوسفَ
حتى يضجَّ بنا وعلينا الترابْ
وتصرخَ سنبلةٌ مثقلةْ
قبلَ ثانية ٍ من تهشّمها على أضرُسِ البقراتِ العِجافْ
كليلاً سيطوَى كتابُ الزمانِ
كليلاً كتابُ الزمان ابتدا

أبانا ..
ألا اغفرْ لنا .. وسنغفرُ لكْ
وخرّوا له سُجّدا






الآراء (0)   


دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: